لذة الإنفاق في سبيل الله تفاعل الصحابة الكرام والتابعين مع آيات القرآن الكريم تفاعلا عجيبا يؤكد صدق عبادتهم، فكانت الآية القرآنية تخاطب فيهم العقل والقلب والجوارح وفي آية الإقراض والإنفاق في سبيل الله ابتغاء رضوانه نلمس لذة الإنفاق في سبيل الله، يقول تعالى: {من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافاً كثيرة} نقف على سرعة التفاعل الآني والطوعي من الصحابي الجليل أبو الدحداح. فقد كان النبي صلي الله عليه وسلم يقرأ على الصحابة: {من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافاً كثيرة} فيقوم أبو الدحداح، ويقول: يا رسول الله، أيطلب منا ربنا القرض؟ فيقول له: نعم. فيقول: على أن يرده لنا أضعافا كثيرة. قال: نعم. قال امدد يدك يا رسول الله؟ قال: ماذا. قال: لي بستان عند العرب أشهدك أنه لوجه الله. فقال له النبي ولك به سبعمائة ضعف يا أبا الدحداح. فانطق أبو الدحداح يقول: الله أكبر، الله أكبر. ويروى أن هذا الصحابي الجليل انطلق إلى أهله وأولاده فأمرهم بالخروج من البستان الذي أقرضه لله تعالى. وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الله استقرضت عبدي فأبى أن يقرضني، وشتمني عبدي، وهو لا يدري، يقول وادهراه وادهراه، وأنا الدهر ثم تلا أبو هريرة {إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم}. وأخرج عبد بن حميد عن أبي حيان عن أبيه عن شيخ لهم أنه كان يقول إذا سمع السائل يقول: من يقرض الله قرضا حسنا، قال سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر هذا القرض الحسن. ويروى عن عبد الله بن عمر كانت تعجبه الآية: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} فكان يخرج الصدقة مما يحب، وذات مرة تنبه إلى أن ناقته تعجبه فنزل من عليها ووقف إلى جوارها فى عرض الطريق حتى وجد عجوزا فقيراً، فقال: اركب يا رجل فهي لك. وأتت إليه امرأته بسمكة مشوية وكان يحب السمك، ففرح بها ثم طرق الباب مسكين، فقال لها: أعطيه السمكة. فقالت : عندنا فى البيت خبز وشعير ولحم. قال: وماذا أفعل بقول الله: (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون). ؟! وكان يحيى بن معاذ الرازي يقول: عجبت ممن يبقى معه مال، وهو يسمع قول الله تعالى: (إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم). وتزداد لذة المتصدق ويزداد فرحه، إذا علم ببشرى نبيه صلى الله عليه وسلم له أنه من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، قال صلى الله عليه وسلم: سبعة يظلهم الله يوم لاظل إلا ظله،... ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه... رواه البخاري ومسلم. إن الله تعالى غير محتاج إلينا، ولا لأحد من خلقه، وإن ما نملك من شيء فهو من فضله ورزقه، ودعوته لنا إلى الإنفاق في صالحنا. فلنستمع لندائه ولنستجيب لدعوته {من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا).