يأمل نحو 5 آلاف مسلم بألمانيا يستعدون لأداء مناسك الحج هذا العام في أن تتم زيارتهم للأراضي المقدسة دون الصعوبات التي تكررت معهم ومع غيرهم خلال الأعوام الماضية. ويشهد هذا الموسم تنافسا شديدا بين الجمعيات والمؤسسات الخيرية والمكاتب السياحية بأرجاء ألمانيا لتقديم أفضل العروض لاجتذاب راغبي الحج، فيما تنظم مؤسسات أخرى رحلات الحج لأغراض غير ربحية. وقال "س. السيد" أحد الراغبين في الحج: إنه فقد خلال رحلة حج قبل 3 أعوام الثقة في الجهات المنظمة للحج، بعد أن وعدتهم الجهة المنظمة بأماكن إقامة قرب الحرمين، لكنه فوجئ ببعد مكان الإقامة ميلا على الأقل من أماكن الشعائر. وأوضح أنه "قرر الحج هذا العام بعد أن تعرف من خلال ثقاة على إحدى المؤسسات المنظمة الجادة". وعن مطالبة البعض بإلغاء الحج هذا العام لتفادي انتشار عدوى أنفلونزا الطيور بين الحجاج قال السيد: "الحجاج يواجهون صعوبات عدة أكبر بكثير من أنفلونزا الطيور، وليس ببعيد عنا حادث استشهاد مئات الحجاج خلال ثوان عند رمي الجمرات العام الماضي". ومتفقا مع السيد قال محمود عبد الكريم: "إن دعوات إلغاء الحج لا تأتي إلا من حاقدين على الإسلام، ومن يستجب لها فعليه تجديد إيمانه". وأضاف أن "الطير يحوم حول الكعبة لا فوقها.. وليفرح من يلقى ربه على هذه الأرض المباركة.. وإني لأتمنى أن أكون أحدهم". ويصادق خالد على كلام شقيقه محمود قائلا: "كل يوم نسمع عن سقوط ضحية جديدة لأنفلونزا الطيور، وأخشى أن يرفض مسلم الحج خوفا من العدوى فيصيبه المرض في بيته، ويلقى ربه غير مؤمن بقدره".. وأثنى على المؤسسة الخيرية التي يسافر معها هذا العام لأنها "وفرت حين حجه في المرة الأولى قبل 3 أعوام ملابس الإحرام، وخصصت دروسا يومية قبل الحج للتعريف بالمناسك، كما وفرت أماكن إقامة قريبة بمكة والمدينة المنورة". أما عبد القادر محمد فقال: إن العام الماضي شهد ربكة في عودة الحجيج بسبب الزحام وبطء الإجراءات بالسعودية، مما اضطر الفوج للهبوط بمطار بروكسيل، حيث اضطررنا للمبيت بالمطار بعد أن أخلفت شركة الطيران موعدها، ولقينا معاملة سيئة نلقي بتبعتها على منظم الرحلة. تنظيم الرحلات وقال صبري الشريف المشرف على تنظيم رحلة الحج بمنظمة التجمع الإسلامي: "في كل مدينة ألمانية يوجد على الأقل مكتب أو جهة مسئولة عن تنظيم رحلة الحج". وأردف: "هناك جهات تنظم رحلات الحج بغرض الربح، ولكننا قررنا أن ننظمها لخدمة المسلمين الراغبين في أداء الفريضة، فنحن منظمة غير ربحية، مثلنا مثل العديد من الجمعيات والمؤسسات الخيرية". وأوضح أن منظمة التجمع الإسلامي "تنظم رحلة الحج بالتعاون مع مسجد المهاجرين في مدينة بون، وستنظم هذا العام رحلة ل180 شخصا فقط حتى تتمكن من رعايتهم وتذليل الصعوبات أمامهم". وأضاف الشريف أن بعض الجهات تنظم رحلة الحج لأكثر من 250 شخصا، وأن العديد من راغبي الحج يفاجئون بزيف وعود بعض الجهات المنظمة حين وصولهم السعودية. تكلفة الرحلة وعن تكلفة رحلة الحج التي ينظمها قال الشريف: إن تكلفتها هذا العام تبلغ 2200 يورو مقابل 1195 يورو العام الماضي. وعزا هذه الزيادة إلى ارتفاع أسعار تذاكر الطيران وسعي المنظمة لتوفير أكثر من وجبة غذائية يوميا بدلا من وجبة واحدة، واختيار أماكن إقامة جيدة بمكة والمدينة المنورة، وتخصيص أكثر من طبيب مرافق، ومقيم شعائر وعلماء ووعاظ ضمن الرحلة. وأوضح أن متوسط الدخل بألمانيا مرتفع عن مثيله بالعديد من الدول العربية؛ ولذا فإن تكلفة الحج تناسب قطاعا كبيرا من مسلمي البلاد. وبصفة عامة تتراوح أسعار الحج بألمانيا هذا العام ما بين 1600 إلى 2900 يورو. بيد أن الشريف قال: إنه من خلال خبرته فإن المبلغ ما بين 2000 و2200 يورو هو الأنسب لمن يريد رحلة مريحة. تيسيرات وعلى الرغم من تناسب تكلفة الرحلة مع إمكانات العديد من مسلمي ألمانيا فإن الجمعيات الخيرية تسعى للتخفيف عن كاهل راغبي الحج. ويقول المشرف على تنظيم رحلة الحج بمنظمة التجمع الإسلامي: هناك تيسيرات في السداد لمن يرغب، حيث يدفع 1000 يورو لتأكيد سفره، ثم يسدد المبلغ المتبقي قبل بداية الرحلة. وأضاف أن بعض المؤسسات تقدم أسعارا خاصة للمعاقين، وتوفر لهم كرسيا متحركا ومطوفا مجانا، كما أن البعض، خصوصا من القائمين على المساجد أو المساعدين في تنظيم رحلة الحج، يحصلون على رحلات مجانية. ومن المقرر مغادرة أول فوج من راغبي الحج في منتصف ديسمبر 2005، وبينما تقضي بعض الأفواج 3 أسابيع بالأراضي المقدسة، تقضي الأفواج الأخرى أسبوعا فقط أو أكثر. وتعد "جمعية ميلي جوروش التركية" كبرى المؤسسات الإسلامية بألمانيا التي تنظم رحلات الحج. ويعيش في ألمانيا حوالي 3.2 ملايين نسمة من إجمالي عدد سكان البلاد البالغ نحو 82 مليون نسمة، وتتركز غالبية المسلمين بالقسم الغربي من البلاد لتوافر فرص العمل، وارتفاع مستوى المعيشة عن ولايات القسم الشرقي الفقيرة نسبيا. ويشكل المسلمون في ألمانيا الديانة الرسمية الثالثة بعد البروتستانتية (الديانة الرسمية) والكاثوليكية.