فاجأ صبي فلسطيني يلبس عباءة وعمامة بيضاوين المصلين في مساجد مدينة غزة عندما اعتلى المنبر وألقى خطبة الجمعة الماضي تطرق خلالها إلى قضايا دينية ربطها بسلاسة بالواقع الفلسطيني. وما أن أقام الشيخ العجوز ابو فتحي لافي (67 عاما) الآذان في مسجد الجولاني المكون من طبقتين في حي التفاح شمال شرق مدينة غزة حتى اعتلى الشيخ أمجد أبو سيدو البالغ من العمر 13 عاما المنبر، وبدأ يخطب في أكثر من ألف مصل، بينهم عشرات النساء وسط اندهاش الحاضرين. وتعد هذه الخطبة الأولى لأمجد في هذا المسجد، لكنها الثانية عشرة في مساجد قطاع غزة، حيث ألقى أول خطبة له في مسجد الإمام الشافعي في جباليا أمام أكثر من ألفي شخص في يونيو الماضي. وقال أمجد وهو يبتسم بفخر قدمت 140 درسا في الوعظ والإرشاد الدينيين في أكثر من خمسين مسجدا في قطاع غزة، وأشعر إنني مقبول لدى الناس الذين يرحبون بي وينتظرون خطبة الجمعة. وتطرق الشيخ الصغير ذو البشرة البيضاء، والذي يرتدي اللباس الأزهري إلى القضايا الدينية وربطها بسلاسة بالوضع الفلسطيني، حيث ركز في خطبته على أهمية العدل وخطورة النفاق من قبل المسؤولين، مستشهدا بقصص من التاريخ الإسلامي القديم. وسرد بعض القصص التي تحض على التكافل الاجتماعي والاقتصادي بين الناس خصوصا في هذا الشهر الذي يجب أن يشعر خلاله الأغنياء بالفقراء ويساعدونهم. وتلقى أمجد التلميذ المتفوق تعليمه الابتدائي في مدرسة حكومية قبل أن ينتقل إلى الدراسة في المدرسة الشرعيةالتابعة لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية. وكان يحلم دائما بأن يكون واحدا من علماء المسلمين مثل العالمين الراحلين المصريين الشيخ عبد الحميد كشك والشيخ محمد متولي الشعراوي والداعية السعودي خالد الراشد. وبينما يعبر مؤذن المسجد عن إعجابه الشديد بهذا الصبي العالم يؤكد نضال عيسى مسؤول العلاقات العامة في وزارة الأوقاف أن الصبي في حاجة إلى تشجيع ورعاية ودعم. وأوضح عيسى أن الوزارة تكلف أمجد إلقاء خطب الجمعة كغيره من الخطباء المعروفين ووصفه بأنه صاحب شخصية قوية ومفوه ولا يضيع لحظة من دون قراءة أو متابعة وأعتقد أن مستقبله سيكون زاهرا وسيكون له شأن كبير بين خطباء المسلمين. ويتلقى أمجد، وهو من عائلة فقيرة تسكن حي الشعف في منطقة الشجاعية شرق مدينة غزة 500 شيكل (110دولارات تقريبا) كمكافأة تشجيعية غير منتظمة من الوزارة مقابل الخطب والدروس، التي يقدمها في المساجد وفقا لمسؤول في الوزارة. ويؤكد أمجد أن هذه المكافأة يعطيها لوالدته أم أدهم للمساعدة في مصاريف المنزل والحصول على الطعام لكنه تحسر، لأنه لا يستطيع تحمل نفقات الهاتف واشتراك الانترنت. ويقول أمجد إنه تقدم بطلب للوزارة لإعطاء دروس دينية في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان وأتمنى أن أتمكن من إكمال تعليمي في العلوم الدينية في السعودية، لكن أمنية أمجد هذه تصطدم بظروفه المادية القاسية والصعبة جدا كما يقول. وكان يمكن ملاحظة المصلين مشدودين لمتابعة وسماع خطبة أمجد ومشاهدة حركات الشيخ الصبي وانفعالاته مع القصص التي يسردها بشكل جذاب. وعلق أبو سعدي العجلة بعدما شاهد هذا الصبي واستمع إلى خطبته في المسجد قائلا وجدته يفهم الناس أفضل من كثير من الخطباء الكبار وتابع هذا امر مدهش ويدعو إلى الفخر أيضا.