آخر ما نزل من القرآن الكريم أما فيما يتعلق بأواخر ما نزل من القرآن، ففيه اختلاف كذلك، وخصه السيوطي في الإتقان في علوم القرآن بالنوع الثامن. الاختلاف في آخر آية نزلت من القرآن روى الشيخان عن البراء بن عازب قال: آخر آية نزلت: (يستفتونك قل الله يُفتيكم في الكلالة...)، النساء: .176 وعن ابن عباس قال: آخر آية نزلت آية الربا، والمراد بها قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا ...)، البقرة: .280 278 وعن ابن عباس قال: آخر شيء نزل من القرآن (واتقوا يومًا ترجعون فيه...) البقرة: .281 وهذا أصح الأقوال فيما ذهب إليه ابن حجر، ودليله حديث ابن عباس في البخاري قال: آخر آية نزلت آية الربا قال ابن حجر: هذه الآية هي ختام الآيات المنزَّلة في الربا، إذ هي معطوفة عليهن. ولا منافاة بين هذه الروايات فالظاهر أن آية الربا و(اتقوا يومًا ....) و آية الدين، نزلت دفعة واحدة كترتيبها في المصحف، ولأنها في قصة واحدة، فأخبر كلٌّ عن بعض ما نزل بأنه آخر، وذلك صحيح. وعن أبيّ بن كعب قال: آخر آية نزلت (لقد جاءكم رسول من أنفسكم..)، التوبة: ,129128 إلى آخر السورة. وعن عائشة: آخر سورة نزلت المائدة فما وجدتم فيها من حلال فاستحلوه. أخرجه الحاكم والترمذي. ومن المشكل على ما تقدم قوله : (اليوم أكملتُ لكم دينكم ...)، الآية، فإنها نزلت بعرفة عام حجة الوداع، وظاهرها إكمال جميع الفرائض والأحكام قبلها، وقد صرّح بذلك جماعة منهم: السُّدي فقال: لم ينزل بعدها حلال ولا حرام مع أنه ورد في آية الربا و الدّين والكلالة أنها نزلت بعد ذلك، وقد استشكل ذلك ابن جرير وقال: الأوْلى أن يُتأوّل على أنه أكمل لهم دينهم بإقرارهم بالبلد الحرام، وإجلاء المشركين عنه حتى حجة المسلمون لا يخالطهم المشركون. وقال القاضي أبوبكر، في كتابه الانتصار: هذه الأقوال ليس فيها شيء مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وكُلٌّ قاله بضرب من الاجتهاد وغَلبَة الظن، ويُحتمل أن كلا منهم أخبر عن آخر ما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، في اليوم الذي مات فيه، أو قبل مرضه بقليل، وغيره سمع منه بعد ذلك وإن لم يسمعه هو. الأواخر المخصوصة 1 ذكر ابن حزم في المحلىمن طريق عائشة أم المؤمنين أن سورة المائدة آخر سورة نزلت، فما وجدتم فيها حلالاً فحللوه، وما وجدتم فيها حراماً فحرّموه. (المحلى: 9/407). وفيها آية (اليوم أكملتُ لكم دينكم...)، المائدة: ,3 والتي يذكر أنها آخر ما نزل، فقد روى ابن كثير في تفسيره 2 ص 2 عن عبد الله بن عمر: إن آخر سورة أنزلت: سورة المائدة والفتح (يعني سورة النصر) ونقل من طريق أحمد والحاكم والنسائي عن عائشة: إن المائدة آخر سورة نزلت. 2 وعن علي بن الحسين: آخر سورة نزلت بمكة المؤمنون، ويقال العنكبوت. 3 وآخر سورة نزلت بالمدينة براءة. 4 وذكر ابن كثير في تفسيره لسورة النصر من رواية الطبراني عن ابن عباس قال: آخر سورة نزلت من القرآن جميعا (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ). أي أنها آخر سورة نزلت بتمامها. 5 إلا إن السيوطي في الدر المنثور ذكر خلافه: أخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن الضريس وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن البراء قال: آخر سورة نزلت كاملة (براءة). 6 آخر ما نزل يذكر النساء خاصة: (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى...)، آل عمران: .195 7 آخر ما نزل في المواريث: (يَسْتَفْتُونَكَ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ...)، النساء: .176 8 آخر سورة نزلت بتمامها: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ)، النصر:.1 ولا بد من الإشارة هنا إلى أنه قد وردت كثير من الأخبار والروايات ذكرت أوائل وأواخر ما نزل من القرآن، إلا أن أغلبها لم يثبت، ولا يعول عليها، لذلك لم نذكرها، فضلاً عن أنه لا يترتب على معرفة ذلك فائدة كبيرة. إعداد خ. ب