بعد الإكوادور، بنما تدق مسمارا آخر في نعش الأطروحة الانفصالية بأميركا اللاتينية    ولد الرشيد: رهان المساواة يستوجب اعتماد مقاربة متجددة ضامنة لالتقائية الأبعاد التنموية والحقوقية والسياسية    الصين تؤكد دعمها للمغرب في الحفاظ على أمنه واستقراره وتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين    مواجهات نارية.. نتائج قرعة ربع نهائي دوري الأمم الأوروبية    مجلس المنافسة يغرم شركة الأدوية الأمريكية "فياتريس"    المنتخب الليبي ينسحب من نهائيات "شان 2025"    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    قانون حماية التراث الثقافي المغربي يواجه محاولات الاستيلاء وتشويه المعالم    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    الخطوط الملكية المغربية وشركة الطيران "GOL Linhas Aéreas" تبرمان اتفاقية لتقاسم الرموز    أحزاب مغربية تدعو لتنفيذ قرار المحكمة الجنائية ضد "نتنياهو" و"غالانت" وتطالب بوقف التطبيع مع مجرمي الحرب    معضلة الديموقراطية الأمريكية ..    المجر "تتحدى" مذكرة توقيف نتانياهو    بتعليمات من الملك محمد السادس: ولي العهد مولاي الحسن يستقبل الرئيس الصيني بالدار البيضاء    تفكيك خلية إرهابية موالية لتنظيم "داعش" بالساحل في إطار العمليات الأمنية المشتركة بين الأجهزة المغربية والاسبانية (المكتب المركزي للأبحاث القضائية)    زَمَالَة مرتقبة مع رونالدو..النصر السعودي يستهدف نجماً مغربياً    التنسيقية الوطنية لجمعيات الصحافة الرياضية بالمغرب تدعو الزملاء الصحافيين المهنيين والمنتسبين للتوجه إلى ملعب "العربي الزاولي" لأداء واجبهم المهني    لأول مرة في تاريخه.. "البتكوين" يسجل رقماً قياسياً جديداً    وزارة الصحة تطلق حملة "رعاية" في المناطق المتضررة من موجات البرد        تفكيك شبكة تزوير وثائق السيارات بتطوان    ارتفاع مؤشر التضخم في شهر أكتوبر    ما صفات المترجِم الناجح؟    خليل حاوي : انتحار بِطَعْمِ الشعر    الغربة والتغريب..    كينونة البشر ووجود الأشياء    أداء سلبي في تداولات بورصة البيضاء    بتعليمات ملكية.. ولي العهد يستقبل رئيس الصين بالدار البيضاء    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    القانون المالي لا يحل جميع المشاكل المطروحة بالمغرب    دفاع الناصري يثير تساؤلات بشأن مصداقية رواية "اسكوبار" عن حفل زفافه مع الفنانة لطيفة رأفت    مفتش شرطة بمكناس يستخدم سلاحه بشكل احترازي لتوقيف جانح        تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    زنيبر يبرز الجهود التي تبذلها الرئاسة المغربية لمجلس حقوق الإنسان لإصلاح النظام الأساسي للمجلس    العربي القطري يستهدف ضم حكيم زياش في الانتقالات الشتوية    رابطة السلة تحدد موعد انطلاق الدوري الأفريقي بالرباط    "سيمو بلدي" يطرح عمله الجديد "جايا ندمانة" -فيديو-    وهبي: مهنة المحاماة تواجهها الكثير من التحديات    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات للسكان بالإخلاء        أنفوغرافيك | صناعة محلية أو مستوردة.. المغرب جنة الأسعار الباهضة للأدوية    الولايات المتحدة.. ترامب يعين بام بوندي وزيرة للعدل بعد انسحاب مات غيتز    تفكيك خلية إرهابية لتنظيم "داعش" بالساحل في عملية مشتركة بين المغرب وإسبانيا    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    جامعة عبد الملك السعدي تبرم اتفاقية تعاون مع جامعة جيانغشي للعلوم والتكنولوجيا    عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجلس أوروبا يرصد مخاطر تهدد التعايش في القارة العجوز
نشر في التجديد يوم 18 - 10 - 2012

قدم مجلس أوروبا ضمن أشغاله لدورته الرابعة قبل أسبوعين بستراسبورغ، تقريره الشامل حول «التعايش بأوروبا»، «الجمع بين التنوع والحرية في أوروبا في القرن الحادي والعشرين»، وهو التقرير الذي اشتغل عليه لأكثر من سنتين، فريق عمل يترأسه وزير الخارجية الألماني السابق يوشكا فيشر، وسعى من خلاله الخبراء إلى رصد التحديات التي يطرحها انتشار العنصرية وعدم التسامح بأوروبا، وأنجز بهدف «الوقوف على هذه الظواهر التي تهدد التراكم الحقوقي والحضاري الإنساني الذي أسسته أوروبا في عقود من الزمن»، كما يقدم التقرير مبادئ ومقترحات وفق محددات موجهة، تبنى حول التهديد المحتمل لهذه الظواهر لمستقبل أوروبا، وذلك من أجل تحقيق التعايش في أوروبا.
ويتحدث التقرير الأوروبي الذي تتوفر «التجديد» على نسخة منه، عن حجم المخاطر ومستوى جديتها، ومنها «تزايد التعصب» و»تزايد الأطراف المعادية للأجانب» و»التمييز» و»وجود ساكنة مجردة الحقوق»، وظاهرة «المجتمعات الموازية» وكذا «التطرف الإسلامي» و»فقدان الحريات الديمقراطية» و»احتمال وجود صدام بين الحرية الدينية وحرية التعبير». وينتقل التقرير إلى تحديد الأسباب التي تقف وراء المخاطر التي تهدد التعايش في أوروبا، ويذكر منها «انعدام الأمن» و»الهجرة»، و»الصورة المنحازة للأقليات في وسائل الإعلام»، و»وجود أزمة قيادة»، أما الجزء الثاني من التقرير فيستعرض المبادئ الأساسية لتحقيق التعايش في مجتمع حر، ويحدد الجهات الفاعلة في التغيير، كما يقدم مقترحات عمل وتوصيات استراتيجية وأخرى محددة.
حجم المخاطر ومستوى جديتها
عبر التقرير الأوروبي حول التعايش، عن قلقه من تزايد مظاهر التعصب والمعاملة التمييزية المعادية التي يتعرض لها عدد من سكان القارة العجوز، وقال التقرير، «ندرك أيضا أن الأقليات الأخرى، بما في ذلك الأقليات العرقية والدينية، هم ضحايا لأشكال مختلفة من التمييز في جميع أنحاء أوروبا»، وذكر التقرير من بين الذين يعانون من الاضطهاد وينتمون لدول مجلس أوروبا، المهاجرون وطالبي اللجوء وأقليات عرقية والمسلمون.
التقرير تعرض لوضع المهاجرين وطالبي اللجوء طوعا، وقال بأن عددهم في تزايد مستمر، وأضاف، «غالبا ما ينظر على أنها تهديد للشعوب الأصلية وطريقتهم في الحياة»، وحسب سلسلة من الاجتماعات والدراسات الاستقصائية والبحوث الميدانية التي أجريت في العديد من الدول الأوروبية خلال إعداد تقرير مجلس أوروبا حول التعايش، يرى عدد كبير من المستجوبين، أن «المهاجرون وراء تزايد نسب الإجرام»، وأنهم «أقل احترام القانون وللسكان الأصليين»،»وأنهم يأتون للبلدان الأوروبية «لارتكاب الجرائم»، ووجودهم يجعل «المدن والشوارع الأوروبية أقل أمنا»، كما أنهم «يجلبون المرض للبلاد»، وذهبت الأبحاث المنجزة إلى القول بأنه في الغالب يتم إنشاء مجتمعات موازية للمهاجرين، توصف بمجموعات اجتماعية وسياسية خارج المجتمع المضيف. كما قالت الأبحاث الاستقصائية بأن «أبناء المهاجرين يصنفون في مراتب متأخرة دراسيا»، لأن «آباءهم لا يملكون المهارات أو التعليم اللازم لتربية أبنائهم بشكل صحيح»، التقرير أورد نظرة المجتمع الأوروبي للمهاجرين من خلال الأبحاث الميدانية المنجزة، ويقول بأنه من الممكن أن تكون استنتاجات الفآت المستجوبة تحتوي على نسبة من الصواب، ولكنه يقر في نفس الوقت بأن تلك الاستنتاجات تتسم بنوع من التعميم، و»تعبر عن عداء عميق وواسع النطاق تجاه أشخاص عرضة للمعاناة المعنوية والمادية».
أورد التقرير أن دراسات أخرى تؤكد «مدى انتشار الآراء السلبية ضد الأقليات المسلم»، وتفيد بأن الأوروبيين يعتقدون أن «الإسلام يشكل تهديدا رئيسيا لأوروبا»، يضيف التقرير، «الذين يشعرون بأن الأقلية المسلمة تنمو وأن الإسلام غير متوافق مع الحياة الأوروبية الحديثة.» ويؤكد تقرير عام 2009 لوكالة الحقوق الأساسية للاتحاد الأوروبي، «استمرار المشاعر المعادية للمسلمين في جميع أنحاء أوروبا»، كما أن مسلم من ثلاث مسلمين شملهم الاستطلاع قال بأن هناك تمييز ضد المسلمين، و 11 بالمائة عانوا شخصيا من تهديدات ذات دوافع عنصرية، على الأقل مرة واحدة في 12 شهرا الذي سبق إجراء الاستطلاع.
وتطرق التقرير إلى مظاهر التمييز الذي يتعرض له الأجانب القاطنين في أوروبا على نطاق واسع، ولها آثار ضارة وخاصة في مجالات معينة، ومنها التوظيف والإسكان والتعليم والخدمات الصحية والخدمات الاجتماعية، والمحاكم.
ويشير التقرير إلى ارتفاع معدل البطالة بين المهاجرين والغجر بالمقارنة مع باقي السكان، كما يقول أن هناك «تمييز مباشر من طرف أرباب العمل»، كما أن هناك تمييز عنصري في الحصول على فرص العمل في المحاكم، وتعتقد المنظمات غير الحكومية لمكافحة العنصرية، حسب التقرير، «أن العقوبات ليست رادعة بما فيه الكفاية دائما، اتجاه الشركات التي تمارس التمييز العنصري، حيث تسجل ضدها حالات كثيرة للتمييز».
من جهة أخرى، تحدث التقرير عن قلق اللجنة الأوروبية لمناهضة العنصرية، من تنامي مظاهر التمييز العنصري المباشر وغير المباشر نحو المهاجرين، ويقول أنه «حتى في البلدان التي تحظر التمييز في مجال الإسكان على أساس العرق»، يوجد التمييز ضد بعض الفئات المحرومة اجتماعيا. ومن بين المظاهر التي تطرق إليها التقرير في العلاقة مع موضوع التمييز، تسجيله وجود شكاوى عديدة ضد صناع القرار، بخصوص تقييد الاستفادة من نظام الرعاية الاجتماعية، يقول التقرير،»هناك تقييد وصول المهاجرين للخدمات الاجتماعية، وعلى سبيل المثال، تعتمد مجموعة من المعايير المعقدة للاستفادة من تلك الخدمات بالنسبة للمهاجرين، ومنه طول مدة الإقامة، وتصاريح العمل والجنسية وغياب السوابق الجنائية.
الإرهاب سمة ملازمة للإسلام
يقول التقرير، «لقد كان الإسلام موجودا في أوروبا لسنوات عديدة جدا، ومع ذلك، فإن الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر في الولايات المتحدة، فضلا عن هجمات التي شهدتها مدريد في مارس 2004، ولندن في يوليوز 2005 وسلسلة من التفجيرات في موسكو، كل هذه الهجمات، ولدت في أذهان الناس فكرة أن الإرهاب سمة ملازمة للإسلام»، يضيف التقرير، «وكثيرا ما يقال أنه «إذا كان كل المسلمين ليسوا إرهابيين، تقريبا جميع الإرهابيين مسلمون». ويفيد تقرير التعايش أن «الإحصاءات الرسمية تعطي صورة مختلفة للوضع، وخلص تقرير يوروبول في عام 2009، إلى أن الإرهاب الإسلامي لازال يعتبر أكبر تهديد للعالم، على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي قد واجه هجوما إرهابيا من قبل إسلاميين في عام 2008، بينما الحركات الانفصالية بدل الدينية هي التي تقف وراء العديد من الهجمات في الاتحاد الأوروبي، وبعد سنة من ذلك، لاحظ التقرير نفسه أنه في عام 2009، على الرغم من أن الإرهابيين الإسلاميين هددوا أعضاء الاتحاد الأوروبي بتنفيذ هجمات عشوائية، انخفض عدد الاعتقالات المتعلقة بالإرهاب الإسلامي (110) بنسبة 41? مقارنة بعام 2008». ليخلص التقرير إلى أن على الرغم من كل المعطيات المتوفرة، واستحضارا لوجود جماعات ودعاة يدينون القيم الغربية ويدعون إلى الجهاد، هناك تطرف إسلامي يهدد التعايش السلمي بين المسلمين وغير المسلمين في أوروبا.
صدام بين «الحرية الدينية» والحرية التعبير
وطرح التقرير سؤالا حول ما إن كان سن قوانين تمنع التحريض على الكراهية الدينية، يعتبر انتهاكا لحرية التعبير، وقال أن السؤال طرح سنة 1989، حين طالب الكثير من المسلمين بتشديد الرقابة على رواية سلمان رشدي «آيات شيطانية»، لإساءتها لزوجات النبي محمد. وقال التقرير أن مواقف المسلمين المطالبين باحترام معتقدهم الديني تم تعزيزها بالقول أن هناك عدد من الدول تحظر الإساءة إلى الدين المسيحي، يضيف التقرير، «على الرغم من أن تلك القوانين المنظمة لحظر الإساءة نادرا ما تستخدم»، ويتحدث التقرير عن عودة النقاش حول الموضوع خلال سنتي 2005-2006، بشكل أكثر حدة، بمناسبة نشر صحيفة دانماركية رسوم مسيئة للنبي محمد، ويرى التقرير بأن هذه المرة، «لم يكن هناك شك في أن نشر تلك الرسوم عمل استفزازي بشكل متعمد». ويضيف التقرير، «مهنيي وسائل الإعلام، كان انطباعهم العام أن الصحيفة تصرفت بشكل غير مسؤول، ولكن في الوقت نفسه، وهو ما يتجاوز بكثير دائرة الإعلام، كان انطباعا قويا جدا أن حرية التعبير لتكون ذات مغزى، يجب أن تشمل الحق في القول وفعل الأشياء التي قد تجد الآخرين يشكون فيها»، ويتطرق التقرير إلى وجهة نظر المسلمين، حيث يستندون إلى المادة 10 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، وكذا المادة التاسعة التي تحمي «حرية الفكر والوجدان والدين «، ويقول التقرير أن هذه الحجة كانت غير مقبولة عند غالبية غير المسلمين.
ويخلص التقرير ويخلص التقرير إلى أن «الصراع المزعوم بين حرية التعبير وحرية الدين، وعدم وجود توافق في الآراء بشأن الكيفية التي ينبغي أن تمارس بها حرية التعبير، وإلى أي مدى يجب أن تذهب بالضبط، يشكل تهديدا لبعض القيم الثمينة في أوروبا».
ما الذي يقف وراء التهديدات؟
يحاول التقرير تحديد الأسباب التي تقف وراء المخاطر التي تهدد التعايش في أوروبا، ويذكر منها «انعدام الأمن» بمعناه الشامل، و»الهجرة»، و»الصورة المنحازة للأقليات في وسائل الإعلام»، و»وجود أزمة قيادة». ويعتبر التقرير أن الأوروبيين تضرروا من الأزمة الاقتصادية العالمية، ففي نهاية عام 2010، استقر معدل البطالة الإجمالي في أوروبا عند نسبة 10 بالمائة، وهي «أعلى نسبة في اثني عشر عاما». ويضيف التقرير، «الأوروبيون يعرفون أن مجتمعهم تهدده الشيخوخة، ونظامهم التعليم أقل قدرة على المنافسة في السوق العالمية، كما أن موقفهم الدفاعي يجعلهم «قلقون بشأن مستقبلهم في عالم سريع التغير». ويعتبر التقرير أن الأزمة الاقتصادية مع انعدام الأمن الاقتصادي والاجتماعي، يدفعان إلى «تفاقم التنافس على الموارد الشحيحة بين الأفراد»، ويستعرض معطيات حول تزايد عدد المهاجرين بأوروبا، وتأثيرهم الطبيعي على سوق العمالة، وفرص عمل الشباب، ويستنتج أن «الهجرة لا تخدم إلا مصالح أرباب العمل الشخصية».
ويستنتج التقرير أنه بشكل عام، بأن دراسات أنجزت عن أثر الهجرة على الأجور وفرص عمل السكان الأصليين، تعطي «نتائج متناقضة ومضللة في بعض الأحيان، ولكن عموما النتائج تدعم فكرة أن التأثير متواضع».
أما بخصوص معدلات الجريمة، تظهر الإحصاءات الرسمية أنها «أعلى بكثير من المتوسط في بعض الأقليات، وبين المهاجرين، ويقول التقرير أن «هذه الأرقام ينبغي أن تؤخذ بحذر». يضيف التقرير، «هذا لا يعني أن الناس يرتكبون جرائم بسبب انتمائهم العرقي أو وضعهم كمهاجرين، فالمهاجرين غير الشرعيين وطالبي اللجوء، لا يملكون الكثير من الخيارات، حيث أن النظام قرر بالفعل في وقت مبكر، اعتبارهم في وضعية غير قانونية، فلم تعد لديهم الوسائل المشروعة لتلبية احتياجاتهم واحتياجات أسرهم».
وذهب التقرير إلى القول بوجود «صورة نمطية سلبية وسائل الإعلام» عن الأقليات، وأضاف «في كثير من الحالات، يبدو أن وسائل الإعلام، الرسمية أو غير الرسمية والمتحالفة مع الأحزاب المحافظة التي تعبر عن كراهيتها للمهاجرين، ويستغلون المخاوف من المهاجرين لكسب أصوات الناخبين، إذ يحذرون خصومهم من «التساهل مع الجريمة» أو «فتح الباب على مصراعيه» للمهاجرين الجدد. ويشير التقرير غل تجاهل وسائل الإعلام لقضايا المهاجرين والأقليات.
ويختم التقرير جوابه عن من يقف وراء التهديدات، بالقول أن هناك أزمة قيادة في أوروبا، ويتحدث عن غياب القيادة السياسية القادرة على صياغة رؤية وإستراتيجية واضحة لمصير أوروبا، مشيرا على أن هناك حاجة لامتلاك القادة الأوروبيين «الشجاعة لمواجهة ظاهرة كراهية الأجانب».
مبادئ أساسية لتحقيق التعايش في مجتمع حر
يعتقد التقرير الأوروبي أنه من الممكن تحقيق التعايش في مجتمع حر، بين أشخاص من ديانات وثقافات مختلفة، ويشترط من أجل ذلك القبول بمبادئ أساسية، نذكر منها:
- كحد أدنى يجب الاتفاق على احترام القانون احتراما تاما، وكذا الاتفاق على طريقة تغييره.
- من واجب الجميع وخاصة الذين يمارسون السلطة، ولهم امتيازات للوصول إلى الجمهور، إدانة الانتهاكات العنصرية أو الدينية ودحض والصورة النمطية المضللة.
- جميع الدول مطلوب منها إقرار الحقوق والواجبات المرتبطة بالمواطنة، بما في ذلك الحق في التصويت للأجانب.
- لا يمكن لأي شخص أو جماعة التملص من احترام القانون على أساس خصوصيتهم الثقافية.
- المبدأ الأساسي للديمقراطية هو أن أي شخص من حقه أن يقول لا للقوانين التي لا يؤمن بها، وفي نفس الوقت عليه الانصياع لها.
- معايير التجنيس المدنية يجب أن تطبق على جميع على قدم المساواة، وليس بحكم العرق أو الثقافة أو الدين أو بلد المنشأ لمقدم الطلب للحصول على الجنسية.
- لا يجوز بأي حال القول بأن احترام هوية مجموعة أو معتقد ديني مبررا لحرمان الفتيات من التعليم، أو حرمان المرأة من تفاعلها الطبيعي مع المجتمع خارج المنزل.
- لا يطلب من المواطنين التخلي عن دينهم وثقافتهم أو هويتهم سواء كانوا مسلمين أو ينتمون لديانات أخرى تتعارض مع القيم الأوروبية.
- ينبغي استخدام الإكراه كملاذ أخير، كما ينبغي تفضيل استخدام الإقناع كلما كان ذلك ممكنا.
- يجب الإقرار بأن جميع المواطنين المقيمين في أوروبا، لهم الحق في المساواة في المعاملة أمام القانون، وفي التعليم وفرص العمل، وكذلك الخدمات سواء في القطاع العام أو الخاص.
- في بعض الأحيان، المساواة القانونية ليست كافية للمهاجرين والأقليات، المطلوب التمتع بالمساواة الكاملة في الفرص والمشاركة الكاملة في الحياة المشتركة للمجتمعات الأوروبية، لأنهم محرومون اجتماعيا واقتصاديا.
- حرية التعبير من صميم مجتمع حر ومن الحقوق الأساسية للإنسان، بموجب المادة 10 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
أهم المقترحات والتوصيات
✹ دعوة جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ومجلس أوروبا إلى العمل على وضع سياسة شاملة للهجرة، لأن عدم وجود مثل هذه السياسة تخلق مشاكل حادة.
✹ كل الأشخاص الذين الذي اختاروا بلدا أوروبيا للعيش فيه، لا يجب أن يضطروا هم او أبناؤهم وأحفادهم، إلى تغيير ثقافاتهم أو معتقداتهم أو هويتهم، بالمقابل يجب أن يحترموا القانون.
✹ على الدول أن تسعى إلى توسيع نطاق الحقوق والالتزامات المدنية الكاملة، بما في ذلك منح حق التصويت لجميع المقيمين.
✹ ينبغي على السلطات المختصة، تحديد الفئات المحرومة وخاصة الاجتماعية والاقتصادية، وبذل جهود خاصة اتجاه الأطفال والشباب، لتذليل تلك العقبات والاستفادة من تكافؤ الفرص.
✹ حث جميع الدول الأعضاء في مجلس أوروبا، على سن قانون عصري للجنسية، حيث يتم الإقرار بالأهلية للحصول على الجنسية المدنية بدلا من معايير عرقية.
✹ بمجرد منح الجنسية، يجب أن تمنح الحقوق والامتيازات على قدم المساواة.
✹ حث القادة الأوروبيين على جميع المستويات وفي جميع القطاعات، «السياسة والثقافة والإعلام والتعليم والمجتمع المدني»، لإظهار قيادتهم الحقيقية، وإدانة التصريحات المتطرفة والعنصرية، التي تكرس كره الأجانب ومعاداة المهاجرين.
✹ لأن وضع الغجر في أوروبا هو اللوم الدائم في جميع أنحاء القارة، وتعد واحدة من أكثر الانتهاكات المستمرة من قبل الأوروبيين، ندعو القادة الأوروبيين على جميع المستويات للتركيز على محنة أقلية «روما» ذو الأصول الهندية.
✹ الدول لديها حق وواجب لتوجيه ومراقبة الهجرة، كما نشجع جميع الأوروبيين لعلاج طالبي اللجوء.
✹ نوصي بإحداث وساطة لحل النزاعات على جميع المستويات السياسية، وخاصة على المستوى المحلي، ونحث السلطات على ضمان وجود عدد كاف من الناس لتدريبهم على أداء هذه المهمة.
✹ تشجيع جميع الدول الأعضاء على تحسين وإقرار قوانين ضد كل أشكال التمييز في جميع مجالات الحياة العامة، بما في ذلك وسائل الإعلام، وذلك من خلال آليات قوية مفهومة جيدا، من قبل الجمهور واستخدامها من قبل الحكومة.
✹ حث جميع الدول الأعضاء على معالجة الثغرات التشريعية والممارسات المختلة وظيفيا، وخاصة من حيث المساواة في الحصول على العمل والسكن، في التعليم والصحة.
✹ حث الاتحاد الأوروبي على وضع سياسة شاملة بشأن الهجرة، استنادا إلى إطار متين، دستوري وقانوني، على أساس احترام وتعزيز حقوق الإنسان.
✹ دعوة مصرف التنمية لمجلس أوروبا، إيلاء اهتماما خاصا لدعم المشاريع التي تهدف إلى إدماج المهاجرين في جميع الدول الأعضاء.
✹ حث جميع الدول الأعضاء على تشجيع وتسهيل اكتساب الجنسية من قبل جميع المقيمين الدائمين في أراضيها.
✹ حث مجلس أوروبا على مساعدة الدول الأعضاء لرعاية دراسة مقارنة للآثار التي تخلفها قوانين الجنسية على إدماج المهاجرين والمهاجرين الجدد والأقليات.
✹ دعوة مجلس أوروبا والاتحاد الأوروبي، إلى التعاون لتصميم وتنفيذ إستراتيجية للتضامن بين الدول الأعضاء لتحقيق التعايش ومعالجة قضايا المهاجرين والأقليات.
✹ حث جميع الدول الأعضاء على تفادي احتجاز طالبي اللجوء والمهاجرين غير الشرعيين، إلا في حالة الضرورة المطلقة، والعمل على توفير واستخدام البدائل، والتي يمكن أن تتخذ شكلا من الأشكال التالية، «الاختبار مع خدمة الاجتماعية» أو «الإقامة الجبرية في منزله» أو «الحرية المحدودة».
✹ دعوة الهيآت التعليمية في جميع الدول الأعضاء على تطوير «الكفاءات بين الثقافات» كجزء أساسي من المنهج المدرسي، ونشر هذه المهارات خارج التعليم الرسمي، مثل المتاحف والمؤسسات الثقافية والمهرجانات، وخاصة وسائل الإعلام.
✹ تشجيع الصحفيين والإعلاميين على نشر الحقائق بدل الخرافات والصور النمطية عن أفراد بعض المجموعات العرقية أو الدينية، وعلى ضمان منح أفراد هذه الجماعات الفرصة للتعبير عن وجهات نظرهم ورؤيتهم الخاصة ورد الاعتبار لهم، ودعوة مجلس أوروبا إلى مواصلة تنفيذ توصيات مؤتمر الأمم المتحدة بشأن القضايا المتعلقة بالتدريب والأخلاق وإنتاج المحتوى، وتجميع وتوزيع مجموعة من المبادرات الناجحة على الصعيد الوطني في مجال مكافحة التمييز في وسائل الإعلام، وضمان تغطية القضايا الأخلاقية المتصلة بالأقليات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.