الاتحاد الاشتراكي يحذر من "تغول الذكاء الاصطناعي" في الانتخابات ويدعو إلى تنظيم استعماله    المتقاعدون يدعون إلى العودة للاحتجاج ورفع المطالب والتنديد بالأوضاع المتردية    وزير الصحة يتفقد مؤسسات صحية قائمة وأخرى في طور الإنجاز بإقليمي الناظور والدريوش    إسبانيا تهدد بالانسحاب من نهائيات كأس العالم 2026 إذا شارك "الكيان الإسرائيلي"    ابن شقيق حسن ناضر يتوج بطلاً للعالم في سباق 1500 متر بألوان منتخب البرتغال    أولمبيك مارسيليا يترقب جاهزية نايف أكرد قبل مواجهة باريس سان جيرمان    وزير الصحة يتفقد مؤسسات صحية قائمة وأخرى في طور الإنجاز بإقليمي الناظور والدريوش    المساجد في المغرب بين العناية الملكية وحاجة ملحة لمزيد من النظافة والتنظيم والتأطير    الذكاء الاصطناعي وتحديات الخطاب الديني عنوان ندوة علمية لإحدى مدارس التعليم العتيق بدكالة    مهرجان الظاهرة الغيوانية في دورته الثالثة بالدار البيضاء    مبرزو التربية الوطنية يضربون من أجل المطالبة بإنصافهم    الحسيمة.. توقيف شخصين متلبسين بتنظيم الهجرة السرية وحجز زورق مطاطي    الاتحاد الأوروبي يقترح فرض عقوبات على إسرائيل بسبب الحرب على غزة    الموسيقى المغربية تتألق في حفل "أصوات من الديار" بواشنطن    التقدم والاشتراكية ينتقد "تدهور" القطاع الصحي العمومي ويحذر من استغلال المال العام في الحملات الانتخابية المبكرة        وهبي يكشف لائحة أشبال الأطلس لمونديال الشيلي    تحذير للمديرية العامة لأمن نظم المعلومات بوجود ثغرات في أنظمة إلكترونية    بورصة البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    والي بنك المغرب يشدد على أهمية التعاون العربي في المجال النقدي    زخات رعدية مصحوبة بهبات رياح مرتقبة اليوم الأربعاء بعدد من مناطق المملكة (نشرة إنذارية)    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    ترشيد "الروشيرش"... النيابة العامة توجه دورية لعدم الالتجاء لبرقيات البحث إلا عند الضرورة القصوى    الأمن يكشف حصيلة حوادث السير بالمدن المغربية        التوفيق يكشف حصيلة تأهيل المساجد المتضررة من زلزال الحوز    تصفيات مونديال 2026.. جيبوتي يختار ملعب العربي الزاولي بالدار البيضاء لمواجهة مصر    "حين سقط القمر" رواية جديدة للكاتب والأديب المغربي محمد بوفتاس    هوليوود تودع أسطورة السينما روبرت ريدفورد عن عمر يناهز 89 عاما    الرجاء يوضح قواعد حضور جماهير مباراة الكلاسيكو أمام الجيش الملكي        قهيوة مسائية بطنجة رفقة الفنان فؤاد الزبادي        تفاوت في أسعار الخضروات والفواكه بسوق الجملة بالدار البيضاء    السيارات الكهربائية: المغرب يحتضن أكبر مصنع للبطاريات        غرق مركب الصيد "أبو الهناء" بسواحل الداخلة وإنقاذ كامل طاقمه    الجيش الإسرائيلي يعلن قصف "أكثر من 150 هدفا" في مدينة غزة منذ الثلاثاء    ألمانيا تقلق من فيروس "شيكونغونيا" في إيطاليا    جيش إسرائيل يواصل التقتيل في غزة    تراجع أسعار الذهب وسط توقعات بخفض أسعار الفائدة الأمريكية    بوبريك: 24 مليون مستفيد من التغطية الصحية و4 ملايين أسرة تحصل على الدعم المباشر    مع تكثيف القصف.. جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن إقامة "مسار انتقال مؤقت" لخروج سكان مدينة غزة    إيران تعدم شخصا بتهمة التخابر لصالح إسرائيل    القمة ‬العربية ‬الإسلامية ‬تحث ‬المجتمع ‬الدولي ‬على ‬إدانة ‬إسرائيل ‬وردعها    خبير: قيادة المقاتلات تمثل أخطر مهنة في العالم    15 ألف عداء مرتقب في سباق 10 كلم بالدار البيضاء    الصين تطلق قمرا اصطناعيا اختباريا لتكنولوجيا الانترنت    مدرسة الزنانبة للقرآن والتعليم العتيق بإقليم الجديدة تحتفي بالمولد النبوي بندوة علمية حول الذكاء الاصطناعي والخطاب الديني    هيئات جمعوية وحقوقية تدافع عن القسم الاقتصادي بعمالة إقليم الجديدة    نور فيلالي تطل على جمهورها بأول كليب «يكذب، يهرب»    "التغذية المدرسية" تؤرق أولياء أمور التلاميذ        مهرجان "موغا" يكشف برنامج "موغا أوف" بالصويرة    افتتاح الدورة الثانية من مهرجان بغداد السينمائي الدولي بمشاركة مغربية    "المجلس العلمي" يثمن التوجيه الملكي    رسالة ملكية تدعو للتذكير بالسيرة النبوية عبر برامج علمية وتوعوية    الملك محمد السادس يدعو العلماء لإحياء ذكرى مرور 15 قرنًا على ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا تحارب المؤسسات الدينية؟- بقلم د. مصطفى بن حمزة
نشر في التجديد يوم 17 - 10 - 2005

يعرض الدكتور مصطفى بن حمزة في هذه الحلقة المحاولات الخطيرة التي دبرت للأمة الإسلامية، في غفلة منها أو أمام أعينها، مقدما محاربة المؤسسات الدينية والسعي إلى إغلاقها كنموذج واضح لهاته المحاولات الآثمة، وتطرق أيضا إلى مسألة الحداثة وكيف يجب على المسلمين التعامل معها..
مخاطرمحدقة بالأمة
هناك مخططات كثيرة لتفكيك هذه الأمة، ومحاولات عديدة للإجهازعليها، وإزاحتها حضاريا عن استكمال رسالتها العالمية. وهناك قوى عديدة مناوئة تكالبت على الأمة، لما أحست أن الإسلام هو مصدرقوتها ومنبع مجدها.
هذا ليس من باب التوهم، لأنه يقال عنا أنا نعيش في وهم، ونتصور دائما أن الغير يتآمرعلينا، لكن بوثائق مكتوبة ومقالات وتقاريرمنشورة؛ والمبرر هو أحداث الحادي عشر شتنبر، فعمموا الحكم، وبدأ الحديث عن كل المسلمين واتهموهم جميعا بالتطرف والعدوانية، وهذا لا يستقيم من الناحية العلمية، لأن الأحكام العامة ليست سليمة ولا صحيحة.
قصورمعرفة الغرب للعالم الإسلامي
إن الذي يمنع من معرفة الغرب للمجتمع الإسلامي هو إصدارأحكام مسبقة وأحكام جماعية تمنعهم من التواصل مع المسلمين والتحاورمعهم، مع أن حوارالحضارات يقوم أساسا على إمكان التعرف على الآخر، والعالم كله يدعوا إلى حوار الحضارات، فما يبذله الآخر من أجل معرفة المسلمين قليل جدا، فهم لا يعرفون لغات الشعوب العربية والإسلامية إلا إذا كان الواحد منهم باحثا متخصصا. أما الإنسان العادي فهو يجهلها تماما ومع ذلك نجدهم يتهمون المسلمين بالتقصيرفي هذا الباب، مع العلم أن الإنسان العادي عندنا أو متوسط الثقافة في غالب البلدان الإسلامية يعرف على الأقل لغة من اللغات الغربية إما الفرنسية أو الإنجليزية أوالإسبانية أوالألمانية، بمعنى أنه يستطيع أن يتواصل وله رغبة في التواصل.
أما الألمان مثلا الذين يعرفون العربية، فهم معدودون على رؤوس الأصابع، وهم من المتخصصين، أما الألماني العادي فرغم أنه يعيش مع العرب والمسلمين، فهو لا يرى أن من واجبه معرفة اللغة العربية.
فهذه إذن ليست توهمات، بل هي مشاريع موصدة للإجهازعلى هذه الأمة وتفكيك أهم مكوناتها.
وأنبه في هذا الصدد، إلى ما يجب أن يكون في وعي الأمة الإسلامية، وذلك للقيام بما يمليه عليها الواجب الديني، وهو تعامل هذه القوى المعادية مع مؤسسات التعليم الديني على أنها رجعية ومتخلفة مع احتقارها وتهميشها.
العداء ضد المؤسسات الدينية
لما احتلت البلدان الإسلامية، عمل المستعمرعلى إقبار كل المؤسسات التي كانت تغذي الحياة الثقافية، كجامعة القرويين التي كانت تغذي المجتمع المغربي بالعلماء والمثقفين، لكنها أجهضت وأُقبرت بحكم سيطرة الاستعمار الفرنسي وحرصه على إقبار هذه المؤسسة. ثم ولي هذا الأمر بعد المستعمر، وتحمس له من كان على شاكلة المستعمر في النظرة إلى الثقافة الإسلامية من الذين يؤمنون بثقافة الغرب.
فهؤلاء أيضا كانوا يضمرون نفس الشعور للثقافة الإسلامية وللمؤسسات الدينية، هم الآن يشككون في قيمتها وفي مصادرها.
مع أن هذه المؤسسات لم تكن تخرج الفقهاء فقط كما يزعمون، وإنما كان يتخرج منها الفقيه والمؤرخ والشاعر والأديب، وكل من اشتهر في تاريخ المغرب بالعلم بمختلف تخصصاته، فهو خريج القرويين. فإذا بحثت عن قاض من القضاة أو شاعرمن الشعراء أوعالم بالهندسة أو الرياضيات أوعالم بالحساب أو الفلك، قيل لك إنه من القرويين.
فالجميع كان يتخرج من هذه المؤسسة الدينية التي وفقت في تكوين جميع هؤلاء العلماء بمختلف تخصصاتهم، وكانت لها القدرة على أن تعطي للأمة أكثر مما أعطت. لكن لما جاء الاستعمار، عمل على إجهاضها وخطط للتعليم الذي يخرج أناسا يؤمنون بمفاهيم الغرب ويحتقرون ثقافة الأمة، بل يجتهدون في محاربتها.
نية مبيتة
وهكذا أغلقت الكثير من المؤسسات الدينية في مختلف البلدان الإسلامية، كالقرويين في المغرب والزيتونة بتونس والأزهر بمصر، ولكن بدرجة أقل.
وأصبحت هذه المؤسسات مستهدفة بأقلام هؤلاء الذين يخططون لمستقبل الثقافة في البلاد الإسلامية، كما يحملونها المسؤولية في كل ما يقع الآن في العالم الإسلامي من تخلف وانحطاط.
ونحن نتساءل هل هذه المدارس مع قلتها، وربما خلو كثير من الساحات منها، تستطيع أن تصوغ المجتمع، في حين أن أمامها آلاف من المدارس والمؤسسات الجامعية والمعاهد، كلها لا تستطيع أن تخرج هذا الإنسان الذي نريده..هل هذه المدارس مع قلتها وقلة إمكاناتها، مسؤولة عن هذا التخلف الموجود في العالم الإسلامي، أم تسأل عنه المؤسسات الكثيرة التي تعيش في وضع أحسن وتمول من ميزانية الدولة.
فهذه إذا ليست أوهاما، بل هناك قصدا مبيتا للإجهاز على المؤسسات الدينية. وفي هذا الصدد يقول أحد الكتاب:
إن التعليم الديني مريض بأمراض معينة، هذا التعليم الديني مبتلى بمعاداة الحداثة، وهو يعادي العقل والعقلانية ويعادي العلوم الإنسانية ويعادي غير المسلم.، هكذا يتهمون التعليم الديني بما ليس فيه من أجل المس به عبر العالم الإسلامي.
وماذا عن الحداثة
ما هي الحداثة حتى نكون على وفاق أو على خلاف معها. فلا يمكن أن نتحدث عن حداثة هلامية فضفاضة، لا بد أن نعرف ما المقصود بهذه الحداثة، إذا كانت الحداثة بمعنى التطوروالرقي وانفتاح الإنسان على الخيرفي كل العالم، فلا يمكن أن يعاديها التعليم الديني، لأن تعليمنا الديني منفتح على الثقافات. وعلماؤنا ليس لهم تخلف ثقافي وليس لهم عداء مع الثقافة الأخرى، بل هم من أحسن من يجيد قراءة ما يجري في العالم. وهم يقرأون ويحاضرون ويساهمون في تنمية الفكرالعالمي، وذلك بالمشاركة في حل جملة من القضايا المعاصرة؛ كما أنهم يعرفون كل التيارات والمذاهب السائدة، ولهم كتابات جيدة في هذا المجال.
الحداثة بالمعنى المريض
ولكن إذا كانت الحداثة هي بالمعنى المريض الذي يسوقون للأمة، أي القطيعة مع ثقافة الأمة عن طريقي إلغاء النصوص وجعل الإنسان هو مصدرالتشريع، فإننا لا نعتبرها حداثة. بل نسميها إديولوجية كانت حاضرة منذ مدة، وقال المسلمون فيها كلمتهم، قبل أن تسمى بالحداثة أو بغيرها، وإنما هي في الحقيقة انتكاس ورجوع إلى الوراء. فمن حقنا أن نرفض هذه الخرافات، وليس من الضروري أن نقبل بجميع الإديولوجيات، لأن الغربيين أنفسهم لا يقبلون بكل الإديولوجيات، فلكل أمة الحق في أن تنتقي ما تشاء.
إن كثيرا ممن يطوف حول الحداثة لا يفعل شيئا من أجل الحداثة، بل يردون الناس إلى الخرافات القديمة (خرافات دينية، خرافات سياسية...) والخزعبلات الماضية في كل المجالات.
على كل حال، فنحن لا نعادي الحداثة بمعناها العلمي، وليس في العالم الإسلامي من أحد يقول بأن استعمال الحاسوب حرام أو بأن قراءة الكتب حرام. وليس هناك أي أحد من الذين ينتسبون إلى المدارس الدينية، يقول بأننا يجب أن نكون ضد العلمية والاختراع أو ضد وسائل التطوير واستعمال المختبرات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.