تقدم أول أمس بمجلس النواب الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي برده على مداخلات الفرق النيابية التي انتقدت التصريح الحكومي. ولم يأت الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي في رده بجديد اللهم إلا ما كان من تأكيد للمعطيات السالفة التي تقدم بها في تصريحه في فاتح غشت ذلك أنه أكد من جديد أهمية هذا العرف الجديد الذي سنته حكومة التناوب والمتمثل في إقدام الوزير الأول في نهاية ولايته على تقديم حصيلة حكومته أمام الرأي العام بما يحمل ذلك من عناصر النجاح والفشل. ولكن ذكر الأستاذ اليوسفي بجهود حكومته وحصيلتها على طول الفترة التشريعية التي تولى فيها مسؤولية الشأن الحكومي فإنه في المقابل اعتبر أن المعطيات التي تقدم بها في التصريح الحكومي لفاتح غشت كلها صحيحة ومستقاة من مصادر موثوق بها وأن أي تكذيب لها هو مجانبة للصواب. وكان الوزير الأول عبد الرحمان اليوسفي في خلال رده لم يتطرق إلى كل الانتقادات والتصويبات والتصحيحات التي تقدمت بها الفرق النيابية، بل انتقى منها بعضها. وكان من ضمن ما اختار الرد عليه الانتقادات التي شككت في المرجعية الإسلامية للحكومة وقال إن هذا الأمر غير مستساغ وغير مقبول ومخالف لنص الدستور وواقع الحال، وكان ذلك وسط تصفيقات الفريق الاشتراكي. وباستقراء بعض الآراء لبعض السياسيين الفاعلين يتبين فعلا أن عبد الرحمان اليوسفي كان مخلصا للبروتوكول أكثر من إخلاصه لجوهر الرد على تعقيبات ومداخلات الفرق النيابية وهكذا قال الدكتور سعد الدين العثماني نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية: «نأسف كثيرا لأن السيد الوزير الأول لم يشر إلى قضايا مفصلية أشارت إليها ردود كثير من الفرق وبالأخص رد فريق العدالة والتنمية ولم يكن رد السيد الوزير الأول مشتملا إلا على العموم ولم يتناول صلب الإشكالات المطروحة. وأضاف العثماني قائلا: «طرحنا أولا كثير من الأمور التي وعد بها السيد الوزير الأول في تصريحه الحكومي الأول والتي لحد الساعة لم تستطع الحكومة الوفاء بها، لم يكن هناك إصلاح جبائي موعود به، لم يكن هناك إخراج نظام عادل جديد للمرتبات، إلى الوجود، مع أن هذا وعدت به الحكومة مباشرة، ولم يتم لحد الساعة البدء في إصلاح القطاع السمعي البصري. هناك أوراش كثيرة أساسية ومهمة لكن مع الأسف الشديد لم تفتح بعد. السيد الوزير الأول لم يقدم تفسيرات على عدم الوفاء بهذا الالتزام». وحول المعطيات الاقتصادية قال العثماني: «أشرنا على المستوى الاقتصادي إلى أن ما قاله السيد الوزير في تصريحه من أن الحكومة استطاعت التحكم في التوازنات الاقتصادية الكبرى غير صحيح. أولا: المديونية العمومية في المالية تزداد سنة بعد سنة إذا انطلقنا من معيارية سنة 7991 وليس من سنة 9991 كما فعل السيد الوزير الأول في بعض الإحصائيات، لأن الحكومة تسلمت المغرب انطلاقا من أرقام 79 ويجب أن تكون هي المرجع في محاكمة الحكومة. المديونية العمومية الخارجية، المديونية العمومية الإجمالية ازدادت بشقيها وازدادت بشكل فظيع المديونية الداخلية، ونحن نعتبر ذلك شيء غير معقول لأنه هو الذي أدى إلى كثير من الإشكالات الاقتصادية والاجتماعية وفي مقدمتها ازدياد سعر الفائدة ونقص السيولة الداخلية وركون هيئات التمويل إلى إعطاء القروض إلى الخزينة العامة وشراء سندات الخزينة بدلا من تمويل عملية استثمار داخلية، وبدلا من انعاش البورصة وهو ما أدى بجزء كبير إلى الإشكال الذي تعيشه بورصة الدارالبيضاء، وازدادت حجم مستحقات الدين في الميزانية العمومية سنة بعد سنة وأصبح تمويل ميزانية التسيير يتم من خلال جزء كبير من مداخيل الخوصصة، هذه كلها إشكالات عملية أثرناها بالأرقام انطلاقا من إحصائيات بنك المغرب السنوية، والوزير الأول لم يجب على هاته الإشكاليات ولم يبين كيف استطاعت الحكومة التحكم في التوازنات الكبرى. مع هذه الأرقام الواضحة أشار الوزير الأول إلى أن للحكومة مرجعية دينية وانتقد الذين شككوا في هذا الأمر. ونحن نقول إن المرجعية الإسلامية ليس كلاما يقال أو ادعاء وليس خطبا تلقى بل هو عمل واقعي انطلاقا من مقتضيات تلك المرجعية. ماذا سنقول في الازدياد المضطرد لرخص الخمور، ماذا سنقول في عدم اشتمال التقرير الحكومي بالمرة لا من قريب ولا من بعيد، إلى أي إشارة إلى الأخلاق إلى المخدرات والخمور وإلى الدعارة وإلى الزنا. لماذا لم يشر التقرير لما أنجزته الحكومة في مجال قطاع الأوقاف والشؤون الإسلامية، كيف يمكن لتصريح حكومي في بلد مسلم أن يلغي هذا القطاع من خريطته جملة وتفصيلا، هذا دليل على دعم الاهتمام بالمرجعية الإسلامية وبمقتضياتها العملية. ولكن إذا رجعنا إلى أداء الحكومة نجد أن هاته الحكومة أولا كرست سياسة التغريب والانحراف والتفسيق في الإعلام وفي السياحة وفي الثقافة وفي غيرها من القطاعات ثانيا، رفضت مجموعة من المقترحات القوانين أو راوغتها، التي تسير في اتجاه تعزيز المرجعية. وأذكر هنا بالخصوص بقانون منع الخمر الذي بقيت الحكومة تراوغ فيه مرة ترد بتغيير الوزير ويلقي كل وزير لوزير آخر، ثم ردت الحكومة بالفصل 15 للدستور.... فبماذا نفسر هذا، الحكومة رفضت مجموعة من التعديلات المرتبطة بتعزيز المرجعية في هذه القطاعات: القانون الخاص بالمؤسسات السياسية تقدمنا بمجموعة من المقترحات فرفضتها الحكومة دون تفسير ولا توضيح مع أنها مقتضيات محدودة جدا. مثلا قلنا الفنادق التي عندها بارات لبيع الخمر نلزمها بوضع لافتات ممنوع التدخين نلزمها بلافتات ممنوع الخمر على المسلمين رفضت حتى وضع لافتة فكيف بتطبيق القوانين. أذكر بالقوانين والمشاريع التي أتت بها الحكومة كمشروع خطة إدماج المرأة في التنمية ومنع بيع المصحف بالمعرض الدولي للكتاب بالدارالبيضاء، سنة 0002 لأؤكد أن هذه الحكومة أقل ما يقال عنها إنها حكومة لا تعنى بالشؤون الدينية. محمد البصير رئيس الفريق الدستوري اعتبر من جهته أن رد الوزير الأول على مداخلات الفرق النيابية يوم أول أمس الأربعاء بمجلس النواب هو تكرار للتصريح الحكومي الأخير ولم يأت فيه بأي شيء جديد. وقد أثبتنا في ردنا على التصريح بالمعطيات والأرقام أن الإحصائيات والأرقام التي أتى بها السيد الوزير الأول غير صحيحة لكنه أبى إلا أن يكرر ادعاءه بأنها صحيحة وماهي كذلك، ومن ناحية أخرى نحن لا نطعن في دين أحد ونعتبر أن المغاربة كلهم مسلمون. ولا مزايدة في هذا المجال، ولكن كل الذي نؤكده بكل تفصيل وتجرد هو كون المرأة لم تلج ميدان التنمية فقط الآن وفي ظل حكومة التناوبل ولكن التاريخ يشهد أن المرأة المغربية كانت منذ أمد بعيد مساهمة في التنمية حسب إمكاناتها وفي ظل تثبتها بالشريعة الإسلامية، لا في ظل ارتباطها بالحقوق الوضعية. وكنا نود يقول السيد البصير أن يكون رد السيد الوزير ردا علميا يبين فيه المقاييس والحيثيات والمصادر التي اعتمدها في إثبات تلك الإحصائيات والأرقام والارتباط بها. وهنا أريد أن أوجه هذا الكلام للذين يعلبون بالأرقام، قالوا إن الميزانية التي خصصت للعمل الاجتماعي في الحكومة السابقة ما نسبة 14% والحكومة اليوم خصصت 84% وهنا أشير إلى أنه من الضروري ومن المنطقي أن تكون هناك زيادة في هذه الميزانية وما لم تتم هذه الزيادة فمعناه أننا لم نتقدم اجتماعيا بحكم الظروف المحيطة بنا. وأما السيد الطيب بن الشيخ رئيس فريق الأحرار فأكد للتجديد أن الرد كان مقتضبا وأن السيد الوزير الأول أراد أن يقتصر على بعض التدخلات فقط ولم يتطرق إلى جميع الردود والنقط التي برزت في تدخلات رؤساء الفرق، ولكن الأهم هو أنه كان حوار بين المؤسستين التشريعية والتنفيذية، وهذا شيء جميل جدا ويؤسس للغد وللديمقراطية، وهذا أهم شيء. وهكذا يظهر مرة أخرى أن السيد الوزير الأول كان في تصريحه الأخير وفي رده على مداخلات الفرق النيابية مخلصا للعرف والبروتوكول ولم يكترث قط بتصويبات الفرق ومداخلاتها. عبد الرحمان الخالدي