وسط مخاوف من تحول الاحتقان السياسي الراهن في مصر نحو مزيد من أحداث العنف, دعا أنصار الرئيس محمد مرسي ومعارضوه إلى التظاهر، اليوم الثلاثاء، بعد أيام من إصدار إعلان دستوري جديد رفضته «جبهة الإنقاذ» المعارضة. ودعا ائتلاف القوى الإسلامية، إلى تنظيم مليونيتين حاشدتين، اليوم، أمام مسجدي رابعة العدوية وآل رشدان بمدينة نصر شرقي القاهرة وذلك ل«تأييد الشرعية والرئيس المنتخب محمد مرسي». وتحت عنوان «نعم للشرعية»، على أن تلتقي المليونيتان في موقع واحد يجري تحديده وفقا لمقتضيات الحال. ورحب الائتلاف في بيان صدر، أول أمس، بما انتهى إليه الحوار المجتمعي الذي دعا إليه رئيس الجمهورية، معلنا تأييده للإعلان الدستوري الصادر عن الرئيس، الذي اعتبر «نزعا لفتيل الأزمة التي تفاقمت في الآونة الأخيرة». وأهاب الائتلاف في بيانه «بجميع المصريين أن يشاركوا في هذا الواجب الوطني بالإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء على الدستور التوافقي الذي يمثل جميع أطياف المجتمع المصري»، وفقا لصحيفة «المصريون». يشار إلى أن وزارة العدل أعلنت، أول أمس، انتهاء إضراب القضاة وتعليق العمل، واستعدادهم للإشراف على الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد، بعد زوال سبب غضبهم، بإلغاء الإعلان الدستوري السابق، الذي تضمن تحصين قرارات الرئيس من الطعن أمام أي جهة قضائية. المعارضة ترفض وفي المقابل، دعا حزب «مصر القوية» بقيادة الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح المرشح السابق لانتخابات الرئاسة بالتصويت ب«لا» في الاستفتاء المقرر السبت المقبل على الدستور الجديد. وذكرت قناة «الجزيرة» في خبر عاجل أن الحزب دعا في بيان له، أول أمس، إلى التصويت برفض مسودة الدستور. يأتي هذا في وقت تشهد فيه الساحة المصرية جدلا كبيرا بشأن الدستور الجديد، حيث دعا معارضو الرئيس المصري محمد مرسي إلى تنظيم مظاهرات حاشدة، اليوم، على خلفية الاستفتاء على مشروع الدستور. وقالت جبهة الإنقاذ الوطني المصرية المعارضة، إنها ترفض إجراء الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد للبلاد، الذي دعا مرسي أن يجرى في الخامس عشر من الشهر الجاري. وجاء في بيان للجبهة عقب اجتماعها في مقر حزب الوفد تلاه الناطق باسمها سامح عاشور: «تعلن (الجبهة) رفضها القاطع للقرارات الصادمة الصادرة عن رئيس الجمهورية» السبت الماضي. وأعلنت «رفضها الكامل للاستفتاء المقرر في 15 دجنبر 2012»، وأكدت: «تمسكها برفض مشروع الدستور غير التوافقي بكل ما يحمله من عصف بالحقوق». انقسام في «الجبهة» وكانت جلسة «الجبهة» قد شهدت في مقر حزب الوفد حالة من العنف والتراشق بالألفاظ الخشنة. وقالت مصادر لصحيفة «المصريون»، في عدد أمس: «الجلسة شهدت انقساما كبيرا بعد أن طرح عمرو موسى رؤيته للأحداث الأخيرة وأخبر الحاضرين أنه أجرى مشاورات مع أيمن نور رئيس حزب غد الثورة واتفق معه بأن الإعلان الدستوري المكمل الصادر ليلة السبت «بعد جلسة الحوار الوطنى في رئاسة الجمهورية جيد للغاية في مجمله ويزيل المخاوف التي تسبب فيها الإعلان الدستوري الرئاسى الأخير الذي تسبب فى الأزمة». وقال موسى إن وجهة نظره ترى المشاركة بقوة في الاستفتاء على الدستور وحشد التصويت في اتجاه رفضه وأن تعلن الجبهة عن مشاركتها في الاستفتاء، محذرًا من انقلاب الجماهير على الجبهة بسبب رفضها أي حوار وكذلك خطورة إعلان رفض التعديلات التي تمت على الإعلان الدستورى لأن هذا الرفض سيضعف الموقف الشعبي المنحاز للجبهة حسب قوله وستؤدي إلى خدمة الإخوان المسلمين وتسهيل حشد التيار الإسلامي للتصويت على الاستفتاء بنعم. وتضيف الصحيفة المصرية أن محمد أبو الغار رئيس الحزب المصري الديمقراطي تدخل معترضا على كلام عمرو موسى ووصفه بأنه تراجع وضربة لوحدة صف الجبهة وموقفها وترك الساحة مرة أخرى للإسلاميين، معلنًا رفضه لإجراء الاستفتاء والإصرار على رفض أي إعلان دستوري من الرئيس مرسي، معلنا رفضه لمقترحات موسى ودعوة الحاضرين لإدانتها ودعمه في ذلك الجناح الناصري في الجبهة وخاصة سامح عاشور، الأمر الذي دفع موسى للغضب الشديد ومغادرته القاعة وانسحابه من استكمال اللقاء. وقد أبدى الدكتور السيد البدوي تفهمه لرأي عمرو موسى، الأمر الذي أغضب أبو الغار ودفعه لمغادرة القاعة هو الآخر ورفض استكمال اللقاء. وقد خيمت أجواء الانقسام والتوتر الشديد على اللقاء ودفعت رموزه للاعتكاف بعيدا عن كاميرات التليفزيون أو المشاركة في المؤتمر الصحفي على غير المعتاد، وتطوع سامح عاشور لإلقاء البيان الذي رفض بعض الحاضرين التوقيع عليه. وذكرت صحيفة «المصريون» أنه أصبح هناك ثلاث جبهات داخل الجبهة الوطنية للإنقاذ، الأولى يمثلها عمرو موسى وحزبه «حزب المؤتمر» وحزب الوفد بزعامة الدكتور السيد البدوي وترى المشاركة في الاستفتاء وتخفيف حدة الخلاف السياسي مع مؤسسة الرئاسة، والجبهة الأخرى تميل إلى المقاطعة وتصعد من حدة المواجهة مع الرئاسة والتيار الإسلامي ويقود هذه الجبهة الجناح الناصري ممثلا في حمدين صباحي وسامح عاشور وحسين عبد الغني، بينما هناك جبهة ثالثة تبدو في وضع الحيرة الشديدة وعدم وضوح الرؤية، ويمثلها الدكتور محمد البرادعي وحزب الدستور. ولم تستبعد المصادر أن ينفض التحالف السياسي بين أحزاب الجبهة على خلفية الموقف المتوتر من الاستفتاء الجديد. انتقاد للمعارضة من جانبها، انتقدت صحيفة «الأوبزرفر» البريطانية، أول أمس، إصرار البرادعي وقادة المعارضة على إلغاء الاستفتاء على الدستور، قبل العودة إلى الحوار، مشيرة إلى أن ذلك لا يصب في مصلحة مصر، مشيدة بقرار الرئيس مرسي بإلغاء الإعلان الدستوري، معتبرة أن ذلك يعد خطوة أولية في الطريق الصحيح، حتى وإن لم تنجح دعوته لبدء حوار دستوري في تهدئة معارضيه. وأشارت إلى أن الخطورة تكمن في أن تترسخ خطوط المعركة السياسية والجسدية، واستمرارها حتى وإن إنتهي الجدل الحالي حول الدستور الجديد. بدورها، أكدت صحيفة «الغارديان» البريطانية، في افتتاحيتها أول أمس، أن مشكلة مصر الرئيسية بعد الثورة هي أن القوى السياسية مثل الليبراليين والعلمانيين الذين شاركوا فى الثورة، لم يستطيعوا ترجمة نجاحهم في صناديق الاقتراع. وأضافت الصحيفة في مقال بعنوان «مصر: مسؤولية الثورة»، أن الإخوان المسلمين استطاعوا الحصول على المركز الأول في صناديق الاقتراع، وأثبتت الانتخابات أن الإخوان حزب منظم ومتحد كما أنهم استطاع اكتساب احترام وثقة العديد من المصريين على مر السنين من خلال عملهم الاجتماعي. وترى الصحيفة أن القرار الذي أصدره الرئيس المصري محمد مرسي بسحب الإعلان الدستوري المثير للجدل لن يكون كافياً لإعادة الهدوء والثقة إلى الشعب المصري. وأضافت الصحيفة أنه يتوجب على مرسي الآن إيجاد سبل بديلة كفيلة بإقناع المعارضة بأن مشروع الدستور، الذي هو لب الأزمة، لن يكون مجرد وثيقة يجرى التنافس لإقرارها أو رفضها، وإنما ميثاق يمكن أن يلقى قبول المصريين جميعا.