كانت زوجتي مريضة فنذرت ربي أن أحفظ سورة البقرة وآل عمران إن شفيت، فشفيت ولم أف بنذري لأنني أنتظر إلى أن يتيسر الأمر، فمرضت زوجتي مرة أخرى، فهل يكون عدم الوفاء بالنذر سببا لذلك وعقوبة كذلك؟ أم ليس على النذر عقوبة؟ ليس هناك علاقة سببية بين مرض زوجتك ـ شافاها الله-وبين عدم وفائك بالنذر، فالمرض ابتلاء يبتلي الله تعالى به عباده ليمتحن صبرهم ويغفر ذنوبهم، يقول الرسول الكريم صلى الله عليه و سلمعجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن إصابته سراء شكر فكان خير، وإن إصابته ضراء صبر، فكان خيرا لهأخرجه الإمام مسلم، وقال أيضا-صلى الله عليه و سلم:-ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطايا، متفق عليه، وفي حديث آخر:ما من مسلم يصيبه أذى إلا حاث الله عنه خطاياه، كما تحاث ورق الشجر، أخرجه الإمام البخاري . فالذي ابتلاه أحكم الحاكمين، وأرحم الراحمين، لم يرسل إليه البلاء لينتقم منه، بل ليمتحن صبره ورضاه عنه، فمن رضي فله الرضا ومن جزع فله الجزع، وقضاء الله نافذ لا مرد له . فسلم الأمر فالأقدار قد نفذت فكل شيء بتدبير وتقدير وأما النذر الذي جعلته لله على نفسك فقد لزمك الوفاء ، لأن الله تعالى أمر بالوفاء بالنذور فقال سبحانه:وليوفوا نذورهم الحج92:، وأثنى على عباده الأبرار ووعدهم بالسقي من شراب الجنة والتلذذ بنعيمها لأنهم يوفون بالنذر ويفعلون ما التزموا به طاعة لربهم، فقال سبحانه: إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا الإنسان: 567 ، وذم الذين ينذرون ولا يوفون، فقال جل شأنهزمنهم من عاهد الله لئن أتانا من فضله لنصدقن ولنكنن من الصالحين، فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضونالتوبة67-57: والنذر على وجهين : مطلق ، ومقيد -النذر المطلق : هو ما يوجبه المكلف على نفسه شكرا لله على شيء حصل قبل هذا النذر ، كمن رزق نعمة فنذر أن يتصدق شكرا لله على ما أعطاه ، وهذا النوع من النذر مندوب يستحب الإقدام عليه ، ويجب الوفاء به . -النذر المقيد أو المعلق : كأن يقول المكلف إن رزقت ولدا أو شفيت زوجتي من مرضها علي صدقة ، أو علي حفظ سورتي البقرة وآل عمران كما جاء على لسان صاحب السؤال ، هذا النوع من النذر مكروه لأنه يؤتى به على سبيل المعاوضة لا القربة الخالصة من جهة ، ومن جهة أخرى قد يعتقد الناذر أن نذره يرد عنه قضاء الله و قدره ، وهذا غير صحيح ، لأن النذر لا يرد شيئا، يقول الرسول صلى الله عليه و سلم:إن النذر لا يرد شيئا، وإنما يستخرج به من البخيل أخرجه الإمام أحمد ومهما يكن من تعليل بكراهة هذا النوع من النذر، فإن الوفاء به لازم إن وجد المعلق عليه والله أعلم