قال عدد من الفاعلين في الحقل السياسي والخبراء في السياسة الدولية إن الخطاب الملكي في ذكرى المسيرة الخضراء ، يشكل منعرجا قويا في قضية الصحراء، وفي المواقف السياسية المرتبطة بها. ووصف سعد الدين العثماني الخطاب الملكي بمنسابة ذكرى المسيرة الخضراء بالخطاب التاريخي بكل المقاييس، مشددا على قوته بالقول: لقد كان خطابا قويا في عباراته وفي الألفاظ التي اختارها، وعبر عن مواقف سياسية قوية لصالح الوحدة الترابية للملكة، وكنا دائما نتمنى أن تكون الدبلوماسية المغربية قي مستوى ترجمة هذه القوة في المواقف لدى أعلى سلطة في البلاد، يضيف العثماني. واعتبر العثماني رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية أن الخطاب، على المستوى العملي، طالب الأحزاب السياسية والنقابات والجمعيات للحضور أكثر في ملف الصحراء، مضيفا أن الحضور المطلوب يمكن أن يتجلى في مستويين أساسيين، أولا على مستوى التأطير والحضور السياسي في الأقاليم الجنوبية، وهذا يعد من مسؤولية الأحزاب السياسية بشكل مباشر، مسؤولية مناضليها في الأقاليم الجنوبية، ومسؤولية هياكل هذه الأحزاب السياسية وهي مسؤولية تتجلى، حسب العثماني، في القيام بأنشطة ومبادرات تواصلية، مضيفا أن المستوى الثاني في حضور الأحزاب السياسية هو مستوى العلاقات مع الأحزاب السياسية الشبيهة والصديقة عبر العالم، معتبرا أن إقناع الأحزاب السياسية بالمبادرة المغربية للحكم الذاتي، ووضعهم في الصورة لتطورات ملف الوحدة الترابية مهم جدا، لكي تؤثر هذه الأحزاب في مواقف دولها وحكوماتها، وهو ما قام به حزب العدالة والتنمية من جهد مقدر، على غرار أحزاب سياسية وطنية أخرى. واعتبر سعد الدين العثماني أن توسيع الجهوية وإعادة هيكلة المجلس الاستشاري لشؤون الصحراء، وتغيير مجال اشتغال وكالة تنمية الأقاليم الجنوبية، مبادرات سياسية قوية ومهمة، تعطي للساكنة ومناطق الأقاليم الجنوبية أهمية كبيرة، ونتمنى أن تقوم المؤسسات المعنية بتفعيلها، مضيفا أن الحديث بوضوح عن الخط الأحمر في قضية الوطنية أمر مهما جدا لوضع الحد للازدواجية في الاستفادة من حقوق الوطنية وحرية التعبير، وفي نفس الوقت التآمر ضد الوطن، وهو ما يوجد، حسب العثماني، في كل دول العالم، التي تضع خطوطا حمراء في قضية الوطنية. من جانبه اعتبر تاج الدين الحسيني، الخبير في السياسة الدولية، أن الخطاب الملكي جاء ليضع النقط على الحروف في التعامل مع بعض التجاوزات التي تمارسها بعض الفئات، في مواقف ذات طبيعة انفصالية وخيانية تهدف إلى المساس بوحدة الوطن وسيادته التي هي مبدأ مقدس في أي دولة ديمقراطية. مضيفا أن الخطاب يشكل منعطفا يتمثل في التسطير على عدم وجود أي إمكانية للتعايش فيما يسمى بالمنزلة بين المنزلتين، وبين الوطنية والخيانة. واعتبر الحسيني محاكمة من يمس بالوحدة الوطنية ومقدساتها أمرا لا يتعارض مع الحرية والديمقراطية، بل هي تدخل في صلب الديمقراطية كما هو الحال في أي دولة من الدول الديمقراطية في العالم نموذج أمريكا التي حاكمت أناسا سربوا معطيات لحليفها إسرائيل. وأكد الحسيني على أن الخطاب أبرز نية المغرب إذا لم يسارع المجتمع الدولي إلى قبول المبادرة المغربية للحكم الذاتي- الشروع في تطبيق هذا النهج، مضيفا أن الخطاب ركز على أن هذا المخطط يبتدئ بتطبيق ديمقراطية محلية قائم على جهوية متقدمة تكون نموذجا لباقي الجهات الأخرى في التراب المغربي. واعتبر الحسيني أن هذه التوجيهات يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار في التنمية الاقتصادية والتنمية البشرية والعملية الدبلوماسية، مضيفا أنه يجب تجاوز الدبلوماسية التقليدية لصالح دبلوماسية ذات طبيعة متعددة المجالات فيها الدبلوماسية الاقتصادية والدبلوماسية البرلمانية ودبلوماسية مؤسسات المجتمع المدني، باعتبارها، يضيف الحسيني، الأكثر نجاعة في الإقناع ومواجهة الحملة الشعواء التي أفرزها اختراق المجتمع المدني لبعض الدول من قبل الجمعيات الانفصالية. ودعا الحسيني الحكومة المغربية إلى فتح ورش عملاق لبناء مساكن جاهزة تحمل أسماء الأسر المحتجزة في تندوف كإعلان عملي عن تطبيق العفو الذي أصدره المغرب منذ سنوات، تسهم أجهزة الإعلام في التبشير بها، وهو ما سيجعل عملية العودة تتم في أحسن الظروف.