احتفلت حركة التوحيد والإصلاح بمرور 18 سنة على الوحدة المباركة، والتي جاءت في سياق سلسلة من المبادرات الوحدوية لمجموعة من الفصائل الإسلامية، انتهت إلى وحدة اندماجية بين كل من حركة التجديد والإصلاح ورابطة المستقبل الإسلامي. بهذه المناسبة نستحضر هذه الوحدة التي انطلقت من الرغبة المشتركة للحركتين، والتي تم التقعيد لها من خلال تنظيم العديد من اللقاءات والاجتماعات والعمل التحضيري وتوحيد الجهود وتحديد الأهداف المشتركة وعلى رأسها استحضار المصلحة العليا للوطن، لتتوج هذه المجهودات بالإعلان عن حركة التوحيد والإصلاح. في الوقت الذي اعتادت فيه الساحة المغربية تنامي الانشقاقات والتصدعات في الهيئات المدنية والسياسية. فالحركة عملت على عكس ذلك التيار في مسار وحدوي، وترجمت ذلك من خلال العنوان الذي أخذته مسمىً لهذه الوحدة المباركة، وهو "التوحيد والإصلاح". التوحيد بمعانيه المتعددة من توحيد العمل وتوحيد الرسالة الأساسية التي تَبرز من اسم الحركة في مفهوم الإصلاح حيث تبنت الحركة منذ تأسيسها المنهج الإصلاحي انطلاقا من الآية الكريمة "إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله". ويمكن أن القول أن الذي ميز 18 سنة من عمر العملية الاندماجية، أنها كانت عملية ناجحة بامتياز بحيث ذابت كل الانتماءات في تنظيم موحد وجامع للجهود. إذ لم نعد نفرق بين من كان في هذا التنظيم أو ذاك، أو بين من التحق بعد الوحدة، بسبب العمل وفق أهداف مشتركة ومبادئ واضحة. ويظهر ذلك جليا في الجموع الانتخابية التي تختار رؤساء الهيئات بمن فيهم رئيس الحركة، وهي التي تتخذ كمعايير أساسية للاختيار: القوة والأمانة والكفاءة والتشبع بقيم الحركة بعيدا عن التصنيف حسب الانتماء السابق للوحدة. ويمكن أن نعتز اليوم بكون هذه الحركة كان لها وقع في المجتمع المغربي من خلال خطها المعتدل الذي اختارته لنفسها واتخذته في منهجها وتجلى في عدة مجالات ومواقف أقتصر على ذكر موقفين أساسيين أولها موقف الحركة الواضح إبان تفاعل المغرب مع رياح الربيع الديمقراطي، حيث كانت الحركة سباقة إلى إطلاق نداء الإصلاح الديمقراطي ليلتف حوله مجموعة من الفاعلين الأساسيين في المجتمع وهو ما نتج عنه بروز خط ثالث منسجم مع توجهاتها ومنهاجها المعتدل والوسطي، والذي نادت من خلاله بالإصلاح في ظل الاستقرار، فكان لهذا النهج ترجمة سياسية وإشعاع دولي وعربي جعله نموذجا يحتذا به. أما المجال الثاني فهو نجاح الحركة في إبراز نموذج حركي نسائي ينهل من المرجعية الإسلامية ويعمل في مجال قضايا المرأة والأسرة بانفتاح على التجارب الدولية بحيث تم العمل على إبراز النموذج الحضاري لتحرير المرأة على كثير من المستويات. لقد استطاعت حركة التوحيد والإصلاح، أن تستعين بدفع التطور الاجتماعي الطبيعي لترقى بالعمل النسائي، وهي تنتقل به إلى مرحلة التخصص في إطار المشروع الرسالي للحركة. واعُتبر العمل التخصصي إطارا لإعادة تأهيل مضامين الفعل النسائي في الأشكال الكثيرة من الروابط (المواقع التي تشكل جسرا بين الحركة والمجتمع).