من منا لايتذكر جلسات النسوة مجتمعات على كاس الشاي المنعنع ، او جالسات على اعتاب الابواب وكل واحدة منهن منشغلة بما في يديها ، منهن من تنسج الصوف واخرى تبحث في راس ابنها عن "قمل"و اخريات بين من "تنقي"الزرع وو.. مجالس لا تخلو من الحديث عن الرجل ، الظالم الخائن "الواعر" الحنون الشهم ..لينسجن القصص الواقعية والخيالية عن بطولات ازواجهن ، او خيباتهن مع ازواجهن ، ليكون المجلس فرصة لإسداء النصح وتصبير بعضهن البعض ،والهدف دائما هو الحفاظ على الاسرة والابناء . نساء عرفن بصبرهن والتفاني في العطاء ، نساء اخترن ان يكن "تريات" تنير كل الارجاء ، شمس تضيئ ظلمة المكان ، غيابها عتمة، وفقدانها ضلال، لا يحلوا السهر الا بوجودها، ولا تتلذذ الطعام الا إن كان من يديها ، ولا تخطو الا على خطى دعواتها كن اذا اتهمن الرجل بصفات قدحية ، لا يمكن الا ان تسلم ،فقد كن في المقابل نمودجا ومرجعا للنقاء والصفاء والنية الصادقة ، في زمن طغى فيه الرجل وتجبر اليوم نعيش انقلابا على هاته القيم ، فقد غابت جلسات النصح والتصبير ، بدعوات التحريض "ماشاء الله عليك خدامة فاش تحتاجيه" وتنافسن في اكتساب الظلم والخيانة وضاع نموذج النقاء للاجيال الصاعدة، وانتهت اسطورة اسرة بأب وام وابناء يجتمعان على طاولة واحد، وانتهى زمن القوامة الرجولية ، واستفقنا على ذكور يبحثون عن رصيد الزوجة وشهريتها قبل الارتباط بها ، وانقلبت الادوار الاجتماعية رأسا على عقب انه زمن "هاك ورا " فلا عيب يارجال في ان نرى نسوة في اشكال ما نرى اليوم، ينتفضن ضد كل شيء، حتى ضد من يثني عليهن ، استبدلوا العطف قسوة ، والحنان جافاءا ، بعدما تخليتم على رجولتكم اما طمعا او خنوعا او قهرا من الزمان ، فأحيوا رجولتكم لنسترجع نسائنا