دار لقمان على حالها على إثر ما إطلعنا عليه في بعض الصحف اليومية من مداولات مجلس النواب المتعلقة بوزارة العدل وحقوق الإنسان وردود وزير العدل على تساؤلات بعض النواب حول أوضاع الإقامة في السجون وعلى إثرها أعلن من إنشاء لجنة لتقصي الحقائق حول الإقامة في السجون، فقد وجدنا من الجدير أن نصدر بيانا لتوضيح بعض الأمور من اجل إنارة الرأي العام داخليا وخارجيا ولاسيما للمعنيين بالأمر من منظمات حقوق الإنسان وقنوات الإعلام أولا : إن إصدار قانون جديد للسجون وإنشاء خطة قاضي تنفيذ العقوبات منذ ما يقرب من عامين لم يغير من واقع السجون التونسية شيئا بل إننا لم نطلع أبدا على الفصول الكاملة لهذا القانون اللهم إلا ما قرأناه من شذرات وفقرات متفرقة في الجرائد وندوات الدعاية لوزير العدل إذا يبدو أن الإدارة العامة للسجون والإصلاح إستحق أن تطلع مساجينها على هذا القانون نظرا للهوة السحيقة بين ما خير فيه وبين واقعهم اليومي المتعفن بشتى أنواع القمع الجسدي والنفسي، فدار لقمان على حالها وإذا حصلت بعض التحسينات فإن السبب يعود إلى الخشية من تفاقم الفضائح والإحتجاجات، وإلى إجتهادات بعض المديرين وليس لإقتناع ووعي بضرورة تطبيق القوانين والمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان والسجين ثانيا : مع تأكد الجميع من أن إنشاء هذه اللجنة ليس إلا رد فعل على الحملة الإعلامية في الخارج ( رغم وجود تراكم للتشكيات الموجهة إلى السلطات المعنية من المساجين وعائلاتهم ) وأن الهدف منها سيكون محاولة مضادة ومنافقة لهذه الحملة الخارجية أكثر منه تطويرا حقيقيا وملموسا لواقع السجون، فقد عمد المديرون منذ الإعلان عنها إلى محاولات بائسة ومضحكة لتغطية بعض الأعوار " تحسبا لزيارات هذه اللجنة وعلى رأسهم مدير سجن برج الرومي كما سيأتي بيانه في آخر البيان ثالثا : إن المشكل الأساسي في السجون التونسية هو الإكتظاظ الفاحش ( عدد المساجين في سجون الجمهورية يناهز28 ألفا ) وهو في تزايد مستمر بينما طاقة الإستيعاب على حالها منذ أكثر من عقد وهو إكتظاظ يفوق الخيال في بعض السجون الكبرى كالسجن المدني بتونس ( حيث ينام المساجين على الأسرة وعلى الأرض بالتداول ) مما جعل السجون وسطا ومرتعا لشتى انواع الأمراض والعفو الرئاسي الذي هو من المفروض أن يمثل حلا أو على الأقل تنفسا لهذا الضغط ( في ثلاث مناسبات ) لم يعد يمثل منذ سنوات عديدة إلا تقليدا بائسا ودعاية شكلية فأكبر سجن للمحكومين ( برج الرومي :2350 ) بقيت له أيام أو أسابيع عن موعد إفراجه الأصلي رابعا : يعمد المديرون، كما جرت العادة منذ أكثر من عقد إلى إخفاء ما يمكنهم من حقائق وتزوير الأرقام ورفع تقارير مغالطة، وإذا حدث أن قام مسؤول إداري أو قاضي تنفيذ العقوبات أو حتى أعضاء الهيئة العليا لحقوق الإنسان ( الرسمية ) فإنهم يعمدون إلى إدخالهم إلى بعض الغرف النموذجية والإحتياطية كجناح F في السجن 9 أفريل أو غرف العملة وتقديم أكلات الأعوان على انها أكلات المساجينO. إلخ وعلى رأسهم في هذه الأيام مدير سجن برج الرومي ( علي شوشان ) حيث عمد منذ تعيينه إلى الإستهتار المفضوح بالبقية الباقية والهزيلة من قوانين وتراتيب ويتمثل هذه الإستهتار في النقاط التالية : 1. عدم مقابلة المساجين الذين يطلبون مقابلته وعدم رده حتى على مطالبهم وتشكياتهم الكتابية إضافة إلى سوء سلوكه من إدمانه الخمر يوميا وسب الجلالة 2.الإنحدار في نوعية وكمية التغذية ( الصبة ) على إنعدام صحتها وتوازنها أصلا وتكفي الإشارة إلى انه في ظرف ثلاثة أشهر لم يتلق المساجين إلا ثلاثة ( راسيونات ) ( لحم أو سمك ) والمفروض قانونا أنها معينة ( 3 RATIONS) لأسبوع واحد كما ان الخضر ( طماطم وفلفل وبصل ) تباع بأعلى من أسعار السوق والنوع الردئ يباع لنا بأعلى من سعر النوع الممتاز من السوق بفارق مائة مليم وأكثر حسب إطلاعنا على الأسعار من الجرائد والحصة التلفزية الصباحية ) وسعر البيضة ب100 مليما وسعرها في السوق ب70 مليما ويباع لنا سعر النوع المتوسط من الحليب بسعر النوع الأعلى وهذا ينم عن وجود تلاعب في الميزانية المخصصة للتغذية، ولنا ادلة على ذلك 3.الإنحدار في مستوى العناية الصحية والعلاج داخل السجن، كما وقع إهمال كثير من المساجين الذين تستوجب حالتهم الصحية نقلهم إلى المستشفيات لإجراء عمليات 4.عدم توفير الأغطية ( الزور ) والحشايا وخصوصا المساجين الذين ينامون في " الكدس " ليس بينهم وبين الأرض إلا سمك هزيل من أغطية بالية او منزلية 5.رفضه لتمكين مساجين الصبغة الخاصة ( الإنتماء ) من حق الزيارة بدون حاجز رغم سماح الإدارة العامة والقانون بذلك منذ أكثر من عام ولم يتمتع بهذه الزيارة إلا سجينان فقط بعد إضراب جوع ورفض الزيارة العادية، رغم قلة عدد مساجين الإنتماء وجنوحه إلى التناقص المطرد 6.غياب قاضي تنفيذ العقوبات لمدة تقارب العام وعدم إيصال مطالب وشكايات المساجين إلى مكتبه رغم نص القانون على ضرورة إتصاله المباشر بالمساجين مرة كل شهر على الأقل اللهم إلا إذا كان يأتي خلسة ولا يتصل به إلا سجينمن " ذوي الحضوة " 7.الفوضى في تقسيم الشؤون اليومية ومشاكل المساجين فصار الأمر متروكا لإجتهادات الأعوان والوكلاء والملازمين المتناقضة والمتضاربة مما زاد مشاكلهم تعكيرا وتعقيدا 8.عودة بعض الأعوان إلى أسلوب المضايقات والإستفزازات تعبيرا عن حنينهم إلى ماضي القمع الرهيب الذي تميز به برج الرومي ( عصابة في جبل ) 9.بروز سلطة بعض المساجين من " الكبدانة " نظرا لمكانتهم في دواليب " TRAFIC " " والحرابش " ( الأدوية المخدرة ) والحضوة التي يتمتعون بها لدى الوكلاء والملازمين والمتورط بعضهم في التمعش من " TRAFIC " وفي مثل هذا الوضع فقد بدأ يحاول هذا المدير تغطية بعض الأعوار كتحسين العلاج وتوفير بعض الحشايا الجديدة وحاويات القمامة حتى تكتمل " مدة تقصي الحقائق " وهي عقلية متخلفة وممارسات منافقة لن تدفع حتما إلى تغييرحقيقي لأوضاع الإقامة في السجون وما بني على شفا جرف هار هو منهار لا محالة