تعتبر تجربة حركة التوحيد والإصلاح تجربة جادة من بين التجارب التي تهدف خدمة الإنسان في جميع ميادينه؛ إذ وجهت مبكرا من بين أعضائه من يهتم بهذا العمل وكون لجنة مركزية يرعاها المكتب التنفيذي، ومباشرة عند ظهور فكرة التخصصات وعلى غرار ما جرى مع العمل السياسي أصبح العمل النقابي تخصصا من تخصصاتها. يقول الله تعالى: "ولقد أخذ الله ميثاق بني إسراءيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وءاتيتم الزكاة وءامنتم برسلي.." سورة المائدة13. وقال كعب بن مالك، قال"رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيبا، ليكونوا على قومهم بما فيهم، فأخرجوا منهم اثني عشر نقيبا، تسعة من الخزرج، وثلاثة من الأوس" سيرة ابن هشام). وجاء في ميثاق الحركة: "ليس غيرنا بأولى منا في التحدث عن حقوق العمال والطلاب والنساء وسائر فئات المجتمع المحرومة والمظلومة لأن الإسلام دين العدل وليس من وضع بشر يراعي مصلحته ومصلحة طبقته، بل هو دين الله إلى الجميع، وأحكامه لا تنحاز لطبقة على أخرى ولا لفرد على آخر" تعريف العمل النقابي، جاء في المعاجم اللغوية: النقيب عريف القوم، والجمع نقباء، والنقيب العريف وهو شاهد القوم وضمينهم، ونقب عليهم ينقب نقابة عرُف. قال أبو إسحاق: "النقيب في اللغة كالأمين والكفي، وقيل للنقيب نقيباً، لأنه يعلم دخيلة أمر القوم، ويعرف مناقبهم، وهو الطريق إلى معرفة أمورهم(لسان العرب). وفي الاصطلاح، قد تعددت تعاريف المهتمين بالشأن النقابي بتعدد توجهاتهم ومذاهبهم، ونحن لسنا بصدد المقارنة في هذا المقام بقدر ما نمهد للتعريف بهذا العمل من وجهة نظر إسلامية ولهذا نقتصر على تعريفين لكاتبين يمثلان إلى حد ما التوجه الإسلامي. وفي هذا الصدد، يقول جمال البنا:" وهكذا نرى أنه كان من المقرر فقهاً وعملاً وجود نقابة تتكون من تجمع اختياري لعدد من الأفراد يكونون أعضاءها وينتخبون رئيساً أو (نقيباً لها) .إن هذه النقابة تقوم باختصاصات عديدة من ضمنها الدفاع عن حقوق أعضائها والفصل فيما ينشأ بين أعضائها أو ما بينهم وبين سائر الناس من منازعات. وإن هذه النقابة كان لها ولاية قضائية واسعة السلطات التي أقرها الفقهاء لهذه النقابة تفوق بمراحل ما تتمتع به أي نقابة في العصر الحديث" (كتاب: الإسلام والحركة النقابية)، ويعرف زيدان عبد الباقي النقابة بأنها: "تنظيم اختياري دائم للعمال، يتولى رعاية مصالحهم والدفاع عن شروط عملهم وتحسين أحوال معيشتهم. وتعرَّف أيضاً بأنها هيئة أو جمعية أو اتحاد يمثل مجموع العاملين في صناعة أو مهنة أو مشروع صناعي، ويملك التعبير عن رغباته وآماله ويعمل على تحقيق أهداف اقتصادية" (كتاب: علم الاجتماع المهني). وأما حركة التوحيد والإصلاح فعرفت العمل النقابي في ميثاقها بالتالي: "ونقصد به مختلف الجهود والأعمال النقابية التي ترمي إلى إنصاف العمال والمستخدمين والطلاب والحرفيين وغيرهم، وتحسين أوضاعهم والدفاع عن حقوقهم ورفع الظلم عنهم، كما ترمي إلى ترشيد العمل المهني ليتسم أكثر فأكثر بالإخلاص والإتقان والأمانة في العمل، ويتم بروح التفاهم والإنصاف بين أطرافه".