من أوجب الواجبات الجهادية في زماننا نصرة الله تعالى وذلك بالتوبة إليه وتربية أمتنا على هدي القرآن وسنة النبي العدنان صلى الله عليه وسلم، فإنه ما انهزمنا حتى أعرضنا عن ديننا وعشش النفاق والفسق في ربوعنا، وهذا واجب الدعاة والمربين. الأصل أن الجهاد في سبيل الله ونصرة الحق والدفاع عن أهله فرض كفاية إذا قام به البعض وتحققت حماية المسلمين في أرضهم وأعراضهم ومالهم ودينهم، سقط الواجب عن الكل وأمن الجميع من الإثم. قال تعالى: (وَمَا كَانَ الْمُومِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً. فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ، وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ.) التوبة .123 فلو كان ذلك فرض عين لما كان لهم إلا أن ينفروا كافة، ولما تخلف أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن غزوة أو سرية. ولا يختلف اثنان من العلماء قديما وحديثا أن الجهاد يصبح فرض عين على كل مسلم بما في استطاعته من مال وجُهد، إذا ظهر العدو على بلد من بلدان المسلمين أو اعتدي على بعضهم في أنفسهم أو أموالهم أو أعراضهم. فيتعين الجهاد والنصرة على المسلمين الذين يلونهم، فإذا لم يفوا بالحاجة فعلى من يليهم وهكذا. قال تعالى: ؟وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ، الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا، وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا، وَاجْعَل لَنَا مِنْ لـَدُنْكَ نَصِيرًا؟ النساء .74 النصرة أبسط ما تمليه الأخوة وهذه النصرة والنجدة من أبسط ما تمليه الأخوة في الدين، ففي الصحيحين عن عبد الله بنِ عمر رضي الله عَنهما أَن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَال: ؟الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لا يَظْلِمُهُ وَلا يُسْلِمُهُ؟ فالمؤمن لا يخذل أخاه بالتخلي عنه، ولا يُسلمه للأعداء يأسرونه ويستعبدونه ويحتلون أرضه ويستبيحون عرضه. وفي صحيح البخاري عن أَبِي موسى رضي الله عنه قَال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ؟فُكُّوا الْعَانِيَ - يَعْنِي الأسِيرَخ وَأَطْعِمُوا الْجَائِعَ وَعُودُوا الْمَرِيضَ.؟. والحديث نَصّ في تعين: استنقاذ أسارى المسلمين من أيدي الكفار.كما ذكر ابن جزي في القوانين الفقهية ص .97 ونظرا لوضوح الأدلة وقوتها، أجمع العلماء على هذا الأمر على اختلاف مذاهبهم، وعلى رأسهم أئمة المالكية وشموسها: قال ابن العربي: وإن كان العدو ظاهرا على موضع، كان القتال فرضا على الأعيان حتى يكشف الله تعالى ما بهم. وهو الصحيح (أحكام القرآن ج 1 ص 205)، وقال: وقد تكون حالة يجب فيها نفير الكل إذا تعين الجهاد بغلبة العدو على قطر من الأقطار، أو بحلوله بالعقر، فيجب على كافة الخلق الجهاد والخروج إليه، فإن قصروا عصوا. وقال ابن عبد البر: والفرض في الجهاد ينقسم أيضا قسمين. أحدهما: فرض عام متعين على كل أحد ممن يستطيع المدافعة والقتال وحمل السلاح من البالغين الأحرار. وذلك أن يحل العدو بدار الإسلام محاربا لهم. فإذا كان ذلك وجب على جميع أهل تلك الدار أن ينفروا ويخرجوا إليه خفافا وثقالا، وشبابا وشيوخا. ولا يتخلف أحد يقدر على الخروج من مقل أو مكثر. الكافي ص 205 هذا وإن مبرر تعين الجهاد على كل مسلم لم يكن أوضح منه وضوحه اليوم، ولم تجمع الأمة، بعلمائها ومفكريها وعامتها، على أمر إجماعهم على تعين نجدة أهل غزةوفلسطين، إلا ما استثني ممن لا خَلاق لهم من الجبناء الخائفين على مصالحهم الدنية أو السائرين في ركاب أعداء الأمة، فهؤلاء لا اعتداد برأيهم ولا الالتفات إلى خلافهم. والسر في هذا الإجماع هو وضوح القضية وبيان وجه الحق فيها، وقد زحف على الأرض المباركة أخبث الخلق وأشدهم على الخلق. فاحتلوا أرضها وقهروا أهلها، فريقا قتّلوا، وفريقا أسروا وسجنوا، وفريقا هجَّروا. وما اكتفوا بذلك، وإنما جرأهم قعود المسلمين وتفرقهم على متابعة زحفهم، وقيامهم أمام سمع العالم وبصره بمجازر متتالية ورهيبة يمضي ضحيتها قوافل من الشهداء الأبرار من النساء والأطفال والشيوخ والمقاومين الشرفاء أهل البلد بالتاريخ والجغرافيا... ونحن في هذه الهجمة الهمجية على غزة الأبية أمام استهداف لكل مقدس وانتهاك لكل الحرمات، فهذه المساجد تهدم، وهذه الجامعات تقصف، وهذه مؤسسات المجتمع تحطم، وهذه الأرواح الزكية البريئة تزهق... وكل ذلك في الشهر الحرام والأرض المباركة... فإن لم يستجب المسلمون لنداء الرحمن وينجدوا المستضعفين من إخوانهم وأخواتهم، ويهبوا للدفاع عن مقدساتهم وحرماتهم، فمتى سيفعلون؟؟ (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ، الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) الحج 40 .39 الواجب تجاه أهل فلسطين فالواجب من ثَمَّ: أولا: مقاطعة الصهاينة من قبل المسلمين جميعهم أفرادا ودولا وأمة، وعدم موالاتهم ولا مصادقتهم ولا السير مع مصالحهم وأطماعهم، ومن فعل ذلك فإنه منهم. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ، فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ) المائدة 52 .51 ومن أبرز مظاهر المقاطعة عدم الاعتراف بالكيان الصهيوني ولا التعامل معه، والعمل الدؤوب للوقوف في وجه مصالحه في الأرض كلها والسعي لإضعافه... وهل يعقل أن تعطى شرعية ما لهذه العصابات المدججة بالسلاح والدعم والمال المورطة في تشريد شعب بأكمله، وإبادة آلاف من البرآء في وضح النهار. وهل يعقل أن تفتح أمامهم حدودنا وفنادقنا، ونطعمهم من خيراتنا ونغدق عليهم من أموال الأمة، في الوقت الذي تقذف طائراتهم الحمم على أهلنا وإخواننا؟ وكأني بهؤلاء لم ينتبهوا إلى الربط العجيب الذي عقده القرآن الكريم بين المنافقين من هذه الأمة وبين اليهود. قال تعالى: (أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) الحشر .11 ثانيا: دعم إخواننا المحاصَرين في بلاد الأقصى وفتح نقط العبور لتزويدهم بالمواد الأساسية من طعام وشراب وغاز وبنزين... والواجب أن لا يقف الأمر عند هذا الحد، بل لابد من مدهم بالسلاح والمال للدفاع عن أنفسهم وحماية بلادهم وأعراضهم. والعمل على حمايتهم إعلاميا والدفاع عن حقهم في العيش في أمان على أرضهم كل أرضهم. وإذا دعت الحاجة إلى مدهم بالرجال وجب النفير العام حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا. ثالثا: من أوجب الواجبات الجهادية في زماننا نصرة الله تعالى وذلك بالتوبة إليه وتربية أمتنا على هدي القرآن وسنة النبي العدنان صلى الله عليه وسلم، فإنه ما انهزمنا حتى أعرضنا عن ديننا وعشش النفاق والفسق في ربوعنا، وهذا واجب الدعاة والمربين. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) محمد 7 رابعا: مما لا يعذر منه أحد، الدعاء لإخواننا والتضرع إلى الله تعالى أن يكشف ما بنا من ضر وأن ينصرهم ويثبتهم على رفض الاستسلام لهؤلاء المجانين، والتوجه إلى اللطيف الخبير في القنوت والسجود أن يلطف بأمتنا وبإخواننا وأن يعجل بالفرج والمخرج من هذا الظلم. قال تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) غافر 60 فاللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ، ومُجْرِيَ السَّحابِ، وَهازِم الأحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ