فوزي لقجع يواصل مهامه في المجلس التنفيذي للاتحاد العربي لكرة القدم    استنفار أمني بعد العثور على جثة شاب بغابة الأوسطال        مشروع بيان قمة الدوحة: تضامن عربي إسلامي مطلق مع قطر وتنديد بالعدوان الإسرائيلي    الأمير مولاي رشيد يحل بالدوحة لتمثيل جلالة الملك في القمة العربية الإسلامية الطارئة            العيون: اختتام فعاليات المؤتمر السادس للجمعية المغربية للتخدير والإنعاش ومعالجة الألم (SMAAR)،    المغرب يطلق قانون 46.21: نقلة نوعية في تنظيم مهنة المفوضين القضائيين    بعد وقوعه في مجموعة الموت.. المغرب يفتتح مونديال الشيلي بمواجهة الماتادور الإسباني    البقالي على موعد جديد مع الذهب ببطولة العالم لألعاب القوى (طوكيو 2025)    حموني يسائل بنسعيد عن دور الإعلام العمومي في تنشيط النقاش الديمقراطي    الداخلة.. ‬حجز ‬6,‬8 ‬طن ‬من ‬الأسماك ‬واعتقال ‬12 ‬شخصاً:    طقس الإثنين.. أجواء حارة نسبيا بعدد من الجهات    "الأصلانية" منهج جديد يقارب حياة الإنسان الأمازيغي بالجنوب الشرقي للمغرب    الملك محمد السادس يدعو العلماء لإحياء ذكرى مرور 15 قرنًا على ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    الPPS أول حزب بتطوان يجتمع بشأن التعديلات الانتخابية ويرفع لقيادته مقترحاته الإصلاحية    دورة غوادالاخارا لكرة المضرب: الأمريكية يوفيتش تحرز باكورة ألقابها في سن ال17    "لبؤات الفوتسال" يصطدمن بالأرجنتين    البطولة الاحترافية لكرة القدم.. بداية قوية للكبار وندية من الصاعدين في أول اختبار    السفينة المغربية "علاء الدين" تنطلق مع أسطول الصمود نحو ساحل غزة    بيلاروسيا تنظم مناورات مع روسيا    ناشر مجلة يرفع دعوى قضائية ضد "غوغل"    حريق مهول يشب في قيسارية بحي بني مكادة    أسطول المساعدات الدولية لغزة ينطلق من تونس متجها للقطاع ل"كسر الحصار الإسرائيلي"    فيلم "مورا يشكاد" يتوج بمدينة وزان    الرقم الاستدلالي للإنتاج الصناعي والطاقي والمعدني خلال الفصل الثاني من 2025.. النقاط الرئيسية    المصادقة بتطوان على بناء محجز جماعي للكلاب والحيوانات الضالة    سيغموند فرويد إلى شايم كوفلر: لايمكن أن تصبح فلسطين دولة لليهود    تزامنا مع احتجاج الساكنة.. التامني تدق ناقوس الخطر بشأن الوضع الكارثي بمستشفى الحسن الثاني بأكادير    مهنيو نقل البضائع يتهمون الحكومة ب"التخلي" عن القطاع وتجميد الحوار    بين صورة الوطن وكرامة المواطن: أي معنى للاستثمار في الملاعب    أبرز الفائزين في جوائز "إيمي" بنسختها السابعة والسبعين    الكلمة أقوى من الدبابة ولا مفر من الحوار؟    النقابة الوطنية للتعليم العالي ترفض مشروع قانون 59.24 وتلوّح بإضراب إنذاري    إسرائيل تكثف قصفها لمدينة غزة ‬مع وصول روبيو    تغييرات محتشمة في الحكومة الجزائرية الجديدة        طريق الناظور-تاوريرت بحلة جديدة.. مشروع استراتيجي يمهد الطريق لميناء الناظور غرب المتوسط    برنامج وطني بمليار درهم لتأهيل الأسواق الأسبوعية                        وجهٌ يشبه فلسطين    حبُ بين برديَن    المهرجان الدولي لسينما الجبل بأوزود يحتفي بالاعلامي علي حسن    كوريا تؤكد أول حالة إصابة بأنفلونزا الطيور شديدة العدوى هذا العام    بعقْلية الكسل كل أيامنا عُطل !    منظمة الصحة العالمية تسجل ارتفاع حالات الإصابة والوفاة بالكوليرا    ارتفاع حالات الكوليرا حول العالم    دراسة: "حمية الكيتو" قد تساعد في علاج الاكتئاب    ناصر الزفزافي يرسل رسالة مؤثرة من داخل سجنه بطنجة بشأن جنازة الفقيد والده    الزاوية الكركرية تحتفي بإصدارات الشيخ محمد فوزي الكركري    أجواء روحانية عبر إفريقيا..مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تحيي المولد النبوي    أمير المؤمنين يصدر أمره إلى المجلس العلمي الأعلى بإصدار فتوى شاملة توضح للناس أحكام الشرع في موضوع الزكاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللغة العربية اليوم بألف خيرعبر العالم، وهاكم بعض الدلائل
نشر في التجديد يوم 15 - 04 - 2014

كيف استطاعت اللغة العربية الفصيحة أن تعيش مدة طويلة قبل ظهور الإسلام وبعده إلى يومنا هذا في الوقت الذي عرفت الإنسانية لغات أخرى اندثرت كما هو الحال بالنسبة للغة اللاتينية التي سادت أوروبا بعد أفول اللغة العربية الفصيحة بالأندلس، و لكنها سرعان ما اضمحل شأنها و لم يعد لها بريق الأمس و انكمشت في زوايا بعض الكنائس خلافا للغة العربية الفصيحة ؟ ومع طول عمر اللغة العربية الفصيحة يمكن التساؤل كيف لم تشخ ولم تترهل و ظلت صامدة ، نضرة ؟ و كيف يمكن الحكم على حالها اليوم ؟ في كلمة واحدة أقول إن اللغة العربية الفصيحة اليوم هي بخير وهاكم بعض الدلائل :
أولا- تزايد عدد الملمين بها عبر المناطق التي تنتشر فيها. لنأخذ على سبيل المثال بلدا كالمغرب وهو واحد من بين اثنين وعشرين دولة تعلن في دساتيرها أن اللغة العربية الفصيحة فيها لغة رسمية. كم كان عدد سكان المغرب في بداية الاستقلال وكم كان عدد الذين يتقنون اللغة العربية الفصيحة آنذاك؟ لم يكن عدد المغاربة يتجاوز الخمس ملايين نسمة في ذلك الوقت...ومن بين هذا العدد ربما كان الذين يفهمون اللغة العربية الفصيحة لا يتجاوز العشرة آلاف على أكثر تقدير. اليوم نحن نقارب الأربعين مليون نسمة وقد يتجاوز عدد الذين يلمون باللغة العربية الفصيحة عدة ملايين نسمة إذا كنا متشائمين... لا نملك إحصائيات دقيقة في هذا الموضوع، إلا أنه يمكن الجزم أن عدد الذين يمتلكون اللغة العربية الفصيحة اليوم أكثر بكثير مما كان عليه الوضع غداة الاستقلال. ويكفي أن نعلم أنه في بداية الاستقلال ،لم يكن المغرب يتوفر على أية جامعة حيث تدرس اللغة العربية الفصيحة ،كما هو الحال اليوم بالجامعات المتعددة التي جاءت مع الاستقلال و بعده، و هذا يعني أن الاستعمار كان هدفه هو تحقيق أغراضه الخاصة وترسيخ اللغة الفرنسية في الوطن و القضاء على اللغة العربية الفصيحة، و هو ما زال لحد الآن يلهث وراء هذا الحلم الخبيث ... و إذا ما قارنا الوضعية الحالية بالوضعية السالفة، يمكن الجزم أن اللغة العربية الفصيحة ليست في موقع تراجع بل العكس هو الصحيح. وما يقال عن المغرب يقال عن باقي الدول التي تعترف باللغة العربية الفصيحة كلغة رسمية لها. إذا، يمكن القول إن اللغة العربية الفصيحة استفادت من تزايد السكان في المنطقة الجغرافية حيث هي منتشرة.
والخلاصة هي أنه مع تكاثر عدد السكان بالمنطقة العربية زاد انتشار اللغة العربية الفصيحة. و العبرة هنا هي أنه مع هذه الزيادة يزداد عدد الذين يمكن أن ينتجوا المعرفة باللغة العربية الفصيحة وهذا أمر واقع في بعض الميادين وسينتشر أكثر مستقبلا . من هذا الجانب فاللغة العربية الفصيحة بخير.
ثانيا - عودة اللغة العربية الفصيحة بقوة إلى مناطق كانت قد غابت عنها لمدة من الزمن . نتكلم في التاريخ الإسلامي عن " الفردوس المفقود «، لكن هذا الفردوس عاد بصيغة جديدة و بقالب آخر.
ففي سنة 1609 أي السنة التي طرد فيها المسلمون نهائيا من الأندلس ظلما و عدوانا ومحاربة للغة العربية الفصيحة و للدين الإسلامي ،حيث أحرقت آلاف الكتب المحررة بالعربية الفصيحة هناك ، اعتقد الكل أن اللغة العربية الفصيحة شطبت من أوروبا بكيفية لا رجعة فيها . اليوم، ما هو حال الإسلام بأوروبا؟ وطبعا من قال الإسلام قال اللغة العربية الفصيحة . هناك ما يقارب من 8 ملايين مسلم يعيشون في مختلف الدول الأوروبية ،لدرجة أن المساجد لا تستوعبهم يوم الجمعية ، فتؤدى الصلاة في الشوارع مما يخلق مشاكل للدول المستقبلة...أما عدد المدارس و المؤسسات التي تهتم باللغة العربية الفصيحة و التي يحرص المسلمون بأوروبا حرصا شديدا على تعليمها لأولادهم حفاظا على هويتهم ، فحدث و لاحرج ...إنها تعد بالمئات في قلب أوروبا وحتى في الأمريكيتين و دول آسيا. حقيقة أن هذه العودة مزعجة لبلد كفرنسا مثلا. فما تقوم به الدولة الفرنسية بخصوص تدريس اللغة العربية الفصيحة هو جد محتشم و يظل عمل الجمعيات أساسيا، و بفضل هذا العمل الجمعوي المكثف و العنيد حتى عند أبناء الجيل الثاني و الثالث التي كانت فرنسا تعول على أن يندمج كلية في النسيج الاجتماعي الفرنسي ، ستضطر الدولة الفرنسية إلى أخذ هذا الأمر بجد في القريب العاجل لتعطي للغة العربية الفصيحة حقها في مناهج التعليم الفرنسي كلغة تعد الثانية في فرنسا من حيث عدد متكلميها، وهي بدون شك قد بدأت التفكير في ذلك بكل جدية بعدما تيقنت أن الاندماج الكلي لأبناء المهاجرين لم يتحقق بالشكل الذي كانت تعول عليه وهي ستعمل على ذلك كتكتيك ربما حتى يتحقق لها الاندماج التي تهفو إليه.
و كخلاصة بالنسبة لهذه النقطة فإن المدارس التي تدرس اللغة العربية الفصيحة اليوم في البلاد الأوروبية وغيرها كثيرة جدا وهو ما لم تكن تحلم به اللغة العربية الفصيحة من قبل.و يظهر أثر ذلك في الوجوه العديدة التي تطل علينا عبر الشاشات العربية وحتى من الشاشات الأوربية الناطقة باللغة العربية الفصيحة ، وهي وجوه لأجانب يتكلمون اللغة العربية الفصيحة بطلاقة مما يدل على أن هذه اللغة ، خلافا لما يشاع عنها بكيفية مغرضة و تحقيرية ، لغة غير صعبة في تعلمها. وهناك دلائل علمية خلصت إليها بعض الدراسات الديداكتيكية تثبت أن اللغة العربية الفصيحة أسهل في تعلمها من بعض اللغات كاللغة الفرنسية التي تزاحمها في الفضاء اللساني العربي، و إن كان مثل هذا القول لا يقول به اللسانيون الذين يسوون بين جميع اللغات . لكن للديداكتكيين رأي آخر في هذا المجال.
و بالنظر إلى هذا الجانب الخاص بتواجد اللغة العربية الفصيحة في الديار الغربية و التي يقبل على تعلمها الغربيون بكيفية تجعلنا نندهش لهذا الأمر ، أوليس بالإمكان القول إن اللغة العربية الفصيحة بخير؟
ثالثا – فضل وسائل الإعلام الحديثة على اللغة العربية الفصيحة . و لا بد هنا من الإشارة إلى أنه في سنة 1956 كتب " فانسان مونتيل " وهو فرنسي الأصل معروف بكتاباته حول بعض الإشكاليات بالعالم العربي و إفريقيا ،مؤلفا شيقا بعنوان " العربية الحديثة "( هكذا بهذا النعت الذي دفع فرنسا إلى عدم الترويج لهذا الكتاب) تنبأ فيه بمستقبل زاهر للغة العربية الفصيحة لأنه تبين له أن هذه اللغة ، بفضل تقنيات الإذاعة ، بدأت تدخل إلى كل البيوتات وأنه أصبح بإمكان الناس أن يسمعوها في كل مكان وهي تذاع عليهم .مما زاد في انتشارها و في توسيع دائرة استعمالها .
اليوم مع الفضائيات ،زيادة على الإذاعات المختلفة ، عرفت اللغة العربية الفصيحة انتشارا واسعا لم تعرفه أبدا من قبل و لم تكن تحلم به . حقيقة أن انتشار الأمية في البلدان العربية تجعل هذه الفضائيات تلجأ في بعض برامجها إلى العاميات التي تزاحم اللغة العربية الفصيحة، لكن المثقفين عموما لا يتابعون هذه البرامج بل يتابعون برامج تقدم باللغة العربية الفصيحة في أكثر من منبر مما يدل على أنه بتوسيع دائرة التمدرس و التثقيف مستقبلا ستتراجع العاميات ،تاركة المجال إلى اللغة العالمة ، اللغة العربية الفصيحة و هي ليست لغة النخبة كما يدعي البعض بل لغة في متناول الجميع إذا توفر للجميع الحق المشروع في في التمدرس كحق من حقوق الإنسان.
اللغة العربية استفادت كثيرا من هذا ،كما استفادت من الوسائل التكنولوجيا الحديثة على نطاق واسع كالأنترنيت و غيرها، وهذه أشياء يعرفها الجميع و يعرف الجميع أن اللغة العربية الفصيحة لم تختر كلغة رسمية في الأمم المتحدة هكذا اعتباطا ، بل لأنها لغة قوية و واسعة الانتشارو ذات تراث عالمي و إنساني ضخم ...في بداية الاستقلال لم يكن يصدر في الإعلام المكتوب المغربي سوى بعض الجرائد التي كانت تعد على رؤوس أصابع اليد الواحدة ...اليوم تكاثر هذا العدد، و في كل صباح يمكن مشاهدة عدد هائل من المواطنين المغاربة في المقاهي يطالعون الصحف المغربية المختلفة المكتوبة باللغة العربية الفصيحة، و هذا ينطبق على باقي الدول التي رسمت اللغة العربية الفصيحة في دساتيرها...ولهذا يمكن الجزم أن اللغة العربية الفصيحة في تقدم و هي بخير.
رابعا ،استفادة العربية الفصيحة من مزايا النشر. تعرف اللغة العربية الفصيحة في مجال النشر انتشارا لم تكن تحلم أنه سيتوفر لها منذ مئة سنة ..و رغم قلة ما ينشر باللغة العربية بالمقارنة مع الدول الغربية ،نظرا لانتشار الأمية في الأوساط العربية و نسبة المقروئية المخجلة فيها ، فهناك يوميا عشرات من الكتب باللغة العربية الفصيحة تظهر في مختلف البلاد العربية. ومن يقلل من هذا،
فهو في الواقع يضع نفسه تحت التأثير السلبي للدعاية المغرضة التي تسعى إلى الحط من اللغة العربية الفصيحة لأغراض إديولوجية لا تنطلي على ذوي الألباب المتيقظة .
خامسا و أخيرا و ليس آخرا، هناك ظهور لافت لجمعيات المجتمع المدني التي تعمل على حماية و تطوير اللغة العربية الفصيحة و الدفاع عنها في كثير من البلاد العربية . وهذا يؤكد أن اللغة العربية لها جيشها العتيد الذي لن يفرط فيها أبدا ..وهذا كذلك يدل على أنها بخير.
الخلاصة :
لكل هذه الاعتبارات و أخرى لا مجال لاستعراضها هنا فإنه يمكن الجزم أن اللغة العربية الفصيحة بخير ...طبعا هي تعرف بعض التعثرات ناتجة عن أزمات و صراعات سياسية تمر منها الدول التي تستعملها وهي دول نسبة الأمية فيها كبيرة كما سبق القول .و نظرا لكون اللغة العربية الفصيحة منتشرة في أكثر من بلد، فهي تشكل قوة مخيفة...لذلك تحارب و تلصق بها تهم العقم والصعوبة في التعلم و الواقع غير هذا. و تهاجم كذلك لأنها لغة دين يتقدم و يخيف بتقدمه و لا يريد الغير المعادي له أن يرى فيه، الدين السمح كما جاء للعالمين.وهذا الهجوم الكرتوني لن ينال من اللغة العربية الفصيحة وسيمر كما مرت أعتى العواصف على اللغة العربية العالمة الشامخة دون اجتثاثها من القلوب و الصدور. نأمل أن تأتي يوما شخصية عربية فذة تعمل لصالح اللغة العربية الفصيحة لإخراجها من المستنقعات التي يريد البعض أن تغرق فيها، من مثل مستنقعات سياسة الفرنسة الهدامة .
وبما أنها صامدة و وضعيتها تتحسن بفعل التمدرس رغم بطئه و بفعل تراجع الأمية رغم عناد البعض في أن تستمر بيننا لأغراض تخدم مصالحهم ، فاللغة العربية الفصيحة بخير.
* رئيس الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.