شهدت التغييرات السياسية الأخيرة في مصر، والتي تضمنت تعديلا وزاريا واسعا وتعيين نائب عام جديد خلفا للمستشار هشام بركات الذي قتل في حادث تفجير سيارته في يونيو الماضي، فضلا عن تولي رئيس الوزراء السابق المقال إبراهيم محلب لمنصب مساعد الرئيس للمشروعات القومية والاستراتيجية. ورأت مصادر حكومية مصرية ومراقبون للشأن المحلي في البلاد، أن هذه التغييرات تضمّنت عدة مفاجآت؛ تمثّلت أولها بتولي عدد من العسكريين السابقين والحاليين وإبعاد آخرين، وثانيها تعيين أحد الوزراء في عهد الرئيس السابق حسني مبارك من "الحزب الوطني" المنحل كوزير للتنمية الإدارية ومسئول عن تعيين المحافظين، وثالثها تعيين اللواء محمد العصار عضو المجلس العسكري السابق والحالي، والذي أشيع أنه يخضع للإقامة الجبرية كوزير للإنتاج الحربي، بالإضافة إلى تعيين المستشار محمود صادق نائبا عاما بعدما أبلغ مسئولون المستشار عادل السعيد باختياره لهذا المنصب. وبموجب التعديل الوزاري، فقد خرج لواء الشرطة السابق عادل لبيب من وزارة التنمية المحلية في حين تولى مساعد رئيس الهيئة الهندسية السابق سعد الجيوشي وزارة النقل، ليحافظ التشكيل الحكومي الجديد على 4 ألوية عسكريين سابقين من الجيش والشرطة في الحكومة الجديدة كما كان الحال عليه في حكومة إبراهيم محلب. الإبقاء على متهمين بالفساد وكشفت مصادر حكومية مصرية ل "قدس برس" أن الإبقاء على غالبية وزراء الحكومة السابقة دون تغيير وخاصة من أُثيرت حولهم مؤخرا شبهات بالتورّط في قضايا فساد، يعود إلى رغبة السلطات في تقليص حجم التغيير لأدنى المستويات خاصة فيما يتعلّق بأولئك المتهمين بالفساد، خشية أن تؤدي إقالتهم إلى تعزيز الشكوك بفسادهم وتثبيت تلك الصورة عنهم في أذهان المصريين، وفق المصادر. وكانت تقارير صحفية قد تحدثت عن اتهامات "غير مؤكدة" بفساد سبعة وزراء في الحكومة السابقة من بينهم وزراء العدل والصحة والأوقاف. ونشرت جريدة "بوابة الاهرام" الإلكترونية، تقارير منفصلة خلال العامين الماضي والجاري، تضمّنت اتهامات لوزير العدل أحمد الزند بالفساد وإهدار المال العام في قضية بيع أرض تابعة ل "نادي القضاة" بمحافظة بورسعيد إلى أحد أقرباءه بمبلغ 18 ألف جنيه للمتر المربع الواحد (2.3 ألف دولار) بدلا من 50 ألف جنيه للمتر (6.4 ألف دولار)، وذلك على الرغم من ملكيتها العامة للدولة. ورفع عدد من المحامين دعاوى ضد الوزير الزند لإقالته من الوزارة، فيما قرّرت الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإدارب التابعة لمجلس الدولة، حجز الدعوى المطالبة بإلغاء تعيين الزند وزيرا للعدل حتى الحكم فيها بتاريخ 27 أكتوبر المقبل، بيد أن تعديلا لم يجرِ على حقيبته الوزارية التي احتفظ بها في الحكومة الجديدة. خلافات حول تعيين النائب العام فجّر قرار تعيين المستشار محمود صادق بمنصب النائب العام الجديد في مصر، مفاجأة من العيار الثقيل بعدما تردّد اسم المستشار عادل السعيد بقوة كمرشح لهذا المنصب، في حين أكّدت مصادر في مكتب الأخير تلقيه اتصالات من مسؤولين مصريين لإبلاغه بمنحه هذا المنصب. من جانبها، قالت مصادر قضائية إن وزير العدل نصح جهات عليا في الدولة بتعيين السعيد عوضا عن صادق الذي كان مرشحا من قبل "المجلس الأعلى للقضاء" إلى جانب كل من عادل الشوربجي عضو مجلس القضاء وعادل السعيد مساعد وزير العدل، وكل من المستشاريْن علي عمران وزكريا عبد العزيز عثمان. تهميش النساء وعودة الوزير السابق تراجع عدد السيدات في الحكومة الجديدة التي أدّت اليمين أمام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوم السبت19 شتنبر 2015، إلى ثلاث وزيرات، بدلا من خمسة كما كان الحال عليه إبان الحكومة السابقة، ما عزّز بواعث قلق من استمرار تهميش وإقصاء العنصر النسائي في الحكومة الجديدة. وشمل التعديل الوزاري في مصر، تغيير نصف الوزراء السابقين، حيث ضمّت الحكومة الجديدة برئاسة شريف إسماعيل 33 عضوا بينهم 16 وزيرا جديدا، مع احتفاظ وزراء الحقائب السياسية والاقتصادية بمناصبهم، باستثناء وزارة التنمية المحلية التي خرجت من قبضة العسكر وجرى استبدالها بوزارة النقل التي تولّاها عسكري سابق. وفي مفاجأة غير متوقعة، عاد هشام زعزوع وزيرا للسياحة خلفا لخالد رامي، حيث شغل الأول هذا المنصب من قبل في حكومة محلب الثانية، ليعود إليها اليوم بعد إقالة الوزير رامي على خلفية عملية قتل السائحين المكسيكيين وما تردّد حول أخطاء متكرّرة لوزارة السياحة في هذا الصدد. رجال أعمال وزراء وعادت للوزارت الاقتصادية مسألة تعيين رجال أعمال في مناصب وزارية، حيث تولّى وزارة الصناعة والتجارة طارق قابيل الذي شغل مناصب قيادية لفترة طويلة في شركة "بيبسي" و"بروكتر أند جامبل"، كما أنه شريك في شركة أبراج "كابيتال" الإمارتية المتخصصة في الاستثمار المباشر لمنطقة الشرق الأوسط وتركيا وآسيا الوسطى، ولها مشاريع في مصر. "بدر" وزير تعليم مبارك أثار تعيين أحمد زكي بدر وزير التربية والتعليم في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، في منصب وزير التنمية المحلية، جدلا كبيرا حول عودة رموز "الحزب الوطني" المنحّل إلى المشهد الرسم في مصر. والوزير الجديد الذي تولّى حقيبة التربية والتعليم منذ يناير 2010 وحتى يناير 2011 (عقب ثورة 25 يناير)، هو نجل زكي بدر وزير الداخلية الأسبق المثير للجدل لتسبّبه بإقالة عدة رموز سياسية مختلفة. ومن الجدير بالذكر، أن سلطات مطار القاهرة كانت قد منعت الوزير الجديد أحمد بدر بتاريخ 2 فبراير2013، من السفر إلى السودان، بناء على قرار من النائب العام بوضع اسمه على قوائم "الممنوعين من السفر"، وهو ما تم إلغاؤه عقب تولي السيسي مقاليد السلطة في مصر. ودشّن نشطاء حملة إلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي، ضد تعيين الوزير بدر الذي قالوا إنه "فشل في وزارة التعليم فكيف له أن ينجح في التنمية"، في حين أيّد آخرون تعيينه ل"الوقوف في وجه الفساد في المحليات"، على حد تقديرهم. وردا على الهجوم الذي شُن ضدّه فور توليه المنصب، قال بدر في أول تصريح له عقب توليه المنصب الوزاري "من لديه أي انتقاد فليتوجّه إلى الجهات الرسمية المعنية". أبرز الوزراء العسكريين يعدّ اللواء محمد العصار الذي تولّى حقيبة الإنتاج الحربي، أبرز الوزراء العسكريين في الحكومة الجديدة، خاصة بعد الجدل الذي أثير عقب انقلاب 3 يوليو 2013، وترديد صحف معارضة معلومات عن وضعه تحت "الإقامة الجبرية". ويوصف العصار بأنه "العقل المدبر داخل الجيش، ومهندس المرحلة الانتقالية الحالية"، بسبب الملفات الحساسة التي تولّى إدارتها، فضلا عن دوره الحيوي فى الحكم أثناء حكم المجلس العسكري والرئيس المعزول محمد مرسي، إلى جانب كونه يشغل منصب مساعد وزير الدفاع لشؤون التسليح في المرحلة الحالية. واللواء العصار، هو من القلائل الذين تم ترقيتهم ليشغل منصب مساعد وزير الدفاع على الرغم من الاستغناء عن معظم أعضاء المجلس العسكري، كما أنه أول من صرح بأن إقالة محمد طنطاوي وسامي عنان في عهد مرسي، وتعيين السيسي وزيرا للدفاع "تمت بعد مشاورات مع المجلس العسكري".