يمثل الكونغرس العالمي الأمازيغي منظمة دولية غير حكومية تضم جمعيات ثقافية واجتماعية أمازيغية، تأسست في سبتمبر 1995. تهدف، حسب قانونها، إلى الدفاع عن حقوق الأمازيغ السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية واللسانية والتنسيق بين النشطاء الأمازيغ. تميزت مرحلة تأسيسه التي امتدت من 1995الى 1999 بمخاض عسير نتيجة صراعات داخلية كادت أن تودي بالمنظمة..ولم تكن المرحلة التي تلتها (من 2000 إلى 2008) بأحسن حال منها، إذ لا زالت الصراعات القديمة قائمة.. خلال المؤتمر الرابع المنعقد بالناظور( غشت 2005) صدرت توصية بعقد المؤتمر الخامس بمدينة تيزي وزو الجزائرية، لكن واضعوا هذه التوصية لم يضعوا في حسبانهم احتمال رفض السلطات الإدارية لذلك، وهو ما جعلهم يتفاجأون بذلك..حيث ووجه رفض والي المنطقة بإصرار المجلس الفيدرالي لالكونكريس الأمازيغي على انعقاده بتيزي وزو.. فالتجأ إلى رفع دعوى قضائية ضد الوالي بمحكمة تيزي وزو، التي بتت في الموضوع مؤخرا بعدم الاختصاص. مما دفع بلقاسم لونيس إلى التصريح للصحافة أن منظمته عازمة على رفع شكوى أمام كل من الاتحاد الأوروبي و الأمم المتحدة! بعد ذلك تقدمت جمعية تاويزا بطنجة و جمعية إيمال بمراكش و منظمة تامونت ن إفوس بأكادير بطلبات لتنظيم المؤتمر،و هي كلها جمعيات فاعلة داخل الكونغرس.. حسب ما أورده موقع أمازيغي عن مصدر داخل المجلس الفيدرالي للكونغرس ، أن مكتب هذا الأخير اجتمع يوم الأحد 31/08/2008 بمدينة مكناس، وقرر عقد الدورة المقبلة للمؤتمر العالمي الأمازيغي بالمغرب ابتداء من يوم 07/10/2008 بمكناس. وبهذا القرار يكون المكتب الفيدرالي لهذه الهيئة الدولية التي تعنى بالقضايا الأمازيغية خصوصا، قد وضع حدا للجدال القائم منذ ما يزيد عن شهرين، حول مكان استضافة مؤتمر الكونغرس العالمي الأمازيغي، حيث حسم المجتمعون العشرة قرار استضافة المحطة الدولية الأمازيغية المقبلة ، لفائدة جمعية أسيد بمكناس وهي بالمناسبة، الجمعية التي انحازت باستماتة للحرف اللاتيني أثناء ما يسمى بمعركة الحرف. هذا القرار قد تكون له تداعيات على مستويات عدة، إذ من المنتظر أن يخلف غياب بعض أعضاء المكتب الفيدرالي عن الاجتماع وكذا تمسك أمازيغ الجزائر باستضافته في بلدهم بعض ردود الفعل، بل إن جريدة الخبرالجزائرية دعت بداية شهر غشت المنصرم الفعاليات الأمازيغية بالجزائر لمساندة بقاء لونيس بلقاسم على رئاسة الكونغرس ضد ما أسمته بالتحامل المغربي على الجزائريين، وعلى المستوى المغربي هناك ما يوحي أن أطرافا متعددة ليست بعيدة عن القضية فتيارالهمة، مثلا، يجعل الأمازيغية ضمن اهتماماته ولا يستبعد أن يعضد خطواته السابقة في هذا المجال.. ومن الراجح أن يكون لحسن أوريد والي مكناس تأثير على اختيار المدينة، دون أن نغفل مساندة وجوه بارزة بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية استضافة المؤتمر بمدينة أكادير. في خضم ذلك، وفي انتظار انعقاد المؤتمر، أرى أنه لابد من إبداء بعض الملاحظات التي سيكون عمل الكونكريس - بدونها- فاقدا للتمثيلية الحقيقية لعموم الأمازيغ والانسجام مع هويتهم وتطلعاتهم، لعل أهمها: -التركيز على البعد الأمازيغي في الهوية وإقصاء كل الأبعاد الأخرى يضع الأخير في مواجهة مع باقي المكونات الأخرى مما يثير الكثير من الشكوك حول موضوع الهوية لدى الكونغريس بل لدى الجمعيات المكونة له. -عدم اتخاد موقف من محاولات صهينة الأمازيغية التي قام بها أعضاء محسوبون على الحركة الأمازيغية المغربية بالخصوص. -تركيز بعض الأطراف المحسوبة على تغيير الدستور لفائدة العلمنة والدعوة إلى جعل روحه يعتمد على الفكر النسبي و الحداثة، يطرح أكثر من سؤال على الهوية الحقيقية لهذه الأطراف. -حمل العلم الأمازيغيالذي تبناه الكونكرس في التظاهرات والمنتديات المحسوبة على الحركة الأمازيغية وما يمثله ذلك من تشويش على الأعلام الوطنية للبلدان التي يتواجد بها الأمازيغ. - تنميط القضية الأمازيغية في بلدان الشمال الإفريقي و التعامل معها على أساس واحد علما أن القضية لها تجليات متعددة، فهي ذات طابع مسلح في مالي، و على شكل عصيان مدني مناوئ للدولة في الجزائر، في حين نجده في المغرب تؤطره مؤسسات مدنية ورسمية. - الموقف من العرب والعربية يطرح الكثير من التساؤلات عن دوافع المحركة للنضال الأمازيغي بل يوسع دائرة خصوم الأمازيغية.. فالموقع الإلكتروني الرسمي لالكونكريس لا يزال بالفرنسية فقط! - محاولات تدويل القضية الأمازيغية وإيجاد مواطئ قدم فيها لفائدة قوى غربية معروفة بماضيها وحاضرها في إيقاد نار الفتن، وذلك بشكل براكماتي مسيئ للوطنية، لا تخفى تأثيراته السلبية على الفعل الأمازيغي. - من المغالطات الكبرى التي تتداول داخل الحركة عبارة الشعب الأمازيغي لنعت الأمازيغ.. علما أنهم مواطنون في أوطانهم، أو لنقل جزءا من الشعوب في بلدانهم.. ففي المغرب مثلا عندنا مواطنون أمازيغ وليس عندنا شعب أمازيغي! أي أن الأمازيغ مكون من مكونات الشعب المغربي..وكذلك الأمر بالنسبة لباقي البلدان. فكل ما ذكر لا علاقة له بما تنادي به الأطراف المشار إليها لجهة تحقيق مجتمع ديموقراطي متقدم ومتسامح تتعايش فيه كل الثقافات واللغات وتتحقق فيه كل حقوق الإنسان..