لم يعد سرا أن المغرب، ومعه عدد من الدول العربية، يتعرضون لضغوط مختلفة لاستئناف العلاقات مع العدو الصهيوني، وأن هذه الضغوط اعتمدت إشاعة وهم قرب تسوية النزاع والتلويح بإنجازات شكلية كالتجميد المؤقت للاستيطان، الذي أقبر بغقدام إسرائيل على إعطاء 366 تصريحا جديدا لبناء منازل جديدة، من أجل تسويغ هذا المسار التطبيعي الذي يراد له أن يتم، والحصار على غزة متواصل، والعدوان من أجل تهويد القدس لا يتوقف. الخطوات التي أعلنت عنها مجموعة العمل الوطنية لمساندة العراق وفلسطين تمثل الحد الأدنى المطلوب الانخراط فيها، لاسيما في ظل الظرفية الحرجة التي تمر بها القضية الفلسطينية من جهة، وتطور أساليب التطبيع والاختراق الصهيوني للمغرب من جهة أخرى. ذلك أن المتابع للوضع المغربي يقف على أربع تطورات: أولا، أن المبادلات التجارية مع العدو الصهيوني في تصاعد مستمر، تجاوزت معه الواردات عتبة 20 مليون دولار في سنة 2008, كما لم تعد في حاجة ملحة للمرور عبر دول أو شركات وسيطة، وهذا التطور أخذ يشكل مبررا في حد ذاته للضغط على المغرب لاستئناف التطبيع التجاري. ثانيا، أن السياحة الصهيونية أصبحت هي الأخرى ورقة ضغط وابتزاز للمغرب، وذلك بعد ردود الفعل المخجلة التي صدرت من قبل بعض المسؤولين على إثر القرار الصهيوني بتوجيه تحذير للصهاينة السياح المتوجهين إلى المغرب تحت داع التهديدات الأمنية، وهو ما اعتبر ضغطا لبحث شروط تطبيع أمني يتيح طمأنة الكيان الصهيوني. ثالثا، تصاعد المسار التطبيعي لبعض الفعاليات الأمازيغية المعزولة شعبيا وميدانيا، لكن المسموع صوتها إعلاميا، وهو تصاعد أخذ يشوش من الناحية الإعلامية على الموقف المغربي الموحد، خاصة في ظل صمت الجمعيات الأمازيغية المعتبرة، إلا من استثناءات محدودة كجمعية سوس العالمة عن التعبير عن موقفها الرافض لمثل هذه المواقف الشاذة. رابعا، حالة التردد والازدواجية في الموقف الرسمي الحكومي والتي لا تتجاوز حدود نفي ما يعلن من قرب التطبيع لكن دون الإعلان عن موقف رسمي واضح من الضغوط الممارسة فضلا عن التجاهل القائم تجاه ما يتم من خطوات تطبيعية ميدانية تجارية وسياحية، وكأنها تتم في بلد آخر. ما يجري يقتضي موقفا رسميا وشعبيا واضحا للقطع مع حالة الغموض والتراخي التي تستهدف تهيئة أجواء التطبيع مع الكيان الغاصب، والمطلوب اليوم هو أن تستعيد القضية موقعها كقضية ذات أولوية في برامج القوى السياسية والاجتماعية والثقافية والإسلامية كمقدمة لمواجهة الهجمة الجديدة.