كشفت مصادر مصرية مطلعة النقاب عن مخطط للوقيعة بين قطاع غزة والجيش المصري يقوده القيادي السابق في حركة «فتح» محمد دحلان بتمويل من بعض الدول الخليجية وبتسهيلات صهيونية. فيما نفت كتائب عز الدين القسام الذراع العسكري لحركة «حماس» صحة بيان نشرته وسائل إعلام مصرية يتحدث عن «النفير العام» لنصرة الإخوان المسلمين في مصر. في وقت ندد فيه المتحدث باسم الجماعة الدكتور أحمد عارف بزجّ «حماس» في أزمات مصر الداخلية، واصفا الحملة الإعلامية المصرية بأنها «أمرًا بغيضًا، ولا يمكن القبول به»، بالموازاة مع اتهام «حماس» غريمتها السياسية (فتح) بتحريض وتأليب الرأي العام المصري عليها وعلى قطاع غزة عقب تبني «فتح» ما يشاع عن تدخل «حماس» في الشأن المصري الداخلي. ونقلت وكالة «قدس برس» عن المصادر المصرية، التي تحدثت إليها وطلبت الاحتفاظ باسمها، أن دحلان «قام بتفعيل اتصالاته مع مجموعات مسلحة في سيناء وضخ مبالغ مالية ضخمة لها، وأوعز لهذه المجموعات شنَّ هجمات وبشكلٍ مستمر على أهداف تتبع الجيش والشرطة المصريين، وطلب تركيز الهجمات بالمدن القريبة من قطاع غزة». وذكرت هذه المصادر أن القيادي الأمني في حركة «فتح»، والمقيم في دولة الإمارات العربية المتحدة، «يتابع تنفيذ المخطط الذي وضعه بنفسه بالتعاون مع قيادات أمنية مصرية وفلسطينية تدين له بالولاء، حيث يقوم بإغداق الأموال عليها.. ويتم ذلك بعلم «إسرائيل» وبتمويل كبير تقدمه دول خليجية، لا سيما تلك التي سارعت بدعم الانقلاب العسكري في مصر». ويهدف هذا المخطط، بحسب المصادر، «لاستفزاز الجيش المصري واستدراجه لشن عملية عسكرية واسعة في سيناء بموافقة صهيونية وتطويق قطاع غزة بالكامل وتشديد الحصار عليه ومحاولة خنق حكومة «حماس» وسحب كل أو معظم التسهيلات الممنوحة لها وللمواطنين»، معتبرةً أن تحليق المروحية المصرية فوق قطاع غزة وخان يونس ورفح فجر الجمعة الماضية ولمدة ساعتين دليلاً واضحًا على وجود تنسيق بدرجة متزايدة بين الجيش المصري و»إسرائيل» لحصار غزة وإبقائها تحت التهديد والترقب، كما قالت. كما تهدف هذه التحركات أيضًا، كما تقول المصادر، لإظهار أن من يقوم بهذه الهجمات في سيناء ضد الجيش والشرطة المصريين هي مجموعات من غزة، أو داعمة للرئيس المصري المعزول محمد مرسي للتحريض على غزة وحركة «حماس» وكذلك على الرئيس مرسي. وأشارت المصادر ذاتها إلى أن هذه المجموعات، التي وصفتها ب»الخارجة عن القانون»، لا تعلم غالبًا بعلاقة دحلان بالموضوع، إلا أنها تنفذ المهمات المسندة إليها بعد تلقيها دفعات بملايين الدولارات، وذكرت أن المفاجأة والمصيبة أن ذلك يأتي بمعرفة قيادات أمنية مصرية مشاركة في هذا المخطط بعد أن تم رشوتها بالملايين. وأضافت: «الخوف الآن يأتي على قائد الجيش الثاني الميداني الذي بدأ يكشف بعض خيوط ما يحدث في سيناء. وما المزاعم على محاولة اغتياله التي أصدرتها الداخلية المصرية إلا إنذارًا أوليًّا له، بعد شعور قادة أمنيين بامتعاضه من الانقلاب على الرئيس مرسي». وتابعت: «من هنا وبعد تنفيذ مخطط عزل الرئيس محمد مرسي يبدأ وبشكل متدحرج إحداث وقيعة وإسالة دماء بين غزة ومصر, وتأليب الرأي العام المصري على قطاع غزة، بمساعدة سخية, وتحريض كبير, وحملة افتراءات وأكاذيب من التلفزيون الرسمي المصري, وقنوات «الفلول» لشيطنة الفلسطينيين وأهالي غزة، تمهيدًا لخطوات قاسية بحقهم وتشديد الخناق عليهم»، كما قالت المصادر. «القسام» تكذب الشرطة المصرية في غضون ذلك، نفت كتائب عز الدين القسام الذراع العسكري لحركة «حماس»، أول أمس، صحة بيان نشرته وسائل إعلام مصرية يتحدث عن «النفير العام» لنصرة الإخوان المسلمين في مصر. وقال الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة في تصريحات صحفية، نشرتها مواقع فلسطينية إخبارية، أول أمس: «هذا النصّ المفبرك لا يصنّف عند كتائب القسام كتعميم أو بيان أو أي شيء آخر، وليس له أي أساس من الصحة». وأضاف «من كتب هذا التعميم المزعوم والموسوم بالسرّي والعاجل، هو شخص في غاية الغباء والتفاهة، وهو حتى لا يتقن الفبركة والتدليس، وأسلوب كتابة هذه الوثيقة المزوّرة بعيد كل البعد عن أدبيات وسياسة واستراتيجية كتائب القسام». وكان موقع الشرطة المصرية على «الفيسبوك» ومواقع إعلامية مصرية محسوبة على الانقلابيين، قد نشر بيانا موقعا باسم كتائب القسام يدعو ألويتها إلى النفير العام وانتظار ساعة الصفر لنصرة إخوان مصر. وقال أبو عبيدة: إنّ «الذين يقومون بمثل هذه الفبركات ويروّجون مثل هذه الأكاذيب في هذا الظرف الحساس هم أعداء للشعبين المصري والفلسطيني، ويهدفون لخدمة العدو الصهيوني المشترك، ولكننا على ثقة بوعي الشعب المصري لمثل هذه الأساليب القذرة، التي يستهتر صنّاعُها بعقول الشعوب». وحذر أبو عبيدة وسائل الإعلام بكافة أشكالها «من نشر وترويج مثل هذه الأراجيف والأكاذيب»، مضيفا أنّ «كتائب القسام لا تعمل بالمطلق خارج حدود فلسطين، ولها دور وواجب مقدّس في مواجهة العدو الأول للأمة وهو العدو الصهيوني». يشار إلى أن وسائل إعلام مصرية وأخرى فلسطينية موالية لحركة فتح وجهت اتهامات لحركة حماس بالتدخل في الشأن المصري الداخلي وهو الأمر الذي نفته الحركة الإسلامية. «الإخوان» يستنكرون من جهته، استنكر الدكتور أحمد عارف المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين ما تناقلته وسائل الإعلام المصرية من وثائق وبيانات مزعومة ل»كتائب القسام» أو حركة «حماس»، منددًا بزجّ الحركة في أزمات مصر الداخلية. وقال عارف في تصريح خاص ل»المركز الفلسطيني للإعلام»: إن تناول الإعلام المصري لحركة حماس والفلسطينين في كل نوازل وأزمات تمر بها مصر على أن الحركة هي المتسببة فيها «بات أمرًا بغيضًا، ولا يمكن القبول به»، نافيا بشكل قاطع وجود اتصالات بين الإخوان وحماس فيما يتعلق بأزمات مصر الداخلية. وحول البيان المزعوم والمنسوب ل»كتائب القسام» بشأن الدعوة المزعومة للنفير لنصرة إخوان مصر، أوضح عارف: «الحديث عن أن كتائب القسام، التي لها دور مشهود في تحرير غزة وفك الأسرى، بأنها أعلنت التعبئة العامة وتنتظر الإشارة لمهاجمة ثكنات عسكرية للجيش المصري، هذا الحديث لا يتقبله عقل حصيف»، مؤكداً أن مبادئ حركة حماس وثوابتها لا تسمح بإجراء أي عمليات خرج حدود فلسطين حتى وإن كانت تضر الاحتلال، فما بالنا إن كانت ضد جيش مصر الذي يحمي حدود فلسطين ومصر من الاحتلال! وأكد عارف أنه «من غير المقبول لدى جماعة الإخوان الاستعانة بأي قوة خارجية في الأزمات الداخلية للبلاد أو الاستقواء بحركات أو دول في ظل أزمة سياسية داخلية»، مشددًا على أن الجماعة رغم اختلافها مع قيادة المؤسسة العسكرية (المصرية) إلا أنها ترفض أي اعتداء على الجيش المصري الوطني لأنه في النهاية الحامي للدولة ودرعها الواقي ودوره الوطني مشهود على مر الزمان. وأعرب عن استغرابه من الزجّ باسم حركة «حماس» في كافة الأزمات التي تمر بها مصر من خطف للجنود المصريين وقتلهم على الحدود ومساندة الرئيس مرسي بحراسة خاصة من كتائب القسام والتورط في فتح السجون وتهريب الإخوان وقت الثورة، مضيفا: أي منطق يتقبل هذا الأمر؟! خاصة أن القضاء لم يثبت تورط حماس أو الفلسطينيين بشكل عام في أيٍّ من تلك الأمور، مشيرًا إلى أن وسائل الإعلام تسعى إلى مثل هذه الأمور من المماحكات السياسية لجلد الإخوان عبر ظهر حماس. تشويه صورة الفلسطينيين وكانت «حماس» قد اتهمت غريمتها السياسية حركة (فتح) بتحريض وتأليب الرأي العام المصري عليها وعلى قطاع غزة عقب تبني فتح ما يشاع عن تدخل حماس في الشأن المصري الداخلي. وكشف القيادي بالحركة صلاح البردويل ل»الجزيرة نت» عن حصول حركته على وثائق موقعة من رئيس جهاز المخابرات التابع للسلطة الفلسطينية ماجد فرج تحتوي على تعليمات «لنسج قصص من الخيال ومفبركة بالاشتراك مع إعلام فتح لمهاجمة حماس». وأشار القيادي في حماس إلى أن هذه الحملة تشترك فيها أطراف فلسطينية وعربية وصهيونية، وتهدف لشيطنة حماس وقطاع غزة في العقلية المصرية، معتبراً أن ما يجري خطير للغاية وله تداعيات سلبية. وفي وقت لاحق جدد البردويل تحذيره من استمرار ما أسماه ب»الحملة الممنهجة والمنظمة» التي قال بأن جهات داخل السلطة الفلسطينية ومفوضية إعلام «فتح» تخوضها بالتنسيق مع جهات صهيونية من أجل تشويه المقاومة وصورة الفلسطينيين في الخيال الشعبي المصري، ودق أسافين غير مسبوقة في التاريخ القديم والمعاصر في العلاقة بين الشعبين الفلسطيني والمصري، على حد قوله. وقال البردويل في تصريحات خاصة ل»قدس برس»، أول أمس: «لقد بات واضحا ومؤكدا أن سلطة «فتح» في رام الله تعمل بشكل حثيث وسريع من أجل إثارة الشبهات ضد «حماس» والتحريض عليها وعلى قطاع غزة، ومن أجل استعداء الشعب المصري على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وذلك من خلال المساهمة في إيصال معلومات مضللة إلى وسائل الإعلام المصرية، وإلى أركان القيادة المصرية، تشارك فيها أجهزة الأمن من خلال معلومات مفبركة، وإعلام «فتح» بدرجة ثانية بالإضافة إلى سيناريوهات مفبركة من الإعلام الصهيوني». وأشار إلى أن «هذا التعاون الكبير بين أجهزة الأمن الفلسطينية والصهيونية يتم بضوء أخضر من مفوضية الإعلام في «فتح» وقيادة السلطة، هذا هو العنصر الأساسي في ضخ معلومات مضللة ومشبوهة حول «حماس» وقطاع غزة، وهي معلومات تتلقفها وسائل إعلام مصرية ترغب هي الأخرى في دق إسفين بين الشعب المصري والقضية الفلسطينية، وتغذيها أموال خارجية معروفة الهوية ناقمة على «حماس» والمقاومة، وتغذيها أيضا منظومة سياسية وحزبية غير راغبة في رؤية المقاومة». وأضاف: «لقد التقى هذا الحقد من طرف السلطة, مع الحقد الصهيوني مع حقد الجهات الممولة, وإعلام فاسد وغير مهني، كل هذا ساهم في إيجاد حملة شرسة هي أشبه بالحقد النازي ضد الشعب الفلسطيني والمقاومة، والتركيز هنا يتم على قطاع غزة و»حماس» وليس على الضفة الغربية، ولكن الاستهداف الآن تجاوز غزةوالفلسطينيين ليلحق بالسوريين، كل شيء له علاقة بالمقاومة يتم استهدافه, لم نعهد في التاريخ الحديث والمعاصر حملة إعلامية شرسة بهذا المنطق العدواني الفاشي ضد الشعب الفلسطيني».