نعم أيها الشهيد، محمد بنعيسى آيت الجيد قتلوك وظنوا أنهم تخلصوا منك، وأنك ذهبت دون رجعة إلى الفناء. ظنوا أنهم بإبعادك في جنح الظلام من فاس حيث تم اغتيالك إلى تيزكي إدا وبلول بإقليم طاطا حيث تم دفنك، وبإهمال قبرك وإتلاف معالمه، ستموت مرة ثانية وثالثة. لكنك مع ذلك، مازالت حيا فينا، نراك معنا، نرى ابتسامتك الرائعة تقول لنا واصلوا، واصلوا الطريق من أجل الكرامة والديمقراطية والتقدم. إنك أيها الرفيق محمد بنعيسى آيت الجيد حيا لأنك فعلت خيرا تذكر به. ● فعلت خيرا كمناضل تقدمي اختار طريق المشاركة في تحرر بلده وانعتاق شعبه، كمناضل كره الاستغلال والاستبداد والقهر وأراد لبلده مجتمعا تسوده المساواة والحرية والإخاء والتضامن، مجتمعا لا مكان فيه للاستغلال ولقهر الإنسان للإنسان. ● لقد فعلت خيرا كذلك كمناضل طلابي، مسؤول في الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، المنظمة النقابية الطلابية التي اعتمدت مبادئ الجماهيرية والاستقلالية والديمقراطية والتقدمية للدفاع عن المطالب الملموسة للطالبات والطلاب وللدفاع عن حقهم في تعليم وطني ديمقراطي وعلمي يسمح لهم بالمشاركة في تطور وازدهار مجتمعهم. ● لقد فعلت خيرا كذلك أيها الرفيق بنعيسى آيت الجيد بانضمامك للنضال الحقوقي في إطار الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، بمبادئها الأصيلة وبدفاعها الصلب عن الكرامة، كرامة البلد وكرامة كل مواطنة ومواطن، وبدفاعها عن قيم الحرية والمساواة والتضامن والتسامح وقدسية الإنسان وحقه في الحياة، وبدفاعها عن حق كل إنسان فوق الأرض في التمتع بكافة الحقوق، السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. أيها الرفاق والرفيقات، الحضور الكريم، لماذا نحن هنا اليوم، في مقبرة تيزكي إداوبلول؟● نحن هنا أولا لنتذكر. ففي يوم 25 فبراير من سنة 1993 اعتدت عصابة إجرامية على المناضل بنعيسى آيت الجيد. وفي فاتح مارس لفظ أنفاسه ألأخيرة بالمستشفى بفاس، ليلتحق بقافلة شهداء هذا البلد من أمثال علال بن عبد الله ومحمد الزرقطوني وعباس المسعدي وعبد الكريم بن عبد الله والمهدي بنبركة وعبد اللطيف زروال وعمر بنجلون وسعيدة المنبهي ومحمد كرينة وجبيهة رحال والدريدي وبلهواري وتهاني أمين وعبد الحق شباظة والمعطي بوملي. واسمحوا لي لعدم ذكر العشرات من شهدائنا المعروفة أسماؤهم، والآلاف الذين لا نعرف أسماءهم. ● نحن هنا ثانيا لنجدد إدانة الاغتيال الشنيع لبنعيسى آيت الجيد، وهو الاغتيال الذي يذكرنا من حيث طبيعته باغتيال المناضل عمر بن جلون والطالب المعطي بوملي. وإذا كان معظم شهدائنا ذهبوا ضحية القمع المخزني، فإن بعضهم سقط ضحية التعصب الديني، الذي تم تشجيعه بدوره من طرف القوى المخزنية. ● إننا هنا ثالثا لنطالب بالحقيقة، كل الحقيقة حول اغتيال آيت الجيد.فماذا حصل يوم 25 فبراير؟ من المسؤول المباشر أو المسؤولين المباشرين عن الاغتيال؟ ومن يوجد وراءهم؟ لماذا صمتت السلطات السياسية والقضائية عن هذا الاغتيال لمدة ما يقرب من 14 سنة، وإلى حدود أكتوبر الأخير؟.وعندما نطالب بالحقيقة كجمعية مغربية لحقوق الإنسان فإننا في نفس الوقت نؤكد رفضنا لتسخيرها لأغراض سياسية ظرفية. ● رابعا، نحن هنا لنطالب بجعل حد للإفلات من العقاب في هذا الملف، كما في غيره من الملفات.هناك جريمة، هناك ضحية. نريد معرفة المجرمين ومتابعتهم، حتى ينالوا جزاءهم في إطار محاكمة عادلة. ● خامسا، نحن هنا من أجل العمل للتأكيد على رد الاعتبار لذاكرة محمد بنعيسى آيت الجيد. في هذا الإطار جاءت الوقفة الجماعية الناجحة بفاس وطاطا يوم الأحد 25 فبراير الأخير وفي هذا الإطار يأتي تنظيم قافلة فاس – تيزكي إداوبلول، في هذا الإطار يأتي هذا الحفل التأبيني. في هذا الإطار يجب اتخاذ المبادرات الملائمة لتبقى ذاكرة آيت الجيد حية، خاصة هنا بإقليم طاطا وتحديدا في هذه القرية المنسية قرية تيزكي، قرية آيت الجيد ● وسادسا، نحن هنا لنجدد العزم على العمل من أجل ألا يتكرر ما وقع لآيت الجيد مستقبلا، من أجل ألا تتكرر الانتهاكات الجسيمة مستقبلا وهو ما يستوجب بالضرورة بناء مغرب الكرامة، مغرب السيادة لحقوق الإنسان بمفهومها الكوني وفي شموليتها، مغرب الديمقراطية بأبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وهو ما يستوجب بدوره إقرار دستور ديمقراطي كمدخل لبناء دولة الحق والقانون، ومجتمع المواطنة بكافة الحقوق. ● وأخيرا، أؤكد باسم المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان لعائلة الشهيد، ولأصدقائه، ولسائر المناضلين والمناضلات، وللحضور الكريم، أن بنعيسى يمكنه أن يستريح، لأن شعبه لن ينساه وأنه سيواصل الكفاح إلى أن تتحقق الأهداف النبيلة، التي من أجلها استهدف آيت الجيد. فهنيئا لكم يا معشر سكان تيزكي إداوبلول بهذا المناضل المتواضع: تواضع في حياته وتواضع في مماته. وحتى مكان قبره ظل مجهولا، إلى أن تم التعرف عليه بفضل إصرار المناضلات والمناضلين. لقد أراد الطغاة بدعايتهم المزيفة وبوشايتهم الكاذبة توقيع الخصومة بينكم وبين ابنكم الشهيد آيت الجيد. وها أنتم اليوم تتصالحون بعد خصومة مصطنعة مع ابنكم الشهيد الذي سيظل نبراسا لهذه القرية كما سيظل إحدى الشموع المضيئة لطريق شعبنا نحو الانعتاق. فعاش بنعيسى آيت الجيد نبراسا لقريتكموعاش آيت الجيد شمعة من شموع هذا الوطن والسلام عليكم، تيزكي إداوبلول في 03 مارس 2007 عبد الحميد أمين، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان