نظمت الودادية المحمدية للأعمال الإجتماعية للديوان الملكي وجمعية الأعمال الإجتماعية لقضاة وموظفي وزارة العدل يوم الثلاثاء 21 رمضان بالرباط بوزارة الثقافة أمسية رمضانية، ألقى خلالها الدكتورأحمد العبادي درسا دينيا في موضوع: قراءات مستأنفة لمفهوم التجديد الديني في الفضاء الإسلامي. أشارالدكتورالعبادي في البداية إلى أنه كان بوده أن تكون هذه المحاضرة منفتحة على العموم، لأن الكل ينبغي أن ينخرط في عملية التجديد، وأكد على أن التجديد لابد له من ثلاث مقتضيات أساسية: أولا: لايمكن أن يكون هناك تجديد دون فقه النسق، وهوعمل تفكيكي بالدرجة الأولى، سواء كان هذا النسق الذي نريد تجديده هوالذات أو الأسرة أو المجتمع أوالدين. ثانيا: لابد من معرفة حالة السواء، وهي التي تمكن من رصد حالة الاختلال. ثالثا: أن يكون هناك توق وشوق لكمال معين، وهنا تحضرفكرة المدينة الفاضلة، والخطيرهوأن ينسى الإنسان أنه نسبي، فيسقط في أعتى صور الإستبداد المسربل بنوع من القدسية، فكم من الكوابيس فرضت على الإنسان بذريعة الكمال. وقال: هذه الأمورالثلاثة مع الإطارالجامع بينها، هو الذي حكم كل المحاولات التجديدية في تاريخ البشر، فمثلا بعد تفكيك موسى للبنية المجتمعية لقومه، ورصد مواطن الخلل، مع ما كان له من شوق في التجديد، تمكن من البعد عن القدرية الحتمية التي كانت تشدهم نحو الموروث. ونبه الأستاذ المحاضر إلى أن مقوم التفكيك يحتل الصدارة في كتاب الله عز وجل، حين الحديث عن خلق الإنسان، قال تعالى: (إني جاعل في الأرض خليفة، قيل أتجعل من يفسد فيها ويسفك الدماء)، لأنه يجهل السياق الذي هو فيه، ولا يعرف كيف يفككه، لكن لما علم الله آدم الأسماء كلها، أعطاه بذلك القدرة على التفكيك، وكذلك القدرة على التوبة، وهي بمعنى الرجوع إلى الطريق وإصلاح الخطأ، وأيضا القدرة على التلقي ثم القدرة على السؤال، وهذه القدرات التي منحها الله للإنسان هي التي أهلته لمهمة الخلافة. وشدد الدكتورالعبادي على أهمية القدرة على السؤال، وهي التي أشارإليها عبد الله بن مسعود بقوله: (ثوروا القرآن ) أي بمعنى أحدثوا ثورة في القرآن بكثرة السؤال فيه، والملاحظ أن القرآن غني بعلامات الإستفهام التي تنمي عند الإنسان قدرة التفكيك، وبالتالي فتح باب التجديد أمامه. وخلص في الأخير إلى أن القرآن جاء لتحطيم القدرية التي تعطل ملكة العقل، حيث أحدث القطيعة مع الأنساق القائمة في المجتمع العربي كمصدر للمعرفة، ثم عوض ذلك بمصدرين اثنين: أولا: قراءة الكون المنظور بكل المؤهلات البشرية المتاحة، قال تعالى:( إقرأ باسم ربك الذي خلق)، وفي هذا دعوة لقراءة الكون. ثانيا: قراءة القرآن المسطور، وهو مصدرآخر للمعرفة إلى جانب الكون، قال تعالى: (إقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم)، وليس فقط مجرد القراءة بل التثوير، ومن خلال هذين المصدرين يضيف المحاضر نفتح آفاق التجديد.