دعت حركة المقاومة الإسلامية «حماس» في فلسطينالمحتلة إلى أكبر هبة جماهيرية نصرة للأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني، مؤكدة أن الاحتلال سيندم على جرائمه، وذلك ردا على استشهاد الأسير الفلسطيني ميسرة أبو حمدية، صباح أمس، والذي قضى في ظروف صحية قاسية بسبب سياسة الإهمال الطبي المفضي إلى الموت البطيء الذي بات سلوكا تنتهجه سلطات الاحتلال للتخلص من الأسرى القابعين في سجونها. فيما نددت السلطة الفلسطينية والفصائل بالجريمة الصهيونية. وقالت حركة «حماس» على لسان الناطق باسمها الدكتور سامي أبو زهري، في تصريح صحفي: «نتابع باهتمام وقلق كبير التطورات الخطيرة داخل السجون الصهيونية والتي كان آخرها استشهاد الأسير البطل ميسرة أبو حمدية داخل السجن والذي رفض الاحتلال الاستجابة لكل الدعوات للإفراج عنه بسبب خطورة حالته الصحية وأصر على اعتقاله حتى آخر لحظة من حياته». وأشار أبو زهري، وفق ما نقل عنه «المركز الفلسطيني للإعلام»، إلى أن مقتل الشهيد أبو حمدية يعكس مدى عنجهية الاحتلال ومدى الخطر الشديد الذي يتهدد حياة الأسرى الفلسطينيين في السجون الصهيونية. ودعا المتحدث باسم «حماس» رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى التوجه إلى محكمة الجنايات الدولية لضمان محاكمة قادة الاحتلال القتلة، مطالباً مصر وجميع الأطراف العربية والدولية تحمل مسؤولياتهم لوقف الانتهاكات والجرائم الصهيونية بحق الأسرى. بدوره، قال الناطق الرسمي باسم الرئاسة، نبيل أبوردينة، "إن استشهاد الأسير ميسرة أبوحمدية هو ما حذرنا منه منذ وقت طويل، حيث إن استمرار اعتقال الأسرى والإهمال الطبي يؤديان لتداعيات خطيرة، محذرا من استمرار مسلسل القتل البطيئ للأسرى". وأضاف أبوردينة في تصريحات له عقب وفاة الأسير ميسرة، أن الرئاسة تحمل الحكومة الإسرائيلية مسئولية استشهاد الأسير، داعيا إلى إطلاق سراح جميع الأسرى في السجون الصهيونية. «ميسرة أبو حمدية» واستشهد الأسير الفلسطيني «أبو حمدية»، صباح أمس، والمصاب بمرض السرطان، في سجن «سوروكا» الصهيوني ببئر السبع، في الوقت الذي أصرت فيه سلطات الاحتلال على رفض الإفراج عنه رغم خطورة حالته الصحية. والأسير الشهيد أبو حمدية البالغ من العمر خمسة وستين عامًا، هو ضابط برتبه لواء في جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني، اعتقل على يد الاحتلال الصهيوني منذ الثامن والعشرين من شهر ماي من عام 2002، خلال الاجتياحات العسكرية لقوات الاحتلال للضفة الغربية، وتدميرها لمقرات السلطة، وقد حُكم عليه بالسجن مدى الحياة على خلفية نشاطه خلال الانتفاضة واتهامه بقتل صهيونيين. وقال رئيس نادي الأسير قدوره فارس إن مصلحة السجون الصهيونية أبلغتهم بشكل رسمي بخبر وفاة الأسير أبو حمدية، والمصاب بسرطان الحنجرة، نظراً لتدهور وضعه الصحي وبقائه في الأسرة رغم حالته الصحية الحرجة. ووفقا لإفادات محاميه، فقد أبو حمدية الوعي عدة مرات وسقط أرضا وأصيب بجروح، ولم يستطع الكلام بسبب تفشي مرض السرطان في الغدد والحنجرة. وخلال الشهرين الأخيرين ومنذ اكتشاف السرطان لديه طرأ تدهور متسارع وكبير على وضعه الصحي، مما هدد حياته، وأصبح مؤخرا بين الحياة والموت، حيث عانى من انتفاخ في الغدد الليمفاوية، وهبوط حاد في الوزن، وعدم القدرة على النطق وأوجاع في كافة أنحاء الجسد، خصوصا الأضلاع والعضلات وعدم استطاعته النوم ليلا ونهارا من شدة الألم. وباستشهاد الأسير أبو حمدية يرتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة الفلسطينية إلى 207 شهداء قضوا في زنازين الاحتلال الصهيوني بسبب الإهمال الطبي والقتل العمد وإطلاق النار صوبهم والاعتداء بالضرب والتعذيب الشديد. ويشار إلى أن ملف الأسرى المرضى في سجون الاحتلال ينزف دماً، فالسجون تغص بمئات المعتقلين الذي يعانون من أمراض لا حصر لها، تصيبهم جراء ظروفهم الاعتقالية بالغة السوء، وفي ظل إهمال طبي متعمد. واعتبر أسرى فلسطينيون محررون ومختصون في شؤون الأسرى أن «الكيان الصهيوني يترجم قرارا اتخذه بإعدام الأسرى في سجون الاحتلال من خلال سياسة الإهمال الطبي». الاحتلال و"السلطة" مسؤولان من جهتها، حملت شقيقة الشهيد الأسير الاحتلال والسلطة الفلسطينية في رام الله مسؤولية استشهاده في سجون الظلم الصهيوني. وقالت اعتدال أبو حمدية في تصريخ خاص ل«المركز الفلسطيني للإعلام»: «الاحتلال تعمد الإهمال الطبي بحق شقيقي ميسرة ما أدى إلى استشهاده وهذه السياسة ما زالت متبعة مع 24 أسيرا آخر يعانون السرطان في سجون الاحتلال، وأناشد كافة الجهات الدولية بالتدخل الفوري والعاجل لإنقاذ الأسرى المرضى وخاصة الأسرى المصابين بالسرطان، حيث إن سياسة الإهمال الطبي ممارسة وبشكل كبير بحق أسرانا في السجون والوفاء لميسرة هو بالتدخل الفوري العاجل لإنقاذ كوكبة من أسرانا وهم شهداء مع وقف التنفيذ يقبعون تحت رحمة سجان ظالم». وأضافت أبو حمدية بأنها تحمل المسؤولية كاملة عن استشهاد شقيقها لقوات الاحتلال الصهيوني الذي استشهد في سجونه عدد من الأسرى في أقل من عام، كما حملت السلطة الفلسطينية في رام الله المسؤولية عن استشهاد شقيقها، معتبرة أنها يجب أن تقف عند التزاماتها تجاه الأسرى المرضى علهم يخرجون أحياء قبل أن يحملون على الأكتاف. وأشارت إلى أنه سيتم تشريح جثة الشهيد ميسرة (64 عاما) قبل أن يشيع إلى مثواه الأخير، علما أن لديه أسرة مكونة من أربعة أبناء يسكنون الأردن وأحدهم في الولاياتالمتحدةالأمريكية. مطالب بمحاكمة الاحتلال بدورها، طالبت القوى الوطنية والإسلامية في قطاع غزة قيادة السلطة الفلسطينية بالتوجّه لمحكمة الجنايات الدولية لتقديم قادة الاحتلال للمحاكمة على جرائمهم بحق الشعب الفلسطيني، وخصوصاً الأسرى. ودعا القيادي في حركة الجهاد الإسلامي خضر حبيب خلال مؤتمر صحفي عقد بمدينة غزة صباح أمس، الأممالمتحدة وجامعة الدول العربية وكافة المؤسسات والهيئات الدولية لمحاسبة قادة الاحتلال الصهيوني على جرائمه بحق الأسرى. كما توجّهت القوى الوطنية والإسلامية بالدعوة لمصر بالتدخل العاجل والفوري للقيام بواجبها ومواجهة جرائم الاحتلال المستمرة، والعمل على إلزام الاحتلال الصهيوني ببنود اتفاق التهدئة واتفاق الكرامة الخاص بالأسرى، بوصفها راعية للاتفاقين. وأوضح القيادي حبيب أن القوى الوطنية والإسلامية «تتدراس التطورات وستتخذ الخطوات المناسبة للرد على مثل هذه الجرائم الإسرائيلية بحق الأسرى الفلسطينيين». ودعت القوى الوطنية والإسلامية جماهير الشعب الفلسطيني للتعبير عن غضبهم على هذه الجريمة الصهيونية الجديدة، مطالبين بالصمود والتوحد للرد على جرائم الاحتلال المستمرة. من جانبه، دعا الدكتور أحمد بحر، النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية لفحص ملابسات استشهاد الأسير ميسرة أبو حمدية. وشدد بحر في تصريحٍ له أمس على ضرورة وضع حد لجرائم الاحتلال بحق الأسرى الأبطال في السجون الصهيونية. وناشد البرلمانات العربية والدولية والمؤسسات الحقوقية والمنظمات الدولية إطلاق حملة دولية واسعة في مواجهة الإرهاب الصهيوني بحق الأسرى. بدورها، نعت كتلة «التغيير والإصلاح» البرلمانية، ممثلة حماس في المجلس التشريعي (البرلمان)، الشهيد حمدية، مؤكدة أن استشهاده يكشف مدى بشاعة الاحتلال وعنجهيته وحجم جرائمه الممنهجة ضد أسرانا الأبطال. ودعت الكتلة، في بيان نشره «المركز الفلسطيني للإعلام»، المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته في حماية الأسرى والخروج عن حالة الصمت والضغط على الاحتلال لإنهاء معاناة الأسرى الذين يتعرضون يومياً للموت البطيء وحياتهم معرضة للخطر الشديد نتيجة الانتهاكات والجرائم المستمرة بحقهم. في غضون ذلك، أكد مدير مركز «أحرار» لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان، فؤاد الخفش، على أن الصمت المخيم على جرائم الاحتلال لابد أن ينتهي، وأن الشعب الفلسطيني لا يريد فتح تحقيقات، لأنه أصبح كلاماً لا معنى له ولا مغزى. وطالب «بأن لا تمر هذه الجريمة بالشجب والاستنكار والمطالبات». وقال: «إن الشعب الفلسطيني يجب أن يخرج عن صمته ويجب أن يخرج من أجل الأسرى، وخاصة المرضى، حتى لا يكون هؤلاء بانتظار ذات المصير الذي لقيه أبو حمدية ومن قبله عرفات جرادات، وغيرهم من الأسرى الشهداء». وكشف الخفش إلى أن هناك حالات لا تعد ولا تحصى من الأسرى المرضى داخل السجون، وهم يعانون أوضاعاً صحية خطيرة ومزمنة، ولا يقدم لهم العلاج البتة، مما يثير مخاوف أسر هؤلاء الأسرى، وتوقعهم استشهاد أبنائهم المرضى في أي لحظة، بسبب وجود سوابق من هذا الجانب. وقال الخفش، إن ما تعرض له الأسير ميسرة أبو حمدية، والذي كان يعاني من مرض السرطان، وقد تدهور وضعه الصحي منذ أيام، من نقله للمشفى لكن دون إعطاء العلاج، فيدل ذلك على نية الاحتلال المبيتة لاغتياله. إضراب شامل وحداد إلى ذلك، دعا وزير الأسرى في الحكومة الفلسطينية بالضفة الغربية، عيسى قراقع، إلى إضراب شامل وحداد في الضفة، اليوم الأربعاء. وقال قراقع، في بيان صحفي، إن وفاة ميسرة أبو حمدية، فجر اليوم (أمس)، متأثرًا بإصابته بمرض السرطان «جريمة بشعة وخطيرة عن سبق الإصرار، ارتكبت بحق الأسير بسبب الإهمال الطبي والتلكؤ بالإفراج عنه». وطالب الوزير بلجنة دولية عاجلة «للتحقيق في ظروف استشهاده وتعرضه لإهمال طبي متعمد منذ سنوات»، وحمَّل حكومة الاحتلال ومصلحة السجون المسؤولية «عن هذه الجريمة». ودعا إلى أن يكون الإضراب الشامل اليوم. من جانبها، أعلنت الهيئة القيادية العليا للأسرى، صباح أمس، في بيان نشرته وكالة الأناضول للأنباء، إن الأسرى في كافة السجون الصهيونية أعلنوا الحداد العام لمدة ثلاثة أيام من تاريخ أمس. وأضافت أن الأسرى سيدخلون في موجة من التصعيد ضد إدارة السجن «التي قتلت بدم بارد الأسير أبو حمدية». وعلى الفور، اندلعت اشتباكات بين قوات الاحتلال الصهيوني والأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، فيما اقتحمت قوات تابعة لإدارة السجون سجني «ايشل» و»ريمون» ونفذت عمليات قمع بحق الأسرى، وذلك عقب الإعلان عن استشهاد الأسير أبو حمدية. وقال وزير شؤون الأسرى والمحررين في رام الله عيسى قراقع، إن اشتباكات وصدامات عنيفة تحدث حاليا (صباح أمس) بين الأسرى وإدارة السجون الإسرائيلية، عقب استشهاد الأسير ميسرة أبو حمدية من الخليل. وأضاف قراقع في تصريح صحفي، أن الوضع متوتر جدا داخل المعتقلات، وبدأ الأسرى بالتكبير والضرب على الأبواب احتجاجا على استشهاد الأسير أبو حمدية نتيجة الإهمال الطبي المتعمد من قبل إدارة سجن «إيشل»، مشيرا إلى أن الأسرى سيخوضون إضرابا عن الطعام اعتبارا من اليوم في كافة السجون. وفي السياق، أفادت وزارة الأسرى والمحررين بغزة أن أعدادا كبيرة من قوات «المتسادا» التابعة لإدارة السجون مدججة بكامل أسحلتها ومصطحبة معها الكلاب البوليسية اقتحمت غرف وأقسام الأسرى في سجن «ريمون» وقامت بعمليات قمع وتنكيل بالأسرى. ونقلت الوزارة عن أحد الأسرى دخل الأسرى، أن عملية الاقتحام تمت مباشرة بعد إعلان الأسرى احتجاجهم على استشهاد زميلهم الأسير أبو حمدية، حيث قدر عدد القوات المقتحمة بأكثر من 200 جندي معزز بكامل عتاده العسكري ويقومون باقتحام الغرف وقمع الأسرى داخلها. وأوضح الاسير أن أعداد الأسرى داخل السجن ما يقارب 800 أسير موجودون في سجن «ريمون» موزعين على عشرة أقسام وكلهم يتعرضون (...) لعمليات مداهمة وقمع ويسمع تكبير وتهليل الأسرى. وفي السياق، أفاد نادي الأسير بأن قوات تابعة لإدارة السجون الصهيونية اقتحمت قبل ظهر أمس، قسمي 10 و11 في سجن «ايشل» ونفذت عمليات قمع بحق الأسرى واعتدت على بعضهم بالهروات والغاز. وأشارت المصادر الى أن هناك حالة من الغليان تسود السجن عقب استشهاد الأسير ميسرة ابو حمدية.