شكل موضوع الجهوية محور المناقشات التي جرت ضمن أشغال المؤتمر ال26 لصحافيي ضفتي مضيق جبل طارق، التي انطلقت مساء الخميس بمدينة طنجة بمشاركة صحفيين وباحثين مغاربة وإسبان. واعتبر المتدخلون خلال جلسات النقاش خلال المؤتمر، الذي تنظمه الجمعية المغربية للصحافة بتعاون مع جمعية صحافيي منطقة جبل طارق، أن الجهوية تعد خيارا استراتيجيا لتكريس الديموقراطية المحلية عبر منح اختصاصات واسعة لهيئات منتخبة محليا، مع احتفاظ الدولة المركزية بالاختصاصات السيادية . وأشار الباحث الإسباني فليكس دوكي، في هذا الصدد إلى أن الجهوية في النظام الإسباني انطلقت من إرادة شعبية لمنح الأقاليم المتجاورة والمتجانسة حكما ذاتيا، مشيرا إلى أن التجربة الجهوية في إسبانيا كانت متفاوتة بين الأقاليم، وجاءت في سياقات مختلفة. وأبرز في إطار استعراضه للمحة تاريخية حول تطور الجهوية في إسبانيا، أن الحكومات المحلية الإسبانية لم تكن تتوفر، قبل منتصف التسعينيات، على الاختصاصات ذاتها في علاقتها مع الحكومة المركزية، التي احتفظت بالصلاحيات السيادية، التي تتضمن إدارة الجيش والعلاقات الدولية والعملة. وأوضح أن الخريطة الإسبانية المشرعة والدستور المنفتح مكن بعد ذلك من ضمان المساواة في الاختصاصات بين الأقاليم، وإقرار نظام تمويل مستقل عبر الرفع من تحويلات الضرائب إلى الحكومات المحلية إلى فوق 50 في المائة. ومن جانبه، تحدث عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمدينة طنجة السيد أحمد يحيى، عن الآليات القانونية لترسيخ الجهوية كنظام حكم لا مركزي، مبرزا أن الجهوية رهان الدولة المغربية للتنمية الاقتصادية، التي تعتبر الجهة قاطرة للتنمية. وأشار في إطار دراسات مقارنة للقوانين الدولية في المجال، إلى الآليات الداعمة لمؤسسة الجهة والآليات المكملة للجهات، وضرورة تفعيل مجموعة من الإجراءات المكملة لإنجاح المرور إلى الجهوية.أما الباحث الجامعي حميد أبولاس، فقد تحدث من جانبه عن نتائج دراسة حول اللامركزية السياسية والإدارية بإسبانيا والمغرب، أنجزت بالتعاون بين جامعة عبد المالك السعدي وجامعة قادس، وبتمويل من الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي. واعتبر أن هذه الدراسة تضمنت وجهات نظر مختلفة حول مستقبل الجهوية بالمغرب وإسبانيا على ضوء توزيع الاختصاصات بين سلطات المركز والحكومات المحلية، كما تضمنت تحليلا لتجربة الجهات بالمغرب. وقد أكدت باقي المداخلات أن نظام الجهوية بالمغرب ينبغي أن يأخذ بعين الاعتبار مستقبلا التشبث بالمقدسات، ويلتزم بالتضامن بين الجهات، ويعتمد التوازن والتناسق في الصلاحيات والإمكانات، ويتفادى التداخل والتعارض في الاختصاصات. وتجدر الإشارة إلى أن هذا المؤتمر يعرف مشاركة قرابة 28 صحافيا من إسبانيا والمغرب، بالإضافة إلى باحثين جامعيين وخبراء مغاربة وإسبانيين وسياسيين ومنتخبين محليين بالبلدين.