ناقش علماء ومفكرون من العالم الإسلامي وبعض الدول الغربية مفهوم الوسطية في الإسلام لتوضيح صورة الإسلام والمسلمين في الغرب، وتصحيح صورة الغرب لدى المسلمين، ومحاولة الفهم الصحيح لبعضهما في ظل الحوار الحضاري، وذلك ضمن فعاليات مؤتمر "وسطية الإسلام بين الفكر والممارسة" الذى نظمه منتدى الوسطية للفكر والثقافة، في المركز الثقافي الملكي بالعاصمة الأردنية عمان، على مدى ثلاثة أيام. وناقش المشاركون فى المؤتمر، الذى انطلقت أشغاله أول أمس الأحد، محاور تتعلق بمفهوم الوسطية فى الفكر الإسلامى وأسباب التطرف والإرهاب والغلو، ووسائل علاج هذه الظاهرة، وأثر الوسطية فى نهضة الأمة، إضافة إلى العلاقة بين الوسطية والتعددية، ودور الوسطية فى توجيه السياسات الإعلامية والاقتصادية والتربوية والثقافية. كما ناقش المؤتمر، الذى عقد بمشاركة واسعة لعلماء ومفكرين مسلمين وأجانب ضمنهم الأستاذ محمد يتيم نائب رئيس حركة التوحيد والإصلاح، موضوعات حول دور المرأة فى ظل الوسطية الإسلامية، وسبل مواصلة التبادل الفكرى المعتدل، وصورة الإسلام فى الغرب، وصورة الغرب فى البلاد الإسلامية، والواقع والتطلعات. وهدف المؤتمر بشكل رئيس إلى إبراز الطابع الإسلامى الصحيح، لمفهوم الوسطية فى شتى المجالات الحيايتة، من خلال تقديم العرض الفكرى والتاريخى والشرعى لهذا المفهوم، وإجراء الحوارات الهادفة بين النخب الفكرية الإسلامية وغير الإسلامية حول هذا الإطار. كما هدف المؤتمر إلى إزالة الصورة النمطية المغلوطة عن الإسلام والمسلمين فى الغرب، وإيجاد الآليات الملائمة لفهم كل طرف للآخر ضمن ثوابت وأسس متكافئة. واستعرض وزير الأرشاد والأوقاف السوداني الدكتور عصام البشير في كلمة الوفود العربية خمسة تيارات يشهدها حاليا المجتمع الإسلامي ويجب معالجتها، مسميا أولها بالتيار (الانتحاري) الذي انتقل أصحابه من فكر التكفير إلى فكر التفجير. وقال حسب ما أوردته وكالة الأنباء الأردنية، إن على تيار الوسطية تجفيف منابع الغلو لهذا التيار، من خلال المعالجة الفكرية وهي الأقدر كون المعالجة الأمنية وحدها غير قادرة على تصحيح الأفكار الخاطئة التي يحملها أصحاب هذا التيار. وأشار إلى التيار (الأمجادي) الذي يعتقد أصحابه أن الصواب انتهى إلى حيث انتهى الأقدمون من المسلمين فيما يتقوقع أصحاب الفكر (الانعزالي) ولا يرون التطور من حولهم. وقال البشير إن التيار الرابع وهو (الاجتهادي) انشغل بالجزئيات وتوجه نحو قضايا تجاوزها الزمن، فيهتم بالنوافل ويهمل الفرائض، في حين انبهر التيار الخامس الذي سمى أصحابه (بالانبهاريين) بكل ما أتى به الغرب دون التدقيق بالثوابت والخصوصية الحضارية. وافاد ان تيار الوسطية مدعو الى اتخاذ المرونة في الوسائل المعاصرة والاصالة ودون ترهل او تعجل، ومعالجة اختلالات الفكر، وإحياء المصالحة الشاملة، كشرط لتحقيق النهضة التنموية في الجانبين الروحي والمادي، والايمان بالتعددية التشريعية والثقافية، كنوع من الإثراء لا التشرذم. وأضاف أن دعوتنا في الشرق الأوسط للإصلاح يجب أن تكون نابعة من إرادتنا وعقيدتنا وثوابتنا، وفق إطار الوسطية، لضمان الكرامة وصيانة لمبدأ الشورى والعدالة. وقال وزير الاوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الاردني الدكتور أحمد هليل في الافتتاح إن مفهوم الوسطية الذي يحتاج إليه العالم الإسلامي في الوقت الحاضر، هو ذاك المفهوم الذي لا يكره الناس على العقيدة الإسلامية ويراعي حقوق وكرامة الناس رجالا ونساء بغض النظر عن لونهم واصلهم وعقيدتهم حتى ولو كانوا غير مسلمين. وبين أن العالم الإسلامي يعاني هجمة شرسة من قبل أعدائه حقدا وكيدا، أو بسبب بعض الممارسات الخاطئة من بعض أتباعه جهلا، فيلتبس الأمر بين الممارسة والسلوك، وعدم معرفة حقيقة الإسلام، فتكون الهوة بين العبادة والسلوك، وبين القول والعمل، وبين الجوهر والمظهر واتهام الإسلام بالتطرف والتعصب والإرهاب. وأكد هليل على أهمية دور العلماء في إرساء خطاب واقعي قابل للتطبيق والالتزام.