استهجنت حركة النهضة، التي تقود الائتلاف الحاكم في تونس، اتهامات «المبادرة التونسية لكشف الحقيقة حول اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي» لها بالتورط في قتلهما، واصفة إياها بأنها «باطلة ولا تنطلي على أحد»، فيما توقع قيادي بالمركزية النقابية (الاتحاد العام التونسي للشغل) أن ينطلق الحوار الوطني بين أحزاب الترويكا (الائتلاف الحاكم) والمعارضة، اليوم الجمعة «على أقصى تقدير». وفي بيان لها، قالت النهضة، إن «تصريحات المبادرة تعدّ ادعاءات باطلة لا تنطلي على أحد، وهي تهدف لتشويه حركة النهضة، وتبرير لعودة دعوات التصعيد والصدام بعد أن فشلت خلال الأسابيع الماضية». وفي وقت سابق، أول أمس، اتهمت «المبادرة التونسية لكشف الحقيقة حول اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي»، القيادي الإسلامي الليبي، عبد الحكيم بلحاج، بالوقوف وراء الاغتيالات السياسية والعمليات «الإرهابية» التي تعيشها تونس. كما زعمت «المبادرة»، وهي مكونة من محامين وحقوقيين تونسيين ذوي ميول يسارية متطرفة معادية للتيار الإسلامي، أن حكومة علي لعريض وحزب حركة النهضة وتنظيم أنصار الشريعة «متورطون في الاغتيالات السياسية، والأعمال الإرهابية بجبل الشعانبي بتونس». وفي تعليق له، قال مدير المكتب الإعلامي لحركة النهضة، العجمي الوريمي، إن «اتهامات المبادرة، تعبير عن مواقف سياسية لأحزاب بعينها»، معتبراً أن «تلك الاتهامات قائمة على تخمينات وتحاليل بسيطة ليست صحيحة». وفي حديث مع «وكالة الأناضول للأنباء»، أضاف الوريمي، أن « المصدر الرسمي المخوّل له بالحديث عن ملف اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي، هم القضاء ووزارة الداخلية ووزارة العدل «فهم المصدر الرسمي للحقيقة وللكشف عن نتائج التحقيقات والأبحاث ذات الصلة بالقضيّة». وأعرب عن رأيه في أن «الهدف من هذه الاتهامات في هذا الوقت بالذات، هو التشويش على استعدادات انطلاق الحوار الوطني، وتهرّب بعض القوى السياسية من الجلوس إلى طاولة الحوار، وسعيها لإيجاد سيناريوهات أخرى للتوافق الوطني»، على حدّ قوله. واغتيل المعارض شكري بلعيد في فبراير الماضي، ثم اغتيل المعارض محمد البراهمي في يوليوز الماضي، مما ساهم في تأزيم العلاقة بين الحكومة والعديد من قوى المعارضة. واتهمت وزارة الداخلية تنظيم «أنصار الشريعة» بالضلوع في عمليات الاغتيال التي شهدتها البلاد، وأعلنته تنظيما «إرهابيا». توقيف بعد تسريب في غضون ذلك، أوقفت وزارة الداخلية التونسية، مساء أول أمس، اثنين من «كوادرها» وموظفين آخرين لديها عن العمل بتهمة تسريب وثائق تتعلق بقضية اغتيال المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، حسب بيان صادر عن الوزارة. وفي بيانها الذي أذاعته وسائل الإعلام التونسية المرئية والمسموعة، قالت الداخلية، إنه «سيقع تتبع الموقوفين الأربعة إدارياً وقضائياً، وذلك وفق ترتيبات الأثر الإداري والقانوني على التسريبات بالتنسيق مع القضاء المدني والعسكري»، ولم يوضح البيان هوية الاثنين من «كوادرها» وملابسات تسريب تلك الوثائق التي تقول الوزارة إنها تعرضت للتدليس. وتأتي قرارات الداخلية هذه على خلفية اتهامات لها، أول أمس، من قبل «المبادرة التونسية» بالتورط في عمليتي الاغتيال بناءً على وثائق مسرّبة، على حدّ تعبير أعضاء المبادرة. وفي هذا الصدد، نفت وزارة الداخلية التهم الموجّه إليها، معتبرة في ذات البيان أن «المعطيات المقدّمة من قبل المبادرة خاطئة». وبينت أن «التواريخ المضمّنة على الوثائق المستظهر بها من قبل المبادرة هي تواريخ مدلّسة (مزورة) ومخالفة للواقع، وسيتمّ تقديم الإشعارات الحقيقية والصحيحة إلى حاكم التحقيق المتعهّد «. واتهمت «المبادرة التونسية لكشف الحقيقة حول اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي»، في وقت سابق من الأربعاء، القيادي الليبي، عبد الحكيم بلحاج، بالوقوف وراء الاغتيالات السياسية والعمليات «الإرهابية» التي تعيشها تونس. وادعت المبادرة أنها تملك وثيقة تبرز تحذيرات أصدرتها وزارة الداخلية التونسية بخصوص «عزم عبد الحكيم بلحاج التسلل خلسة إلى تونس العام الماضي، والقيام بعمليات إرهابية»، وهو ما نفاه بلحاج، في تصريحات ل»الأناضول»، أول أمس، حيث أبدى، الرئيس السابق ل»المجلس العسكري الليبي»، إبان الثورة الشعبية على العقيد الراحل، معمر القذافي، استنكاره لتلك الاتهامات الموجهة إليه. انطلاق الحوار وعلى الصعيد السياسي، قال قيادي بالاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية) إن الحوار الوطني الذي سيجمع أحزاب الترويكا (الائتلاف الحاكم) بالمعارضة، سينطلق اليوم الجمعة على أقصى تقدير. ونقل راديو «موزييك إف إم» التونسي (الخاص) عن الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل، بوعلي المباركي، قوله، إن «الأجواء مشجعة لإنجاح الحوار الوطني رغم التهديدات التي تلقاها الاتحاد»، والحوار سينطلق اليوم الجمعة «على أقصى تقدير»، فيما لم يعط مزيدا من التفاصيل حول تلك التهديدات. وأعلنت المؤسسات الأربعة الراعية للحوار، التي يقودها الاتحاد العام التونسي للشغل، في بيان مشترك لها، السبت الماضي، أن حركة «النهضة»، قبلت بمبادرتها وبتفعيل محتواها. والمؤسسات الراعية للحوار الوطني بين الحكومة والمعارضة هي: الاتحاد العام التونسي للشغل، والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، والهيئة الوطنية للمحامين التونسيين، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان. وتشهد تونس أزمة سياسية منذ اغتيال الناشط السياسي المعارض محمد البراهمي في يوليوز الماضي؛ خرجت على إثرها مظاهرات تطالب الحكومة بالاستقالة وبحل البرلمان وتشكيل حكومة إنقاذ وطني تتزعمها كفاءات وطنية. وكان رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي قد أعلن أن حكومة بلاده لن تستقيل إلا بعد إيجاد البديل الذي سيستكمل المسار الانتقالي، رافضًا بشكل قطعي الدخول في فراغ مؤسساتي. ونقلت قناة «روسيا اليوم» عن «الغنوشي» قوله: «ليس واردًا أن تكون هناك استقالة فورية للحكومة، فهذا الأمر ليس مدرجًا في المبادرة الرباعية كشرط فوري، بل كان مطلبًا للمعارضة، ولكنه شرط وارد في المفاوضات وجزء من الحوار». وأوضح «الغنوشي» أن «الحكومة ستستقيل بعد إيجاد البديل، ولا يمكنها أن تستقيل لتترك الفراغ في البلاد، فاستقالة الحكومة تأتي نتيجة لاستكمال المسار الانتقالي، وهذه القضايا متروكة للحوار الوطني، ونحن منفتحون على كل الاقتراحات». ويشار إلى أن الحكومة التونسية تواجه حملة من قبل بعض الأحزاب العلمانية الساعية لإنهاء تلك التجربة.