ذكرت مصادر إعلامية صهيونية كصحيفة "آريتس" وغيرها أن تقارير خاصة وصلت من واشنطن إلى مسؤولين سياسيين ب"تل أبيب" تشير إلى أن الإدارة الأمريكية قطعت علاقاتها الاستخبارية مع سورية، وأضافت المصادر نفسها أن لديها ما يكفي من المؤشرات المنبئة بقرب مطالبة واشنطن لسوريا بإجراء تفتيش داخلها، للتأكد إذا ما كانت لديها أسلحة كيماوية أو تخبئ سلاح دمار شامل تعتقد أنها استقبلته من العراق. وتتنبأ بعض الوسائل الإعلامية الصهيونية بعزم الرئيس الأمريكي بوش على فتح جبهة حرب أخرى على نظام الحكم في كل من سوريا وإيران، بعدما ينتهي الجيش الأمريكي من مهمته بالعراق، وهو الأمر الذي استقبله الساسة الصهاينة بسرور بالغ عبر عنه السفاح "شارون" في آخر جلسة لحكومته بقوله:"إن مشكلات "إسرائيل" لا تنتهي عند المسألة العراقية، فلها مشكلات أخرى في المنطقة نعلن بصورة علنية أن أهدافها إبادة الدولة العبرية وتمتلك أسلحة دمار شامل". بل إن الكثير من المسؤولين الصهاينة يصبون الزيت في نار التصريحات الأمريكية، سواء تصريحات الرئيس أو وزير الدفاع "رامسفيلد"، ويمارسون تحريضا واضحا، وفي هذا السياق قال رئيس قسم الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية الصهيونية اللواء "عاموس جلعاد" يوم الأحد الماضي: "إن لانهيار نظام صدام حسين في العراق أهمية هائلة ل"إسرائيل"، فهزيمة العراق تؤدي إلى غياب العمق الاستراتيجي لأعداء "إسرائيل" وعلى رأسهم سورية"، وزاد قائلا: "ينبغي الآن حدوث تغيير في سورية، فبعد أن استوعبت لاجئين من العراق وساعدتهم في أثناء الحرب، سيتعين على الأمريكيين التفكير الآن بالخطوات التي يجب تنفيذها، الآن الأمريكيون يفهمون ما فهمناه منذ زمن بعيد، سورية تدعم منظمات الإرهاب وترعاها وتحرص على نقل السلاح إلى حزب الله". والكلام نفسه قاله "يهود براك" رئيس الوزراء الأسبق للكيان الصهيوني، وكذلك الزعامات الدينية الصهيونية لم تخف فرحتها باحتلال العراق، على اعتبار أن ذلك سيمهد الطريق أمام إقامة "إسرائيل الكبرى" من الفرات إلى النيل. وكان عدد من الحاخامات، ومن بينهم الحاخام "نحيما ههوري"، قد أصدروا في بداية العدوان على الشعب العراقي فتوى تؤكد أن العراق جزء من "إسرائيل الكبرى"، طالبة من الجنود الصهاينة المشاركين في الغزو أن يؤدوا صلاة خاصة عندما يقيمون كل خيمة أو بناء في أرض العراق غرب الفرات، وأن يتلوا صلاة تقول :"مبارك أنت ربنا ملك العالم لأنك دمرت بابل المجرمة"، عندما يشاهدون "بابل". الفتوى المشار إليها تنص على ضرورة مواصلة الحرب ضد كل من تعتبره الدولة العبرية وقياداتها السياسية والدينية معاد لها، ويقصدون بذلك سورية بالدرجة الأولى وإيران بعدها. وهو ما ظهر جليا من تحذير مسؤول صهيوني مقرب من شارون لسوريا، عقب تصريحات نارية أدلى بها فاروق الشرع وزير خارجية هذه الأخيرة (ردا على مزاعم الأمريكان والصهاينة)، إذ قال المسؤول الصهيوني: "إن إسرائيل لا تسعى إلى التصعيد مع سوريا، لكن دمشق تلعب بالنار بتهديدنا بأسلحة الرعب التي تملكها". كل ما سبق يشير إلى أن الإدارة الأمريكية قد تجعل من الاعتقاد بوجود أسلحة كيماوية وغيرها بسوريا، أو البحث عن قيادات عراقية تؤويها هذه الأخيرة، مسوغا وورقة للضغط عليها (لأنها أبدت موقفا معارضا للعدوان منذ البداية، وتتهمها بأنها سهلت إرسال معدات عسكرية إلى العراق عبر حدودها)، ومعاقبتها، ربما تمهيدا لضربها على أمد معين لا قدر الله، وهو ما يستدعي من الدول العربية والإسلامية ضرورة وقفة عاجلة، لمدارسة الأبعاد الحقيقية ومآلات ما جرى وما يجري، فالمصيبة عظيمة والخطب جلل. محمد عيادي