عن منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، صدر كتاب (المُفهِم لما أشكل من تلخيص صحيح مسلم) للإمام أبي العباس أحمد بن عمر الأنصاري القرطبي، عن نسخة نادرة بخط الرحالة المغربي ابن بطوطة، من تقديم وتحقيق الدكتور عبد الهادي التازي، عضو أكاديمية المملكة المغربية والمجامع العربية، ويقع الكتاب في أربع مجلدات تحتوي على 1875 صفحة من الحجم المتوسط. وتأتي أهمية تأتي أهمية المُؤَلف من كونه يشتمل على تراث إسلامي هام تعتز به المكتبة العربية في كل أنحاء العالم، خاصة في ديارنا المغربية التي اشتهرت بعنايتها بصحيح الإمام مسلم الذي لا يجادل أحد في اعتباره أحد الروافد الرئيسية لثقافتنا الإسلامية، وقطبا من أقطاب العلماء والأئمة الذين منحوا كل وقتهم وجهودهم وحياتهم خدمة للحديث النبوي الشريف. والكتاب، فضلا على أنه مرجع أساس لكل متطلع للفوائد العلمية والفقهية الكبيرة والمتنوعة، التي يقدمها إلينا الإمام القرطبي في كتابه الجليل: المفهم...، فإنه فرصة سانحة أيضا للقارئ المهتم للاطلاع على هذه النسخة الفريدة التي وقع عليها اختيارالدكتور عبد الهادي التازي وقدم لها في مائة وعشرين صفحة، والتي هي بخط ذات يد الرحالة المعروف ابن بطوطة في دمشق عام 727ه. وبين الدكتور التازي في تقديمه للكتاب اهتمام المغاربة بصحيح الإمام مسلم من خلال اختصاره وتلخيصه وايجازه، ومن خلال الكراسي العلمية الكثيرة لصحيح مسلم خاصة بجامع القرويين بفاس، كما أنه أبرز في تقديمه لكتاب المفهم.. بواعث الاعتناء بشخصية المؤلف ابي العباس القرطبي، كما استعرض نماذج مشرقة من اجتهاداته المتعددة. وتحدث عضو أكاديمية المملكة المغربية أيضا عن جانب هام من المفهم، وهو الجانب التاريخي فيه، يقول الدكتور التازي في تقديمه: طالما قلنا أن معظم المؤرخين المسلمين لم يستفيدوا من كتب الحديث الشريف كمصدر هام من مصادر التاريخ الدولي لدار الإسلام، لا سيما الصحيحين: البخاري ومسلم..، لكن في المفهم يقف القارئ اللبيب على لقطات تاريخية جد هامة ترتبط بتاريخ علاقات دولة الإسلام مع الجهات الأخرى، وهذه اللقطات التاريخية تعطي لنا صورة واضحة على كون الإمام القرطبي كان يعيش زمنه ومع بيئته، وأنه يعرف ماعليه الأحوال التي تغيرت بالأمس والتي تأذن بالخطر في المجتمع الاسلامي... وحسب الدكتور التازي، تعود أهمية النسخة التي خطها ابن بطوطة بيده في كتاب المفهم إلى كونها تصحح لنا خطأ فادحا وقع فيه ناسخ الرحلة ابن جُزَي عندما اختلق لابن بطوطة رحلة إلى جنوب بلاد فارس عام1327م، مع أن ابن بطوطة كان في هذا التاريخ بالذات في دمشق يقوم بنسخ مخطوطة المفهم، فجمع هذا التأليف بين الفائدتين: التزود من الفقه الرفيع الذي يحتاجه المسلمون، وبعض التجاوزات التي وقع فيها ابن جزي في ترتيبه للرحلة..