خرجت جماعات من إثنية الهان الصينية التي تشكِّل غالبية السكان في الصين إلى شوارع مدينة أورومتشي المضطربة عاصمة إقليم تركستان الشرقية، وأفرادها يحملون السلاسل والمطرقات والقضبان الحديدية، باحثين عن أهداف لمسلمي الأويجور، في وقت تمَّ فيه فرض حظر التجوال على المدينة، بينما أدَّت الأوضاع في الإقليم إلى قطع الرئيس الصيني زيارته لإيطاليا؛ حيث كان من المقرر حضوره قمة مجموعة الثماني أول أمس. وعلى الرغم من فرض حظر التجوال، خرجت جماعات من مثيري الشغب من الهان الصينيين، وهم مسلحون بالسلاح الأبيض، وكل شيءٍ آخر يمكن أن يستخدموه كسلاحٍ؛ مما أدَّى إلى اختباء الأويجور في منازلهم تحسبًا لوقوع مجازر جديدة بحقهم، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية. وتمَّ فرض حظر التجوال في المدينة بعد يومين من أعمال الشغب في أورومتشي عاصمة الإقليم، والتي خلفت 156 قتيلاً، وأكثر من 800 جريح و1450 معتقلاً. وفي مشاهد إرهابية جابت عصابات من إثنية الهان شوارع العاصمة، وهم يحملون كافة أنواع الأسلحة، ويصرخون بعبارات معادية للأويجور، ويطلقون الشعارات القومية، وسار نحو عشرة آلاف شخص في أنحاء عدة من مختلف مناطق العاصمة، بعد ظهر الثلاثاء، إلا أن الشرطة منعتهم من دخول أحياء الأويجور؛ حيث أطلقت الغاز المسيل للدموع، ونصبت حواجز الطرق، ولكن المتظاهرين رفضوا التفرق. وفي مناطق أخرى، اكتفى رجال الشرطة وغيرهم من عناصر الأمن بالوقوف ومشاهدة المتظاهرين وهم يسيرون في الشوارع، ويهتفون ضد الأويجور. وأعرب الأويجور عن أسفهم وإحباطهم من معاملة قوات الأمن التي وصفوها بأنها كانت أكثر قسوة وعنفًا معهم من معاملتها للهان الصينيين، وقالوا إنهم خائفون للغاية، ولا يعتقدون أن الشرطة تستطيع حمايتهم، وأضاف شهود عيان أن كل ما تفعله الشرطة مع الهان هو دفعهم إلى الوراء، وجعلهم يتفرقون، ولكن لم يأخذوا أسلحتهم. ورغم عدم توافر تقارير عن وقوع أعمال عنفٍ كبيرة الثلاثاء، قال أحد أعضاء عصابات الهان الصينية إنه مستعد للمعركة ضد الأويجور. من جهته، تخلَّى الرئيس الصيني هو جين تاو عن خططٍ لحضور قمة مجموعة الثماني في إيطاليا، وغادر مبكرًا عائدًا إلى بلاده لمعالجة المشكلة، وقالت وزارة الخارجية الصينية في موقعها على الإنترنت إن جين تاو غادر إيطاليا عائدًا إلى الصين؛ بسبب الوضع في تركستان الشرقية. الإخوان يستنكرون في سياق متصل، استنكر المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين الدكتور همام سعيد ما يتعرض له مسلمو الصين من مجازر دموية في إقليم شينجيانغ، مطالباً الحكومات العربية والإسلامية بالضغط على هذا البلد من أجل احترام حقوق الأقلية المسلمة التي تتعرض للظلم على خلفية دينية. وأشار في تصريح له أول أمس إلى أن الحكومة الصينية يجب أن تنظر إلى تبعات انتهاكها لحقوق المسلمين على جملة علاقاتها بالعالم الإسلامي الذي تربطه بالصين علاقات ودودة قد تتضرر جراء مشاهد القتل وسفك الدماء واستمرار الانتقاص من حقوق المسلمين. وأعرب عن أمله في أن تكف الحكومة الصينية عن سياسة التضييق على المسلمين في هذا البلد وتبادر إلى منحهم حقوقهم، منبها إلى أن التبريرات التي تسوقها السلطات هناك مرفوضة خصوصاً أنها تأتي ضمن سلسلة من عمليات القتل والاعتقال والاضطهاد التي يتعرض لها الملايين من المسلمين في هذا البلد. وختم همام سعيد بمناشدة المستوى الرسمي العربي والإسلامي باتخاذ خطوات عاجلة لحماية ملايين البشر الذين تربطنا بهم أخوة الإسلام، كما دعا منظمات حقوق الإنسان ووسائل الإعلام إلى الاهتمام بأمر هذه الأقلية المسلمة المضطهدة. ويشكو ناشطون من الإيغور من التضييق على الحريات الدينية للمسلمين، وتشجيع الصين للهان على الاستقرار في إقليمهم، حيث باتوا ينافسون السكان المسلمين في الفرص الاقتصادية. وبحسب تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية بثته الخميس الماضي، يشكو العديد من مسلمي الإيجور من تضييق السلطات عليهم في المطارات وحظر سفرهم في أحيان كثيرة بدعوى تأمين دورة الألعاب الأولمبية ضد أي تهديدات إرهابية محتملة. استعراض للعضلات من جانب آخر، انتشرت العربات المدرعة والشاحنات التي تحمل آلاف الجنود الصينيين في الشوارع التي خربتها أعمال الشغب في عاصمة إقليم شينجيانغ وبدأت في بث الدعاية التي تحث على الوحدة العرقية. لكن القلق من إمكانية التعايش مازال يسيطر على بعض سكان أورومتشي. وابتهج أبناء عرق الهان الذين قالوا إنهم لايزالون يشعرون بالتهديد من أحداث العنف التي وقعت يوم الأحد باستعراض القوة الذي تقوم به بكين والتقطوا صورا للقوات التي تجوب المدينة. بينما ظهر التوتر على وجوه السكان من اليوغور. وقالت امرأة من اليوغور تدعى عديلة هذا يجعلني أشعر بالخوف وأظن القصد هو هذا...ماالذي يمكن أن نفعله أمام عدد كبير من الجنود؟. وقال لي تشي رئيس الحزب الشيوعي في اورومتشي الأربعاء إنه سيسعى لمعاقبة مثيري الشغب الذين لجأوا إلى وسائل وحشية وقتلوا الناس في شوارع المدينة المقسمة بين اليوغور والهان بالإعدام. ومر طابور قوات الأمن والعربات المدرعة والشاحنات الذي وصل طوله إلى عدة كيلومترات وهي تبث الدعاية للوحدة العرقية من مكبرات الصوت طوال نحو نصف ساعة في منطقة سايماتشانغ التي يسكنها اليوغور وحيث تظاهرت مئات النساء الثلاثاء. وحلقت طائرات الهليكوبتر على ارتفاع بضعة أمتار من أسطح المنازل وألقت بالمنشورات الدعائية فوق الجموع التي وقفت بالمئات لمشاهدة قوات الأمن التي تمر في المنطقة. وأخذ الجنود الذين يستقلون الشاحنات حاملين بنادقهم ودروع فض الشغب يرددون شعارات داعية للوحدة بينما حملت بعض الشاحنات لافتات مكتوبة بالصينية قالت إحداها الانفصاليون يجلبون الخراب على البلاد والشعب. وقالت عديلة وهي من اليوغور إن الشرطة احتجزت زوجها يوم الاثنين رغم أنه كان قد وصل للتو من مدينة يلي في شينجيانغ حيث يعمل سائقا لشاحنة. وأضافت إنه يعمل عند رجل من الهان لكنني لا أعتقد أننا يمكن أن نعمل مع الهان الآن. إنهم يكرهوننا ونحن خائفون منهم. وظل إقليم شينجيانغ مرتعا لتوتر عرقي تدعمه فجوة اقتصادية بين اليوغور والهان وقيود تفرضها الحكومة على الدين والثقافة وعلى تدفق المهاجرين الذين أصبحوا اليوم يمثلون غالبية سكان اورومتشي. ولا يمكن لبكين أن تقبل ان تفقد سيطرتها على إقليم شينجيانغ الشاسع المتاخم لروسيا ومنغوليا وقازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان وافغانستان وباكستان والهند وبه احتياطيات وفيرة من النفط كما انه اكبر منطقة منتجة للغاز الطبيعي في الصين.