المتتبع للطريقة التي تم بها تدبير إعداد التقرير الوطني حول تقييم تطبيق المغرب لخطة عمل اتفاقية بكين + 15 حول المرأة، لا يمكن أن يستنتج إلا أننا أمام تقرير مهرب . ولا يمكنه بذلك إلا أن يتساءل عن المضامين التي تضمنها ذلك التقرير، الذي من المتوقع أن تعرضه وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن نزهة الصقلي بداية من اليوم في الأممالمتحدة، ودفعها إلى المراوغة المستخفة بالمغاربة وبالمؤسسة التشريعية وبالمجتمع المدني خصوصا. التقرير الذي ستقدمه الوزيرة في إطار الدورة ال45 للجنة الأممالمتحدة للنهوض بأوضاع المرأة بنيويورك خلال الفترة ما بين 1 و12 مارس 2010، تقول عنه إن إنجازه تطلب 9 أشهر من العمل والتهيئ التشاركي والتشاوري مع جميع المتدخلين. لقد حرصت الوزيرة بالفعل على إضفاء صبغتي التشارك والتشاور الواسعين على تقريرها، خاصة مع المجتمع المدني ومع البرلمان ومع القطاعات الحكومية المختلفة قبل أن تختم بتوقيع الحكومة، وذلك حتى يكون تقريرها تعبيرا عن المجتمع المغربي ومن ثم ذا مصداقية عالية. لكن عمليات التشارك والتشاور المزعومة لم تكن في العمق سوى شكل من أشكال التوظيف الشكلي لمعظم تلك الأطراف وخاصة المجتمع المدني الذي تكون لمشاركته في المنتظم الدولي دلالة خاصة. لقد عرض موقع الأممالمتحدة، الخاص بدورة المرأة بيكين + 51, نسخة من التقرير الوطني المغربي قبل ما يزيد عن شهر من نهاية عمليات التشارك والتشاور. وردت الوزارة في بلاغ على إثارة الملاحظة حينها من قبل بعض وسائل الإعلام، بالقول إن التقرير ما يزال في طور التحضير وإنه سيعمم خلال شهر فبراير قبل تقديمه، دون أن تكذب ما نشر في موقع الأممالمتحدة. فما الذي وقع بعد ذلك؟ كان جواب الوزيرة، كلما سئلت عن التقرير جاهزا، وهو أنه في طور الإنجاز! قبل أن تتأبطه إلى الأممالمتحدة دون أن يتم تعميمه، بل لم تتوصل به حتى الجمعيات التي وظفت أسماؤها ضمن الموقعين عليه! كانت أول المحطات التي أثارت الشكوك حول منهجية الصقلي هي أحد اللقاءات التي حضرتها بعض تلك الجمعيات، إذ أكدت الصقلي أنها سوف تكتفي بعرض ما أسمته حينها بالخطوط العريضة للتقرير، موضحة أنه لن يتم توزيعه في اللقاء في انتظار استكماله، (وحصلت التجديد حينها على نسخة من العرض)، على أن يتم تمكين الجمعيات من نص التقرير النهائي لاحقا. وكان أغرب ما وقع في ذلك اللقاء هو طلب مصادقة تلك الجمعيات على ما عرض عليهن! ورفضت الجمعيات المصادقة على محاضرة الصقلي التي وجدت حرجا كبيرا في انتزاع خاتم الجمعيات ووعدت الحاضرات بالتوصل به وطلبت منهن إرسال الملاحظات على ما تم عرضه!