ترك حادث الإعتداء المأساوي الذي تعرضت له جزيرة بالي السياحية الإندونيسية آثاراً مفزعة على المنطقة الإندونيسية والمستقبل الأمني والاقتصادي لإندونيسيا إجمالاً، والذي مازال يتتعرض للمزيد من الهزات السياسية، منذ الإطاحة بالديكتاتور الجنرال "سوهارتو"، لكن يلاحظ هنا أن الحادث الأخير سيترك ذيولاً واسعة وانعكاسات كثيرة على صعيد الروابط الإندونيسية مع الولاياتالمتحدة وبعض الدول الأوربية، وبالأخص مع أستراليا، التي ينتمي إليها معظم الضحايا. وبدا اليوم الإثنين أن معظم وسائل الإعلام سلط الكثير من الأضواء على هذا الحدث، متناولاً من خلاله العلاقات الدينية التي تحكم الروابط الإجتماعية في هذا البلد الذي يعتنق غالبية سكانه العظمى الديانة الإسلامية، وشهد في الآونة الأخيرة الكثير من عوامل الفوضى والإضطراب بين المسلمين والأقلية المسيحية، ومن هذه الأضواء ماورد في صحيفة "دي فيلد" إذ ترى: "أن إندونيسيا البلد المسلم لم تدخل في التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب إلا حتف الأنف، والمعروف عن جاكارتا في هذا الإطار أنها تقول شيئاً ثم تفعل غيره، بمعنى أن لاثوابت واضحة تميزها، ولطالما قللت من شأن الدعوات التي تطلق للجهاد، وكثيراً مااختارت لأرفع المواقع الحساسة في الدولة عناصر من الإسلاميين، مثل "حمزة حاج" لمنصب نائب الرئيس، وقد عرف بسياساته التحريضية المتعصبة، وبمقاومته لخمسة مشاريع قوانين تتعلق بمواجهة الإرهاب، بل نجد وزير شؤون الأمن ذاته، وقد حاول التقليل من شان ماحدث بوصفه مجرد "عمل إجرامي"، ثم رأى أنه ورغم إقراره تضييق الخناق على المشتبه بإنتمائهم إلى خلايا إرهابية، إلا أن أي أدلة لاتتوفر ضد المتطرفين الإسلاميين. ومع أن إندونيسيا تسعى على الدوام للتقرب إلى الحكومات والممولين من خارج البلاد، غير أنها تعمل أكثر في هذا الإتجاه مع شعبها الذي عرف عنه، تاريخياً، إعتياده على تحديد شكل الحكم عبر أعمال العنف والمسيرات الحاشدة. يضاف إلى ذلك التعهد الذي قطعه مدير شرطة الجزيرة بإعتقال الجناة في غضون شهر واحد وإلا فإنه سيترك منصبه، وبهذا قد يكون أول ضابط إندونيسي رفيع المستوى يقرر تحمل المسؤولية، لكن العديد من الدول وبالأخص الولاياتالمتحدة وأستراليا، اللتين أخذتا على عاتقهما حماية إندونيسيا من الإنهيار، عبر القروض الضخمة التي يقدمانها والمبالغ الكبيرة التي يستثمرانها في دولة الأرخبيل، يبدو أنهما لن يقر لهما قرار مالم تحصلا على العديد من الإجابات وأيضاً على الجناة". وحول الموضوع ذاته نقرأ في صحيفة "برلينر تسايتونغ" : "أدى حادث الإعتداء الذي تعرض له السائحون "السبت الماضي" في جزيرة بالي إلى إعتبار كل إندونيسيا منطقة مخاطر محتملة، فإذا ماثبت أن منفذي الإعتداء الأخير ينتمون إلى إحدى الجماعات الإسلامية العديدة، وهو ماتشير له كل المعطيات، سيكون من المحتمل إقدامهم على تنفيذ المزيد من الإعتدءات التي تستهدف مناطق أخرى محببة للسياح، ولربما يلجأون في مواجهاتهم المستمرة ضد النفوذ الغربي في بلادهم إلى إستمرار مواجهة السائحين الغربيين. وليس هناك أدنى شك في أن الحكومة الإندونيسية ستسعى إلى إلقاء القبض على الجناة، لك من الإفضل هنا لو حصل الإندونيسيون على مساعدة من الخارج". بينما رأت صحيفة "فرانكفورتر رند شاو" : "أن البيان الذي طلعت به حكومة الرئيسة "ميغاواتي سوكارنو" حول الحادث قد يكون أقل من المستوى المطلوب، لكن الثابت هو أن حدود الدول المجاورة لإندونيسيا، مثل الفلبين وسنغافورة بالإضافة إلى ماليزيا تمور بخليط من عناصر الإرهاب الدولي، أو العصابات المحلية، إضافة إلى عصابات السلب والإبتزاز، لكن حكومات هذه الدول تلجأ إلى الإفراط في وصف معارضيها بالإرهابيين، وبالمقابل نجد أن أكثر مايوجع حركات التمرد السياسي، مثل حركة "آشه" في غرب إندونيسيا التي تسعى إلى الإستقلال، هو ربطها بإرهاب الجماعات الأصولية الإسلامية. أما إرسال الولاياتالمتحدة 1200 جندي إلى الفلبيين لتدريب جنودها فهو مؤشر واضح على تقييمها لمدى الخطر الذي يشكله الإرهاب في جنوب آسيا، إضافة إلى وجود "كولن باول" وزير الخارجية الأميركي في آب/أغسطس في المنطقة، للمشاركة في مؤتمر آسيوي، بهدف التوصل إلى خطوات عسكرية مشتركة مع دول المنطقة، تسعى إلى مكافحة الإرهاب. ثم لاننسى أن إندونيسيا، هي الأخرى، أقدمت على تسليم الولاياتالمتحدة بعض المشتبه بانتمائهم إلى الحركات الإرهابية المصدر : حسن آل بلال من إذاعة ألمانية