تحريم الخمر معلوم من دين الإسلام بالضرورة، نص على ذلك الكتاب الكريم والأحاديث الصحيحة، فهو من الكبائر، والخمر أم الخبائث وشربها أصل لكثير من الكبائر الأخرى، ولعن الله في الخمر عشرة، آخره آكل ثمنها، ويدخل في ذلك جميع من يأخذ أجرته، من مزارعها ومصانعها ومتاجرها، بل حتى الذي يتستر من رجال الشرطة والدرك على من يبيعها ويشربها ويأخذ رشوة، فهو يأخذ من ثمنها وتشمله اللعنة، وحكم الإسلام في التحريم واضح وضوح الشمس، فإن هذه الخمر تغيب العقل وتهلك الصحة، وتفسد الأخلاق، وتوقع العداوة والبغضاء بين الناس. والشخص يصاب بإدمان ويرفع كمية الشرب باستمرار والقائمة تطول. والذي ورد في القرآن خبران وأمران: فالخبران في قوله تعالى تتخذون منه سكراً ورزقاً حسنا ، فقابل بين السكر والرزق الحسن، وأنهما مختلفان، والخبر الثاني يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس، وإثمهما أكبر من نفعهما، حتى لا يستدل أحد كما يحصل في هذا الزمان ببعض المنافع لتجويز الخمر، فإن كان منصفا، يجد أن ما يزعمون منافع لا يقارن بالمضار. وأما الأمران، ففي قوله تعالى لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى ، وفي قوله عز وجل إنما الخمر و الميسر والأنصاب و الأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون، وهذه الآية هي التي أفادت تحريم الخمر تحريما قاطعا. أما بخصوص دور العلماء، فيعتبر دور مزدوج، يقومون بتربية الأمة على مبادئ إسلامية، ويعلمونها الحلال والحرام، وهذا منهج وقائي، ويحذرون من آفاتها وهذا منهج علاجي. ومما ينبغي أن ينكر في بلادنا هذه هو التناقض بين النصوص القانونية، والصيغة التي تكتب بها رخصة بيع الخمر والواقع العملي، فإن هذه الرخصة يكتب بها لا يجوز بيع الخمر للمسلمين، بل إن هذا الواقع يبين أن 99 بالمائة من ضحايا هذه التجارة الخبيثة هم المغاربة المسلمون، بل إن بلادنا عرفت تطورا نوعيا خطير مع ظهور أسواق نموذجية، من أجل تقريب الخمر من زبنائها، ويغرونهم بشرائها ويعودون عيونهم على رؤيتها، فلا أدري كيف يتم التغاضي عنهم والنصوص القانونية، تسري عليهم، وحق هذه المتاجر أن تقاطع من طرف كل غيور، حتى يكفوا عن عرض الخمور بهذه الطريقة العلنية الفجة المقيتة والمستفزة.