تهدف هذه المقالات إلى صناعة ذوق يليق بالمسلم، يحرك فيه كل القوى الكامنة الصانعة للجمال الحقيقي، مصداقا لقول الرسول عليه السلام: "إن الله جميل يحب الجمال"، وتهدف إلى خلخلة مفاهيم خاطئة حول الجمال وفلسلفته، داخل المجتمع المسلم عموما، والبيت المسلم خاصة. فإلى كل مريد يبغي صناعة الجمال وأثره الروحي على القلبين، كطريق للعبادة أهدي هذه الشذرات. إليكِ لقد أوشك شهد العطلة أن ينتهي، وبذلك تعود قافلة الأسرة إلى مخدعها آمنة مطمئنة، معتزة بالوئام الذي ساد أثناءها، وبالأريحية التي طالت كل فرد منها، ليساهم الجميع في رسم هذه اللوحة الرائعة التي نهل كل واحد منها ما يستعفه وما هو محتاج إليه. عند العودة فكري أن تكوني مهندسة لما بعد العطلة، ولتكن كل اللحظات المقبلة شاهدة على توصيات ومذكرات التفاهم التي وقدها أفراد أسرتك معك وبصفة تلقائية، إذ كانت الوعود تعقب النقاشات والحوارات حول عدد من القضايا، وطالما حرصت على الجسم فتارة مع الأبناء وأخرى مع زوجك، وسرا أو جهرا مع نفسك. إن التقويم لا يرقى إلى الفعل الإنساني إلا باشر أصحابه المرحلة التي تليه وهي: إعادة الإنتاج. وهذه الصيغة يرتقب منها أن تأتي بمبدإ الجودة بقوة وبكل جرأة، لأنها انبنت أصلا على مبدإ النصيحة والتناصح الذي سوى طريق ومسلكيات هذه الأمة ومنها أنت. ولا تعتقدي أختي أنك في منأى عن هذه المسؤولية إذ الكل ينظر إليك وأنت على عتبة هذا القرن أن تكوني فاعلة بامتياز داخل الأسرة، وأن تسهري على تنفيذ ما اتفق عليه من أفكار واقتراحات أثناء العطلة، لتضمني الاستمرارية التي تجدد الحياة كما أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم أمته أن تجدد إيمانها، ألا فجددي هذه الأسرة بتغيير سلوكات وأنماط وأساليب ربما تحَمَّلها الأفراد على مضض، فكادت أن تقصم ظهر البعير الذي هو البيت. الجمال يكمن في الأخير فيك أنت مهندسة البيت إذا ما وفقت في بعث روح جديدة قوامها الإبداع والجودة فأريهم ما أنت صانعة، وعودة ميمونة وإلى لقاء. إليكَ ثمة محطات يستحيل أن تطول، وبطولها يفقد الإنسان مصداقيته ومنها العطلة، إن العبد المنتج قد لا يتلاءم وأجواء العطلة، ولكن التوجيه الرباني والنبوي حين نبه إلى العطلة فلأن النفس محتاجة إليها لتنطلق انطلاقة أخرى ملؤها التوق للإنتاج والعطاء المتجدد. فلربما كنت أيها الزوج محوريا في هذه العطلة، وصادفت مشاهد عديدة، علقت عليها بكل ما تملك من حكمة، وأظهرت مواقف عديدة أمام زوجتك وأبنائك وبعض الأقارب. ولكن أما فكرت في وضع استراتيجية جديدة لسياستك للأسرة التي كلفك الله برعايتها وكنت الراعي الذي استرعاه الله أثناءه؟ لا يكمل الإنسان إلا بالتثاقف والتواصل والتنشؤ واستدماج السلوكيات التي توافق الفطرة، فهاك كل تلك الأشياء التي شاهدتها وكانت لك درسا لا تقدر أن تعترف من خلاله أمام أسرتك أنك كنت مخطئا في بعض مواقفك! عد إلى نفسك راجع كل التصرفات، راجع كل المواقف أطلق لقلبك العنان ليحدثك ولتستمع إليه، وعد في الأخير إلى عش الزوجية حاملا معك وعدا أمام الله أن تعيد صياغة المنظومة التربوية في بيتك، بالشكل الذي يرضي الله متخطيا في ذلك أنانيتك وذاتيتك، لتتعلم في الأخير أن صمود الإنسان لا يكون إلا على الحق، وأن الإنسان يدور مع الحق حيث دار. إن القيم تلاشت وتلاشت معها خيوط الإخلاص والوفاء والعطاء، فأسِّسْ لها من جديد، وارعها، واحرص أن تكون بانيها وحاميها، وتفتق حبا داخل البيت لترى إشعاعا لا يضر بالإنسان، بل يعيد صياغة هذا الشبه إنسان والله معك . ذ.الناجي أمجد