تنص القاعدة القانونية على أن عدم احترام الإدارة للمساطر القانونية في تعاملها مع الموظفين يعتبر شططا في استعمال السلطة، المشرع أقر للموظفين عددا من الضمانات القانونية، وإن كانت الإدارة تملك سلطة على موظفيها، إلا أن القانون وضع لها حدودا لا يجب تجاوزها. في قضية اليوم، سنتوقف عند ملف يتعلق بتأسيس قرار العزل على ارتكاب أفعال جنائية، دون أن تتم متابعته بهذا الشأن أمام القضاء المختص للبث فيها بحكم فاصل، فضلا عن انعقاد المجلس التأديبي بشكل فوري يوم وقوع الأفعال المنسوبة للطاعن دون تمكينه من تجهيز دفاعه طبقا للفصل 67 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية الذي ينص على أن للموظف المتابع، الحق في أن يطلع على ملفه الشخصي بتمامه وعلى جميع الوثائق الملحقة به. كل ذلك يجعل صدور قرار العزل بشكل سابق عن أية متابعة زجرية ودون احترام حقوق الدفاع المكرسة دستوريا مخالفا للقانون وموجبا للإلغاء. فما هي حيتيات هذه القضية؟ شطط في استعمال السلطة بعد سنوات من العمل، تفاجأ "يوسف" الذي يعمل "مقدم شرطة" بعزله من عمله، وتوريطه في تهمة التهديد بالسلاح والسكر، بعد إحالته على المجلس التأديبي بشكل سريع، فتم توقيفه وعزله في حينه في اليوم الموالي دون مراعاة لحقوق الدفاع، ملتمسا إلغاء القرار القاضي بالعزل. لجأ "يوسف" إلى القضاء من أجل رد الاعتبار والطعن في قرار العزل، إلا أن المحكمة الإدارية بالرباط قررت ابتدائيا عدم قبول طلبه، فاستأنف الحكم على اعتبار أن العزل الذي طاله يتسم بالشطط في استعمال السلطة. قضى القرار الاستئنافي الذي تقدم به "يوسف" بإلغاء الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية بالرباط، والقاضي بعدم قبول الطلب، ذلك أنه بناء على المقال الافتتاحي المقدم بكتابة ضبط المحكمة من طرف المدعي(يوسف) عرض هذا الأخير أنه مقدم شرطة، ولج سلك الشرطة سنة 1991 ولم يسبق أن سجل عليه أي إخلال مهني، وأنه خلال يوم 6/4/2010 كان في وضعية تنقل للدعم بمدينة البيضاء فتعرض للاعتداء من طرف شرطي آخر بزي مدني الذي اتفق مع زميل له على توريطه في تهمة التهديد بالسلاح والسكر، فأحيل على المجلس التأديبي بشكل سريع وتم توقيفه وعزله في حينه في اليوم الموالي دون مراعاة لحقوق الدفاع، ملتمسا إلغاء القرار القاضي بالعزل. وبناء على المذكرة الجوابية المدلى بها من طرف المديرية العامة للأمن الوطني، التمست هذه الأخيرة رفض الطلب لكون قرار العزل مؤسس على خرق المدعي لشرط المروءة والانضباط المهني وإتيانه أفعالا خطيرة في أدائه لمهامه. وبناء على المذكرة بعد الإحالة المدلى بها من طرف الطاعن بواسطة نائبه يلتمس فيها إلغاء قرار العزل على اعتبار عدم احترام حقوق الدفاع ولكون الوقائع المؤسس عليها التأديب كان يجب إحالتها على القضاء للبت فيها بحكم يكون هو مرتكز أي قرار تأديبي. رد الاعتبار أكد "يوسف" في الطعن الذي تقدم به، عدم احترام الجهة المطلوبة في الطعن(المديرية العامة للأمن الوطني) لحقوق الدفاع، ولكون الأفعال المؤسس عليها قرار العزل لم تكن محل مؤاخذة جنائية مسبقة، وذلك ردا على ما دفعت به الجهة المطلوبة في الطعن بكون الطاعن أتى أفعالا مخلة بالانضباط المهني وبشرط المروءة. وبرجوع المحكمة لوثائق الملف، لم يثبت لديها احترام الإدارة المطلوبة في الطعن للضمانات القانونية التي يمنحها القانون للموظف -حسب التعليل الذي تقدمت به المحكمة-، ذلك أن المدعى عليها أسست قرار العزل على قيام المدعي بأفعال جنائية، في حين أنه لم تقع متابعته بهذا الشأن أمام القضاء المختص للبت فيها بحكم فاصل، فضلا عن عدم انعقاد المجلس التأديبي بشكل فوري يوم وقوع الأفعال المنسوبة للطاعن دون تمكينه من تجهيز دفاعه طبقا للفصل 67 من النظام الأساسي العام للوظيفة، الذي نص على أن للموظف المتابع الحق في أن يطلع على ملفه الشخصي بتمامه، وعلى جميع الوثائق الملحقة به، واعتبرت المحكمة أن صدور قرار العزل بشكل سابق عن أية متابعة زجرية ودون احترام حقوق الدفاع المكرسة دستوريا مخالفا للقانون وموجبا للإلغاء، فقررت بإلغاء القرار المطعون فيه تطبيقا للقانون رقم 90.41 المحدث للمحاكم الإدارية.