تضامن مراكشوفاس مع بغداد يحمل أكثر من دلالة رغم أنهما ليستا أول المدائن العربية أو العالمية التي خرجت لتقول لا للعدوان الأمريكي.وأعظم هذه الدلالات أنهما تشتركان مع بغداد في كونهما حاضرتين تاريخيتين من حواضر الحضارة الإسلامية، ولقد ظلتا عبر التاريخ مثل بغداد ترمزان إلى الشموخ الحضاري والصمود في مواجهة مختلف أشكال العدوان. خرجت مراكشوفاس لأن بغداد تواجه اليوم عدوانا شبيها بالغزو التتري، وكما أنه كان لذلك للغزو التتري التاريخي على بغداد "بوشه"، فإن للغزو الأمريكي البريطاني اليوم "هولاكوه" الجديد، والذي استجمع كل معالم ومواصفات الطغيان والاستكبار. والفرق بين البوشين والهولاكوين أن هولاكو العصر الحديث أضاف إلى صلفه واستكباره قدرة هائلة على تزييف الحقائق والكذب على الشعب الأمريكي وشعوب العالم، وقدرته الدعائية المسنودة بالتطور الهائل لوسائل الإعلام على تحويل الغزو الهمجي إلى تحرير، والعدوان الغبي المتوحش إلى "حرب ذكية". القصف الأمريكي المتوحش كما هو معلوم نتج عنه قتل للأبرياء وتدمير المنشآت المدنية ما يكشف بالملموس الأكاذيب الأمريكية. وكما أفاد ذلك مراسلو الوكالات والفضائيات، فإن كثيرا من العراقيين يلجأون عند القصف إلى المساجد ويرفعون أصواتهم بالأذكار والأدعية، تماما كما كان يفعل الوطنيون في مراكشوفاس في مواجهة المؤامرات الاستعمارية. حق لأهل فاسومراكش وغيرهما من الحواضر الحضارية التاريخية الإسلامية مثل القيروان والقاهرة ودمشق، وقبلها المدينةالمنورة ومكة أن تتضامن مع بغداد وأهل بغداد، وحق أيضا للعواصم الحضارية العالمية أن تفعل ذلك لأن الغزو الأمريكي للعراق هو عودة بالبشرية خطوات إلى الوراء في درك الهمجية وشريعة الغاب... وإن التضامن اليوم مع بغداد هو نصرة لكل القيم النبيلة التي جاءت بها الأديان السماوية ويتمسك بها عقلاء الإنسانية. الدفاع عن بغداد ومساجدها هو دفاع عن كل العواصم الإسلامية والعالمية بمساجدها وكنائسها وبيعها وصلواتها ومآثرها الحضارية كما في قوله تعالى: (ولولا دفاع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا، ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز). الحرب على العراق ليست حرب حضارات، وإنما هي حرب الحضارة ضد الهمجية والوحشية.