تهدف الندوة الدراسية التي ينظما المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة صباح اليوم بالرباط إلى الإسهام بجانب بقية الفاعلين في إنضاج رؤية وطنية تكون محل توافق بين كافة الأطراف والفاعلين بتعدد مشاربهم وانتماءاتهم، وتهم صيغة إخراج المجلس الوطني للغات كمؤسسة دستورية. وحول الأدوار والاختصاصات التي ستوكل لها وأيضا تركيبتها والآليات التي ستعتمدها في إشراك المجتمع المدني. وهي محطة تندرج ضمن سياق التفعيل الديمقراطي للدستور. المركز وحسب الأرضية الدراسية إذ ينظم هذه الندوة العلمية فإنه يستشعر حساسية اللحظة الإنتقالية التي دخلها المغرب، والتي تتميز بوجود حكومة شعبية وتعبر عن إرادة المواطنين، وبالتالي، فإن توسيع النقاش في القضايا الجوهرية والهامة في حياة المغاربة، يقتضي أولا، فهم طبيعة المجلس، وكذا أهدافه وأسسه، وأيضا فهم علاقة الثقافي/ اللغوي/ الهوياتي، بالمسألة القانونية، ومدى إمكانية وضع تصور ناظم للمشروع المجتمعي الذي ينشده المغرب لمستقبل أبنائه ولبناء نهضته التنموية. وينتظر أن تعرف الندوة التي سيحضرها كل من وزير الثقافة محمد أمين الصبيحي ووزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى الخلفي وكل الباحثين والفاعلين المدنيين والسياسيين حسن أوريد وعبد الصمد بلكبير وفؤاد أبو علي وغيرهم؛ نقاشا موسعا حول الموضوع. في أرضية الندوة تدشين نقاش هادئ ورصين يعتبر القائمون على شأن المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة أنه واعتبارا للخلفية التي يمتح منها والتي تنشغل بكل قضايا القيم والمجتمع والثقافة، وعلاقة ذلك بالسياسات العمومية، فقد قرر أن يبادر بفتح النقاش العمومي، حول ما نص عليه دستور فاتح يوليوز 2011 من تشكيل لمؤسسة وطنية تعنى بالسؤال اللغوي والثقافي في المغرب، وذلك تماشيا مع روح الدستور الجديد، وقصد إرساء هذه المؤسسة بروح من التشارك والنقاش العلمي والأكاديمي الرصين، وبانخراط لكافة أطياف المكونات المغربية، من فاعلين سياسيين وجمعويين وأكاديميين ومسؤولين عن القطاعات العمومية المعنية بالأمر بشكل مباشر أو غير مباشر. والمركز حسب أرضية منظمي الندوة إذ ينظم هذه الندوة العلمية فإنما يستشعر حساسية اللحظة الإنتقالية التي دخلها المغرب، والتي تتميز بوجود حكومة شعبية وتعبر عن إرادة المواطنين، وبالتالي، فإن توسيع النقاش في القضايا الجوهرية والهامة في حياة المغاربة، يقتضي أولا، فهم طبيعة المجلس، وكذا أهدافه وأسسه، وأيضا فهم علاقة الثقافي/ اللغوي/ الهوياتي، بالمسألة القانونية، ومدى إمكانية وضع تصور ناظم للمشروع المجتمعي الذي ينشده المغرب لمستقبل أبنائه ولبناء نهضته التنموية. في هذا السياق المتحول، والمتخم بالأسئلة والإشكاليات، تأتي ندوة المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة، لتدشين نقاش هادئ ورصين بعيد عن كل استقطاب إديولوجي أو سياسوي متحيز، بل إن هاجس المركز هو المساهمة بجانب بقية الفاعلين في إنضاج رؤية وطنية تكون محل توافق بين كافة الأطراف والفاعلين بتعدد مشاربهم وانتماءاتهم وخلفياتهم العلمية والأكاديمة والعالمية. وللإجابة عن تلك الهواجس تأتي هذه الندوة التي ستحتضنها المكتبة الوطنية بالرباط صباح اليوم الخميس ابتداء من الساعة العاشرة صباحا وفق المحاور التالية «الهوية المغربية بين التعدد المجتمعي والتدبير القانوني» ومحور تجارب رائدة في التدبير المؤسساتي للتعدد الهوياتي واللغوي ثم محور موقع اللغة والثقافة العربيتين في المجلس، من الأدوار المجتمعية إلى المأسسة القانونية. وذلك وفق جلستين علميتين أساسيتين الأولى تناقش موضوع «المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية التشكيل والأدوار المنتظرة» ويؤطرها كل من وزير الثقافة محمد الأمين الصبيحي ووزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى الخلفي والفاعل المدني والكاتب حسن أوريد و الصحافي ووزير الإعلام السابق العربي المساري إلى جانب الفنان والمؤلف المسرحي عبد الكريم برشيد. وستعقبها مناقشة عامة بمشاركة الحاضرين. وبعدها سيكون الحاضرون مع الجلسة العلمية الثانية والتي ستكون تحت عنوان «اللغة العربية والتنزيل الديمقراطي للدستور: من التداول إلى المأسسة» بمشاركة كل من الباحث والفاعل المدني عبد العالي الودغيري والفاعل والمحلل السياسي عبد الصمد بلكبير والدكتور أحمد شحلان وعبد الرحمان بنعمرو و فؤاد بوعلي رئيس الائتلاف الوطني للدفاع عن اللغة العربية. اللقاء الذي يأتي في إطار الأنشطة السنوية، للمركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة، ينتظر أن يعرف نقاشا مفتوحا وهاما مع الفاعلين الأكاديميين ومسؤولي القطاعات العمومية المنشغلة بالسؤال اللغوي وعلاقته بالثقافة المغربية. قانون حماية اللغة العربية غائب في مخطط الحكومة التشريعي بإعلانها عن المخطط التشريعي مع مطلع سنة 2013 تكون الحكومة قد تغاضت أو غيبت مشروع قانون لحماية اللغة العربية والذي سبق لوزير الثقافة محمد أمين الصبيحي أن راسل حوله الأمين العام للحكومة إدريس الضحاك ورئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران وذلك من أجل إدراجه بعد الانتباه إلى افتقار مشروع المخطط التشريعي لمشروع من هذا القبيل. ويتناول المشروع حسب المذكرة المرفوعة للأمانة العامة للحكومة تقوية القدرة التنافسية للغة العربية وتأهيلها ميدانيا بما يجعل منها بنية معرفية تتوفر على قدرة متطورة تلائم التطور الذي تعرفه لغات العالم. كما تتحدث المذكرة حسب نفس المصدر عن تطوير البحث العلمي في مجال اللغة العربية بالشكل الذي يواكب مختلف المستويات المعرفية والسيكولوجية، وتهدف المذكرة أيضا إلى تقوية العربية بما يعزز البعد الوطني في تفاعل مع اللغات الأخرى خاصة اللغة الأمازيغية. المذكرة تحدثت أيضا عن دعم جهود أكاديمية محمد السادس، وقد أشرف على الموضوع كل من وزارة الثقافة ووزارة التعليم العالي ووزارة التربية الوطنية والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ووزارة الاتصال ومعهد التعريب، وتقترح المذكرة أجرأة المشروع سنة 2014. كما أن المذكرة جاءت تفعيلا للمقتضيات الدستورية خاصة الفصل الخامس منه. الدستور والبرنامج الحكومي يؤكدان على تقوية النسيج اللغوي في انتظار التفعيل الميداني يجمع ويؤكد دستور المملكة والبرنامج الحكومي في تناسق تام على ضرورة تقوية النسيج اللغوي وتطوير وحماية اللغة العربية وأيضا تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وصيانة الحسانية. في الفصل الخامس من الدستور نجد ما يلي «تظل العربية اللغة الرسمية للدولة. وتعمل الدولة على حمايتها وتطويرها، وتنمية استعمالها. تعد الأمازيغية أيضا لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة، بدون استثناء. يحدد قانون تنظيمي مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وكيفيات إدماجها في مجال التعليم، وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، وذلك لكي تتمكن من القيام مستقبلا بوظيفتها، بصفتها لغة رسمية. تعمل الدولة على صيانة الحسانية، باعتبارها جزءا لا يتجزأ من الهوية الثقافية المغربية الموحدة، وعلى حماية اللهجات والتعبيرات الثقافية المستعملة في المغرب، وتسهر على انسجام السياسة اللغوية والثقافية الوطنية، وعلى تعلم وإتقان اللغات الأجنبية الأكثر تداولا في العالم ; باعتبارها وسائل للتواصل، والانخراط والتفاعل مع مجتمع المعرفة، والانفتاح على مختلف الثقافات، وعلى حضارة العصر. يُحدَث مجلس وطني للغات والثقافة المغربية، مهمته، على وجه الخصوص، حماية وتنمية اللغات العربية والأمازيغية، ومختلف التعبيرات الثقافية المغربية، تراثا أصيلا وإبداعا معاصرا. ويضم كل المؤسسات المعنية بهذه المجالات. ويحدد قانون تنظيمي صلاحياته وتركيبَته وكيفيات سيره. « وفي نفس الاتجاه نجد البرنامج الحكومي يتحدث في بابه الأول على تعهده بإطلاق سياسة لغوية مندمجة لتقوية النسيج اللغوي الوطني والانفتاح على اللغات الأجنبية و تعزيز الهوية الوطنية الموحِّدة وصيانة تلاحم وتنوع مكوناتها والانفتاح على الثقافات والحضارات، وتابع البرنامج الحكومي بالقول: «لقد أقر الدستور توجهات واضحة في هذا المجال تقتضي تنزيلا تشاركيا يرتكز على تقوية اللغتين الوطنيتين الرسميتين العربية والأمازيغية في إطار يحفظ الوحدة ويضمن التنوع وذلك بالعمل على تطوير وتنمية استعمال اللغة العربية وإصدار قانون خاص بها وإرساء أكاديمية محمد السادس للغة العربية وتمكينها من شروط الاشتغال اللازمة، وبموازاة ذلك العمل على تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية عبر وضع قانون تنظيمي يحدد كيفيات إدراج الأمازيغية وإدماجها في التعليم والحياة العامة، مع صيانة المكتسبات المحققة ووفق جدولة زمنية تراعي المجالات ذات الأولوية، واعتماد منهجية تشاركية مع مختلف الفاعلين في مجال النهوض باللغة والثقافة الأمازيغيتين، مع تعزيز دور المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية باعتباره مؤسسة وطنية فاعلة في هذا المجال، وإعادة النظر في اختصاصاته على ضوء إحداث المجلس الوطني للغات والثقافات المغربية. وستشتمل هذه السياسة أيضا على مقاربة جديدة لتعزيز الانفتاح اللغوي والاهتمام باللغات الأجنبية تعزيزا للتواصل الثقافي والبحث العلمي والتعاون الاقتصادي والتفاعل الإنساني، وإلى جانب ذلك تلتزم الحكومة في برنامجها بإرساء المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية وتفعيل دوره في حماية وتنمية اللغتين العربية والأمازيغية والمكون الثقافي الصحراوي الحساني ومختلف التعبيرات الثقافية واللسانية المغربية، مع ضمان التكامل والانسجام بين مجموع المؤسسات المعنية بالشأن اللغوي». *** امحمد الهلالي، المسؤول عن المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة: هدف الندوة بلورة رؤية علمية أكثر منها إديولوجية في موضوع اللغة والثقافة ● في أي سياق يعقد المركز المغربي للدراسات والأبحاث هذه الندوة العلمية حول المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية وقضايا اللغة والهوية؟ ❍ السياق العام يرتبط بتفعيل المشاركة من موقع الإسهام في التنزيل الديمقراطي للدستور وكذا إيجاد إطار علمي للنقاش اللغوي بعيدا عن السجالات والتجاذبات الإيديولوجية، وبما يخدم إيجاد حاضنة لمطالب فئات واسعة من الشعب المغربي حول أجرأة الدستور وتفعيل رسمية اللغة العربية وتنميتها وحمايتها وتطويرها. وأيضا بما يجعل من المجلس الوطني للغات وعاء مؤسساتيا من المفروض أن يعطي للغة مكانتها في تدبير السياسات العمومية ذات الصلة بموضوع اللغات والهوية. كما أن الندوة العلمية تأتي في واقع عام غير منصف في التعامل مع اللغة العربية ولم يبؤها حتى اليوم المكانة التي تستحق وبالتالي المراهنة مهمة على هذه المؤسسة وما شاكلها في إعادة الاعتبار للغة العربية وحمايتها وتطويرها وباقي مكونات الهوية وما يرتبط بالمسألة اللغوية عموما. ● لماذا اختار المركز هذه الظرفية بالذات لطرح الموضوع وما هي الأهداف المتوخاة من خلال هذه الندوة العلمية؟ ❍ الندوة جاءت في إطار ما دأب عليه المركز من حضور في النقاش العمومي بخلفية علمية، بهدف وضع انشغالات الفاعلين على مائدة النقاش لبلورة أفكار ومقترحات لإغناء الأرضية التي يمكن الاعتماد عليها في صياغة القانون التنظيمي لهذه المؤسسة الدستورية لارتباطها باللغة العربية والمسألة اللغوية عموما، فالموضوع يحتاج إلى إسهام علمي أكثر منه إديولوجي، كما أن اللقاء العلمي يأتي في إطار المقاربة الدستورية التي اعتمدت التوافق والوحدة لتجاوز المنطق الحدي المنغلق في تدبير هذا الشأن الدستوري الهوياتي والثقافي، ولذلك ركز اللقاء على حضور فاعلين ومشاركين من مشارب مختلفة ومتنوعة. كما يسعى المركز أيضا إلى إحداث التوازن المطلوب في النقاش اللغوي خصوصا مع التركيز عليه خاصة بعد إغفال المخطط التشريعي للحكومة لقانون خاص بحماية اللغة العربية وتطويرها، كما هو منصوص عليها في الدستور تجسيدا لمطالب فئات عريضة وواسعة من الشعب المغربي. ● كيف ستتم عملية استثمار هذا النقاش من طرف المركز..بمعنى سؤال المخرجات؟ ❍ المخرج الذي نتطلع إليه في النهاية هو إيجاد أرضية تصورية لمنظور المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة تتركز حو الإطار العام لهذه المؤسسة الدستورية في تركيبتها ووظائفها واختصاصاتها وآليات إشراك المجتمع المدني.. وكل ذلك سيكون موضوع مذكرة سترفع للحكومة والمؤسسات الدستورية ذات الصلة بالموضوع، وفق مقاربة تنطلق من أرضية الدستور أساسا وهي المبنية على الوحدة بين مكونات الهوية المغربية وعدم الارتهان للتصادم بينها، على اعتبار أن اللغتين الرسميتين العربية والأمازيغية لغتان شقيقتان وأيضا باستحضار مقاربتنا للغات الأجنبية وضرورة الانفتاح بهدف التواصل الحضاري معها وذلك بما يسترجع السيادة اللغوية للمغرب ويكسر هيمنة اللغة الأجنبية، وأيضا بما يحيد موضوع الدارجة والتدريج وعدم استعماله في مواجهة اللغة العربية أو بما يعزز هيمنة اللغة الأجنبية أو استدامتها.