وصفت وزارة الخارجية قيام حماس بإطلاق الصواريخ على إسرائيل يعقّد الأمور ويجعل من الصعب على الراغبين في السلام "الذين يحاولون تحقيق السلام في التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل والشعب الفلسطيني." وقد جاءت هذه التصريحات على لسان المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية شون ماكورماك في مؤتمره الصحفي اليومي الجمعة 18 يناير الجاري الذي انتقد فيه حركة حماس لاستمرارها في استخدام العنف. وقال ماكورماك في رده على أحد الأسئلة حول العمليات الإسرائيلية في غزة "إن العنف الذي ترتكبه حماس ليس جديدا" فهو لم يبدأ في الأسبوع الماضي أو الأسبوع الذي قبله وإنما بدأ قبل ذلك بكثير. وأضاف قوله "إن ما في حقيقة الأمر هو أن إسرائيل تقوم بالدفاع عن النفس. فهناك سيل من الصواريخ التي تتساقط على الأراضي الإسرائيلية." وفي إشارة إلى أن مواطنين إسرائيليين يصابون نتيجة لذلك قال ماكورماك "إن من حق إسرائيل أن تدافع عن نفسها." إلا أن ماركورماك أضاف أن الولاياتالمتحدة أوضحت لإسرائيل باستمرار وجلاء بأن على الحكومة الإسرائيلية أن "تتخذ جانب الحذر قدر الإمكان للحيلولة دون إلحاق الأذى بالمدنيين الأبرياء" عندما تستخدم حقها في الدفاع عن نفسها. وأعرب المتحدث الرسمي عن الأسف لفقدان الأبرياء وقال إنه ما من أحد يستطيع إعادة الضحايا الذين فقدوا أرواحهم في الصراع إلى الحياة. وأكد ماكورماك أن أفضل سبيل للتوصل إلي تحقيق السلام بين إسرائيل والشعب الفلسطيني "هو طريق المفاوضات الذي عمل في سبيله الرئيس (بوش) ووزيرة (الخارجية كوندوليزا) رايس جاهدين." وقال إن تلك الجهود مستمرة حتى بعد عودة الرئيس بوش من جولته في الشرق الأوسط ورغم أحداث غزة.وردا على سؤال حول إعلان إسرائيل قرارها إغلاق المعابر إلى غزة قال ماكورماك إن الحكومة الإسرائيلية صرحت بأنها "ستضع الوضع الإنساني في غزة في رأس أولوياتها" بالنسبة للتدابير التي تتخذها في غزة. وأضاف "إننا نعتبر إسرائيل مسؤولة عن الالتزام بوعدها بأن لا تزيد الوضع الإنساني المتردي في غزة تفاقما."وأضاف المتحدث أن الاتصالات جارية مع إسرائيل عبر القنوات الدبلوماسية وقال "إن إسرائيل تعرف جيدا موقفنا. فنحن مع كثيرين من المجتمع الدولي لنا برنامج إنساني هام موجه نحو غزة ونتوقع أن نكون قادرين على إيصال المساعدة الإنسانية." وقال إن في مصلحة الجميع أن لا يزداد الوضع على أرض الواقع في غزة "بأي شكل أو موضوع" ترديا نتيجة لإقفال المعابر. غير أن ماكورماك ذكّر الصحفيين بأن الوضع التعيس الذي وجد فيه أهالي غزة أنفسهم كان "بسبب سوء إدارة حماس والقرارات التي تتخذها." وقارن بين الوضع في غزة والضفة الغربية مشيرا إلى أن ما يحدث في غزة لا يحدث في الضفة الغربية، وإن لم يستبعد "وجود مصاعب" في الضفة الغربية لكنه قال إنها تختلف في حجمها وطبيعتها عما في غزة. وعن تأثير هذه الأحداث على عملية السلام قال المتحدث باسم وزارة الخارجية "إن الأمل يراود الجميع دائما بخلق ظروف تقلل من المصاعب" على طريق السلام، لكن هناك حوادث تنشأ دائما تجعل الأمور أكثر صعوبة. وقال إن ما تفعله تلك الأحداث في نظر وزيرة الخارجية رايس هو أنها تؤكد أهمية "بذل كل درهم من الطاقة والتركيز على التوصل إلى اتفاق بين الإسرائيليين والفلسطينيين" مما يحول دون تمكين جماعات محدودة أو أفراد من حماس أو "المنظمات الإرهابية التي تتعمد استخدام العنف أو الإرهاب من التأثير سلبيا" بأي وسيلة من الوسائل على عملية السلام. وسئل ماكورماك عن تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت التي لمح فيها إلى "الحرب" فذكر بأن أولمرت ملتزم بصدق بعملية السلام "100 بالمئة" مع الرئيس محمود عباس "وقد شهدتم ذلك في أنابوليس وخلال جولة الرئيس" بوش الأخيرة في الشرق الأوسط.وقال ماكورماك إن هناك رؤيتين إحداهما قيام حماس بإطلاق الصواريخ ورد إسرائيل بالدفاع عن نفسها وهي رؤيا لا يريدها معظم الشعب الفلسطيني الذي "لا يرغب في رؤية استمرار الاحتلال وعدم وضوح مستقبل أفضل لأبنائه." وقال إن هناك رؤيا رئيس الولاياتالمتحدة الذي "يلقي بكل ثقله في سبيل تحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين" عن طريق المفاوضات "وهذه رؤيا مفعمة بالأمل."من جهة أخرى،حيث حقيقة الولاتيات المتحدةالأمريكية وربيبتها/حليفتها"إسرائيل"،فقد استفحلت الأزمة الإنسانية في قطاع غزة منذ توقف محطة توليد الطاقة الكهربائية عن العمل، فشلت الحياة بشكل تام بسبب تعطل جميع المرافق الحيوية وخدمات المستشفيات التي يرقد فيها أكثر من 1700 مريض معرضين للموت في كل حين، وتوقف ضخ مياه الشرب للمنازل، وضخ المياه العادمة وتنقيتها، مما جعل عدة مناطق من شوارع غزة تغرق في المياه الصرف الصحي. وهو ما سيتسبب لامحالة في كارثة بيئية سيصعب السيطرة عليها مما يعرض مليون ونصف المليون نسمة للخطر الحقيقي. أعلنت محطة توليد الكهرباء الفلسطينية أن العمل في نصف المحطة توقف صباح الأحد 20/01/2008 وتم إيقاف العمل بها نهائيا مساء الأحد بسبب النقص الحاد في الوقود.وقال رفيق مليحة مدير مشروع محطة توليد شركة الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة أن الشركة التي تغطي بين ثلاثين و35 بالمائة من احتياجات قطاع غزة توقفت عن العمل بسبب منع إسرائيل تزويد القطاع ومحطة توليد الكهرباء بالوقود الذي تحتاجه، والذي تقدر كميته بنحو 450 متر مكعب يوميا. وهذا أمر خطير على جميع مناحي الحياة.وبسبب النقص الحاد في الوقود أعلنت جميع محطات الوقود في قطاع غزة عن نفاد كميات الوقود بها، بينما فقد الغاز المستخدم في الطبخ والإنارة من المحطات بشكل كلي، وتوقفت السيارات الخاصة والعمومية عن السير في شوارع غزة مما تسبب في شلل الحياة بشكل كامل طال جميع مناحيها.فالوضع الإنساني في غزة خطر جدا ويتدهور في كل ساعة بصورة دراماتيكية وغير محسوبة، حيث لا أحد كان يتوقع أن يمنع كيان الاحتلال الإسرائيلي، في ظل هذا الإغلاق التام والشامل، حتى المنظمات الإنسانية من إدخال ما يلزمها للاستمرار في العمل، وخاصة الأدوية إلى داخل القطاع.وفي جولة لإحدى الصديقات الفلسطينيات في مدينة غزة الغارقة في الظلام مساء الأحد شاهدت المواطنين وهم يتدافعون إلى المحلات التجارية للتزود بالمواد الغذائية، بينما اضطرت المخابز إلى إقفال أبوابها منذ ساعات صباح الأحد، وشاهدت على أبواب المخابز حالة الهلع والتوتر على وجوه المواطنين الذين لم يتمكنوا من الحصول على رغيف الخبز. وفي غمرة ذلك صرخ أحد المواطنين على باب المخبزة: ''ماذا تبقى في غزة سوى البشر... الكهرباء والبنزين والمياه كلها مقطوعة.وخلال تجوالها في المحلات التجارية لاحظت الارتفاع الحاد في الأسعار والذي تجاوز الضعف بسبب نقص المواد الغذائية وجشع التجار الذين باتوا يلعبون بالأسعار بسبب نقصها. مما زاد من تعقيد الوضع أكثر فأكثر مما حرم آلاف العائلات من التزود بضروريات العيش. من جهتها حذّرت اللجنة الشعبية لكسر الحصار الإسرائيلي من كارثة حقيقة ستحل بأكثر من مليون ونصف المليون مواطن فلسطيني خلال الأيام القليلة القادمة بسبب استمرار الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، محذّرة من تداعيات ذلك على الوضع الإنساني والاقتصادي والطبي وكل مناحي الحياة.وحذّر جمال الخضري عضو اللجنة من تفاقم أزمة الوقود قائلا ''محطات الوقود والغاز توقفت عن العمل، وهناك أكثر من 65 بالمائة تحت بند البطالة و72 حالة مرضية توفيت خلال 72 يوماً و80 بالمائة تحت خط الفقر. موضحا أن المعاناة تبدأ من شح المواد الغذائية وتنتهي بموت الإنسان أمام أهله. واعتبر الخضري سياسة الإغلاق المستمر للمعابر وتقليص كميات الوقود إلى محطات القطاع بالعقاب الجماعي المناقض لجميع الاتفاقيات الدولية، واصفا الأوضاع بالكارثية.وأوضح أن أكثر من مليون مواطن فلسطيني يعتمدون على معونات ومساعدات وكالة الغوث للاجئين ''الأونروا'' التي توقفت عن تقديم المعونات بسبب إغلاق الاحتلال للمعابر. وطالب الخضري المؤسسات الإنسانية والحقوقية والدولية بالتدخل الفوري لإيجاد حل جذري لقضية الحصار الإنساني والاقتصادي على القطاع.واحتجاجا على الحصار الجائر، خرج آلاف المواطنين، معظمهم من النساء والأطفال يحملون الشموع في شوارع غزة مندّدين بالإجراءات العقابية التي فرضتها إسرائيل وطالت جميع أبناء الشعب الفلسطيني دون تمييز. هذه الشموع التي أوقدت في ظلام دامس خلفه الحصار الإسرائيلي على القطاع.وشارك في المسيرة ''جون جنج'' مدير عمليات الأونروا في قطاع غزة الذي وجه نداء عاجلا إلى دول العالم للمساعدة وإنقاذ غزة التي تعيش مأساة حقيقية في ظل منع المساعدات التموينية والوقود من الدخول إلى القطاع منذ الخميس الماضي. وقال جنج إن أكثر من 600 الف فلسطيني من سكان مدينة غزة يغرقون الآن في ظلام دامس وان المخابز أغلقت أبوابها ومولدات المشافي لا تعمل في الأقسام الضرورية وكلها باردة من الداخل.واضاف أن على العالم أن يتحرك لإنقاذ مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين هم في أمس الحاجة للمساعدة. وطالب إسرائيل بفتح المعابر على وجه السرعة ودون تأخير.وقال جنج إن السكان المدنيين يدفعون ثمنا باهظا بسبب النزاع القائم وأن غزة تعاني نقصا في كل شيء؛ المخابز توقفت عن العمل والمستشفيات لا تكفيها المحوّلات وهي باردة من الداخل والدواء غير متوفر والأوراق غير موجودة والإسمنت لبناء القبور غير متوفر والأكفان غير متوفرة لموتى غزة... وهناك نقص في الطعام. وإذا ما توفر شيء فان أسعاره خيالية''. وأضاف'' كل إنسان في غزة باتت لديه مشكلة شخصية تزداد صعوبة، ومن المعيب أن نسمع جدلا حول ما يحدث''. مؤكدا أن الإمدادات تقلصت بنسبة 70 بالمائة عما كانت متوفرة قبل يونيو الماضي، وان سكان غزة متشوقون لنهاية هذه المعاناة. وأضاف ''لا نملك المصطلحات الكافية لوصف ما يجري!'' مطالبا بفتح معابر القطاع .وأوضح جنج أنه يتوجه للعالم لحماية السكان المدنيين حسب القانون الدولي رافضا القيام بأعمال غير قانونية للرد على أعمال غير قانونية مثل إرهاب السكان في المناطق المحاذية للقطاع بإسرائيل.