صادق مجلس النواب في وقت متأخر من يوم أول أمس (الثلاثاء) بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2003 وذلك ب 108 صوتا مقابل 43 صوتا. وكان المجلس قد صادق قبل ذلك على الجزء الثاني من مشروع القانون المالي والمتعلق بالميزانيات الفرعية لمختلف الوزارات والقطاعات ب 111 صوتا مقابل 43. وانهمك أمين المجلس في إضافة نائب جديد أو حذف آخرمغادر لقاعة الجلسات أثناء التصويت ، وهكذا كان عدد النواب الموافقين على بعض فصول الميزانية يتراوح مابين 112 و106 في حين أن المعارضين كان يتراوح عدهم ما بين 43 و42 نائبا. وقد ناب رئيس مجلس النواب عبد الواحد الراضي في التصويت عن النواب في بعض الحالات من غفلتهم. واتسم التصويت على الجزء الثاني من مشروع قانون المالية بنوع من الملل، أدى برئيس المجلس إلى حذف الفقرة المتعلقة بتفسير التصويت، وأرجع بعض رؤساء الفرق الأمر إلى التأخر في المناقشة والإرهاق، وأن تفسير التصويت واضح، ولا داعي لتكراره. وكانت المناقشة العامة للميزانيات الفرعية قد انتهت في غير وقتها المحدد بسبب زحمة الوقت وقرب انعقاد جلسة الأسئلة الشفوية لمجلس المستشارين الشيء الذي أثر على البرنامج وتم إعطاء الأولوية للمستشارين. وجدير ذكره أن النواب صادقوا بالإجماع على ميزانية بعض القطاعات مثل مشروع ميزانية إدارة الدفاع الوطني، ومشروع ميزانية مجلس النواب، ومشروع ميزانية مجلس المستشارين. وأكدت تدخلات جميع الفرق النيابية والأحزاب خلال هذه الجلسة على الإجماع الوطني الذي تحظى به الوحدة الترابية للمملكة ونوهت من جهة أخرى بالقرار الملكي القاضي بالسماح لسفن الصيد الغاليسية بالصيد في المنطقة الاقتصادية المغربية الخالصة باعتباره عملا تضامنيا عميق المغزى مع إسبانيا . وفي ما يتعلق بالاعتمادات المالية المخصصة للقطاعات الاجتماعية اعتبرت عدد من الفرق أن هذه الاعتمادات تبقى ضعيفة ولاترقى الى المستوى الذي يمكن هذه القطاعات من حل مختلف المشاكل الاجتماعية كالبطالة والفقر والإعاقة. وأثناء المناقشة العامة باركت بسيمة الحقاوي في تدخلها باسم فريق العدالة والتنمية الدور الذي يقوم به المسجد في محاربة الأمية والتشجيع على الاستثمار وتطوير أداءه. وشدت على الاهتمام بالجالية المغربية بالمهجر خصوصا الجيل الثاني والثالث الذين يتعرضان للذوبان والانسلاخ من الشخصية المغربية المسلمة والسقوط في التباس هوية يتفجر في سلوكات منحرفة. ودعت النائبة إلى إيلاء وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية دورا مهما في تنقية الإعلام الوطني مما يشوبه من انزلاقات تربوية وخلقية، وهو ما أكده نور الدين قربال في قطاع الاتصال. واعتبرت "بسيمة" الميزانية المخصصة لهذا القطاع غير كافية إذا لم تحتسب مداخيل الأوقاف والأحباس. وقالت بسيمة الحقاوي "إن إهدار المال العام لا يضيع فقط بسبب المختلسين والمهربين لأموال الدولة، ولكن إتلاف هذه الأموال تتم أيضا على يد القائمين على شؤون البلاد بتخصيص ميزانية هامة في تجديد المكاتب وتغيير بعض التجهيزات، في وقت تمر فيه البلاد من ظروف عصيبة، تستوجب مع ذلك اتباع سياسة التقشف". وفي مجال حقوق الإنسان دعت "بسيمة" باسم العدالة والتنمية إلى الكف عن محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية ومراجعة قيمة الرسوم القضائية بما يرفع المعاناة عن المتقاضين ذوي الدخل المحدود أو المعدوم، ونقل الإشراف الكامل على الضابطة القضائية لوزارة العدل. وأشارت النائبة إلى أن استمرار ملف الاعتقال السياسي، أحد أبرز العناوين البارزة للحصيلة الحقوقية السلبية للمرحلة الماضية. وأكدت أن الملف الحقوقي لا يزال مطروحا - خصوصا ملف المعتقلين الإسلاميين- وأن المبادرة لطيه نهائيا وفي أقرب الآجال لا يحتاج إلى تأكيد، وألحت على إنصاف ضحايا مرحلة ما قبل 1961 وضحايا الصراع الدموي على السلطة في عقد السبعينيات. وضمت صوتها إلى الأصوت الداعية إلى اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة والضرورية لإنهاء معاناة المغاربة المحتجزين في تندوف الذين يقدر عددهم ب1000 محتجز. ولاحظت "نائبة فريق العدالة والتنمية" التساهل المفرط في التعامل مع المنشورات التي تضمن كثيرا مما يخل بالآداب والأخلاق العامة. وفي تدخله في مناقشة الميزانية الفرعية لقطاعات لجنة الداخلية واللامركزية والبنيات الأساسية ولجنة القطاعات الإنتاجية قال النائب نورالدين قربال عن نفس الفريق " أن الاضطلاع بجزء كبير من مهام وزارة الداخلية تجاه المواطنين لا يتعلق بالجانب المادي بل هو متعلق أساسا بامتلاك مقاربة شمولية لمفهوم الأمن، وتمثل صحيح وجدي لمفهوم الجديد للسلطة بهدف تجاوز الارتهان لثالوث "الجريمة، والهجرة، وتنظيم الانتخابات. ودعا"قربال" إلى القطع مع أساليب الاختطاف، والاعتقال، واستعمال العنف ضد المتظاهرين والمحتجين واحترام قانون الحريات العامة من لدن موظفي وزارة الداخلية خاصة يما يتعلق بالترخيص لتأسيس الجمعيات والأحزاب وتنظيم الأنشطة واستعمال الأماكن العمومية.وأشار إلى أن الاعتمادات المرصودة لإدارة الأمن الوطني في ميزانية التسيير غير كافية للنهوض بهذا القطاع وما يعانيه من خصاص ، بحيث أن الاقتراب من المعايير الدولية المحددة في شرطي لكل 300 مواطن تستدعي توظيف ما لا يقل عن 3000 شرطي سنويا لمدة 10 سنوات متوالية، والحال أن وزارة الداخلية استفادت من 1500 منصب شغل فقط برسم سنة2003. وأعرب قربال عن تخوف فريقه من خوصصة بريد المغرب الذي تدل كل معطياته أنه مرشح لمزيد من القوة والمردودية الماليتين. وفي القطاع السياحي أبرز"نور الدين قربال" أن المقاربة التنموية للقطاع لازالت قاصرة عن النهوض بالقطاع وحل مشاكله لاعتماده على حلول تجزيئية. وكشف النقاب عن السكوت المريب عن انتشار السياحة الفاجرة التي تسوق الخمور والدعارة والشذوذ الجنسي. وفي تدخل باسم فريق التجمع الوطني للأحرار ساند وديع بنعبد الله وأحمد الصالحي وزاهية دادي الصقلي ما جاء به مشروع قانون المالية رغم ضعف المبالغ المرصودة للقطاعات الاجتماعية معربين عن الأمل في ترشيد استعمال هذه الاعتمادات والبحث عن موارد أخرى لدعمها. وطالب شفيق رشادي من نفس الفريق بالعناية بالسجون والسجناء، ودعا إلى الإسراع في تنفيذ الأحكام القضائية لإرجاع هيبة ومصداقية القضاء. ومن جهتهما لاحظت النائبتان ميلودة حازب وخديجة بلفتوح باسم الفريق الدستوري الديمقراطي ضعف الاعتمادات المرصودة للقطاعات الاقتصادية بصفة عامة مما يعني حسب النائبتين عجز هذه الاعتمادات عن الاستجابة للانتظارات العديدة وتغطية الخصاص في كل المجالات . وباسم فريق التحالف الاشتراكي اعتبرت "نزهة الصقلي"أن الاعتمادات المخصصة للميادين الاجتماعية هي في واقع الأمر استثمارات ضرورية لضمان التقدم والتنمية المستديمة ببلادنا مادام العنصر البشري هو مبتدأ وغاية كل عملية تنموية. واعتبر فؤاد حليم باسم فريق الاتحاد الديمقراطي أن الميزانية هشة وغير كافية الموارد مشيرا إلى أن مناعة الاقتصاد الوطني تتطلب بوجه خاص تشجيع الاستثمار ودعمه وتقوية روح المنافسة وتأهيل المقاولة المغربية وتكوين الشباب المتخرج من الجامعات والمعاهد . وشدد النائب محمد فريكس باسم حزب جبهة القوى الديمقراطية على أن الدبلوماسية المغربية أضحت مدعوة أكثر من أي وقت مضى لمواصلة جهودها من أجل ترسيخ المكتسبات ودحض أطروحة خصوم الوحدة الترابية للمملكة . ودعا المختار راشدي عن المجموعة النيابية لليسار الاشتراكي الموحد إلى الاهتمام بأوضاع الجامعة المغربية والرفع من قيمة المنح المخصصة للطلبة وتعميمها، وتوسيع الأحياء الجامعية وإجلاء ما يسمى بالحرس الجامعي والحفاظ على استقلالية الجامعة. وطالب بالكشف عن المناصب الشاغرة والمستحدثة محليا، وإقليميا وجهويا، ووطنيا. وطالب بالاعتراف بالجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب واعتبارها طرفا معنيا في عملية التشغيل. يشار أن مشروع قانون المالية المصادق عليه من قبل مجلس النواب أحيل في اليوم الموالي (الأربعاء) على مجلس المستشارين. عبد الغني بوضرة