دعا المصطفى الرميد وزير العدل والحريات، الوكلاء العامين للملك لدى محاكم الاستئناف، ووكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية إلى التعامل بحزم وجدية مع الشواهد الطبية، واتخاذ الإجراءات اللازمة للوقوف على صحة الشواهد المشكوك في صحة بياناتها، وذلك من خلال إجراء فحوصات أو خبرات طبية مضادة يعهد بها إلى أطباء شرعيين عند الاقتضاء، أو الإحالة على المجالس الجهوية للأطباء. وطالب الرميد في مذكرة حول "الشواهد الطبية" قضاة النيابة العامة، حال ثبوت تلاعب أو تجاوز في تسليم الشواهد الطبية، بالحرص على ترتيب الإجراءات القانونية بالفعالية اللازمة، مهيبا بضرورة التقييد بهذه التعليمات مع الحرص على إشعار الوزير بكافة الحالات المسجلة والإجراءات المتخذة بشأنها، وبكل ما قد يعترض الوكلاء من صعوبات في الموضوع. وجاءت مذكرة وزير العدل والحريات عقب ما سماه الوزير بكشف الممارسة العملية في حالات عدة أن الخلاصات المتضمنة في بعض الشواهد الطبية تكون مبالغا فيها أو تتضمن بيانات مغايرة للحقيقة، الأمر الذي يمس بمصداقية الطبيب ودوره في هذا الباب، ولما لها من انعكاسات في التكييف القانوني للوقائع، أو البث في القضية، أو إثبات الوقائع، أو إثبات الأضرار وغير ذلك مما يمكن أن يحرف مسار القضاء. وكانت وزارة التربية الوطنية قد رصدت انعكاسات تسليم الشواهد الطبية على هدر الزمن المدرسي، إذ كشفت أن 17 ألف و640 شهادة طبية وردت على مصالح الوزارة في أقل من نصف سنة، بعدد أيام مرض بلغت 55 ألف و852 يوما، وهو الرقم الذي من أجله فتحت الوزارة والمصالح المختصة تحقيقات لمعرفة مدى صحة بياناتها، إضافة إلى مساهمتها في غياب الموظفين وبالتالي إهدار الخدمات العمومية، وإضاعة حقوق المستهلكين، وتبذير المال العام، وهو الأمر الذي جعل وزير الصحة يهدد بملاحقة الأطباء المتلاعبين. ويقول المحامي والفاعل الحقوقي عبد المالك زعزاع في تصريح لجريدة "التجديد" الورقية، تعليقا على المذكرة، إن قرار وزير العدل والحريات يأتي في الاتجاه الصحيح لتحقيق العدالة أمام القضاء، وكذا أمام الجهات الإدارية، خصوصا أن هناك تلاعبا في تسليم الشواهد الطبية، إذ تسلم أحيانا على سبيل المجاملة. وأرى، يضيف زعزاع، أن وزير العدل على حق لأن الممارسة العملية في هذا المجال ممارسة بعيدة، تبين أنه بمقتضى شواهد طبية على سبيل المجاملة، يمكن أن يعتقل أشخاص ويدخلون السجون وتهدر كرامتهم وحقوقهم، وأنه عن طريق الإدلاء بشاهدة طبية يمكن أن تكيف الواقعة على أساس أنها مجرد جنحة عادية بينما هي تتعلق بعاهة مستديمة يكون الاختصاص فيها لمحكمة الجنايات. وبالتالي فالشهادة الطبية، يؤكد المحامي، مساءلة أساسية في التقاضي وحجة ثابتة يجب أن تكون مطابقة للواقع وفي حالة عدم مطابقتها للواقع فإننا نكون أمام تزوير، وأمام تسليم شهادة غير مطابقة للواقع. ويضيف القيادي بمنتدى الكرامة لحقوق الإنسان، إننا نلاحظ أن الكثير من الأطباء معروضة قضاياهم على المحاكم حاليا بسبب تسليمهم لشواهد طبية لا تطابق الواقع. وبالتالي فتوجيه وزير العدل للنيابة العامة بصفة خاصة وللقضاء بصفة عامة يجب أن يُفعل في اتجاه ضبط الشواهد الطبية وتسليمها بطريقة عقلية. فإذن الشهادة الطبية تبدو خطيرة يجب التثبت من صحتها، والتأكد أنها سُلمت بناء على وقائع صحيحة، لأن ذلك يحدث عدة أضرار منها إهدار الساعات في المجال التعليم وإهدار الحقوق والحريات، أما إجراء خبرة مضادة فهي أمر مطلوب يجب على الممارسة القضائية تذهب في اتجاهها. وطالب بوعزة الخراطي رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، الجميع بتحمل مسؤوليته لضبط التلاعب في الشواهد الطبية وعقلنتها، مضيفا أن هذه الشواهد تستعمل في إطار البحث عن الربح السريع، مرجعا المسؤولية العظمى في تلك المسألة إلى الأطباء وإلى مشكل في التكوين، موضحا أن المسؤولية الطبيبة لم تعد تلك المسؤولية المعروفة من ذي قبل، أو المسؤولية التي من أجلها أدى القسم بل أضحت مسألة ربح دون حتى الكشف عن طالبي تلك الشواهد.