ما برحت أعداد الإصابات المسجلة بفيروس جدري القرود تتزايد في أوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا، رغم أنه من النادر تسجيل إصابات بهذا المرض خارج القارة الإفريقية وتقول مديرة قسم الاستعداد الدولي للمخاطر المعدية في منظمة الصحة العالمية، سيلفي برياند، في قراءة لها حول الانتشار "غير المألوف" للفيروس: "لا نعرف ما إذا كنا نرى فقط قمة جبل الجليد". وتشير برياند في تقريرها التي عرضته، يوم أمس الجمعة، أمام جمعية الصحة العالمية بجنيف إلى أن "الخبراء يحاولون تحديد سبب هذا الوضع غير المعتاد، وتظهر النتائج الأولية عدم وجود طفرة أو تحور في فيروس جدري القرود"، وتقول: "لدينا فرصة سانحة لوقف التفشي الآن.. إذا اتخذنا الإجراءات الملائمة الآن يمكننا على الأرجح احتواؤه بسرعة". وينتمي فيروس جدري القرود إلى عائلة الجدري الذي تم القضاء عليه منذ نحو أربعين عاماً، لكنه أقل خطورة منه، ويعاني غالبية المصابين به من الحمى والصداع والتعب وتضخّم العقد اللمفاوية والشعور بآلام في الظهر وفي العضلات، وإذا ما تفاقم المرض فإنه قد يتسبب بطفح في مناطق متفرقة من جسد المصاب، وتبلغ مدّة حضانة الفيروس من خمسة أيام إلى 21 يوماً بعد الإصابة، ويتعافى غالبية المصابين في غضون أسبوعين إلى أربعة اسابيع. كيف ينتشر جدري القرود؟ من المعروف أن جدري القرود ينتقل إلى الأشخاص من خلال حيوانات مصابة بهذا الفيروس، كالقرود والجرذان والسناجب، وذلك عن طريق العض أو الهبش، أو تناول لحوم غير مطبوخة لحيوانات مصابة. ويمكن أن ينتقل الفيروس من إنسان إلى إنسان، وهو أمرٌ نادر الحدوث، حسب الاعتقاد الذي كان سائداً في السابق، إلا أن التزايد المضطّرد في أعداد المصابين خارج دول غرب ووسط أفريقيا، حيث يستوطن الفيروس، أثار الكثير من المخاوف. وعادة ما ينتشر جدري القرود بين البشر من طريق الاتصال المباشر بالمصابين بالفيروس الذي قد يتسلل إلى الجسم من خلال المجرى التنفسي أو العينين أو تشققات البشرة أو الأنف أو الفم، كما أن الفيروس يمكنه أيضاً أن ينتقل عن طريق ملامسة أسطح وأغراض ملوثة مثل الملابس والفراش. ولا يعدّ جدري القرود من الأمراض التي تنتقل عن طريق الجنس، ولا يُعرف إن كان ينتقل عن طريق السائل المنوي أثناء الجماع، وفي هذا السياق يقول العالم جون بروكس: إن "جدري القرود ليس عدوى تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي بالمعنى المعتاد، ولكن يمكن أن ينتقل أثناء المحتوى الجنسي والحميم، وكذلك من خلال الاتصال الشخصي والفراش والملابس المشتركة". بروكس وهو كبير المسؤولين الطبيين للوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية في مركز السيطرة على الأمراض بالولايات المتحدة، يضيف أنه يمكن لأي شخص أن يصاب بجدرى القرود أو ينشره، ولكن "نسبة ملحوظة من الحالات" في أحدث انتشار عالمي تحدث بين الرجال المثليين وثنائيي الجنس . ما هي سبل الحماية من الإصابة؟ يكاد يُجمع العلماء على أن نسبة المخاطر التي يتعرض لها عامّة الناس بسبب جدري القرود متدنّية، لكنّ ذلك لا يقلل من أهمية اتخاذ جملة من الإجراءات والتدابير التي تقلل من إمكانية الإصابة بالفيروس. ووفقاً لهيئة الخدمة الصحية الوطنية في المملكة المتحدة، والمراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، فإن ثمّة توصيات يجب الأخذ بها لتأمين الحماية من الإصابة بالفيروس، وهي: * غسل اليدين بالماء والصابون بانتظام، أو استخدام معقم يدين يحتوي على كحول. * استخدام معدات الحماية الشخصية عند رعاية مرضى يعانون من عدوى مؤكدة أو مشتبه فيها. * تناول اللحوم المطبوخة فقط. * تجنب ملامسة الحيوانات التي يمكن أن تكون مصابة بالفيروس، ويشمل هذا الحيوانات المريضة أو النافقة. * تجنب أكل أو لمس لحوم الحيوانات البرية. * تجنب مشاركة الفراش أو المناشف مع مرضى يشتبه بإصابتهم بجدري القرود وكذلك تجنب الإتصال الوثيق بهم. ماذا يجب أن تفعل إذا أصبت بجدرى القرود؟ الأعراض الأولية لجدري القرود، كما أشرنا سابقاً، تشتمل على الحمى والصداع وآلام العضلات والتورم وآلام الظهر، وفي غضون يوم إلى خمسة أيام بعد الإصابة يظهر الطفح الجلدي والآفات عادة على الوجه أو اليدين أو القدمين أو العينين أو الفم أو الأعضاء التناسلية، ثم يتحول هذا الطفح الجلدي إلى نتوءات مرتفعة ثم بثور، والتي قد تمتلئ بسائل أبيض قبل أن تنكسر وتتقشر. إذا كانت لديك هذه الأعراض أو تشك في احتمال إصابتك بالفيروس، فيجب عليك فوراً عزل نفسك عن الاتصال المباشر بالآخرين وطلب المشورة الطبية على الفور. وعادةً ما يتعافى الأفراد المصابون بجدري القرود في غضون أسبوعين إلى أربعة أسابيع، مع الإشارة إلى أن أعراض الإصابة بالفيروس تتشابه مع أعراض أمراض أخرى، مثل الهربس و الزهري و جدري الماء، لذا يجب طلب استشارة طبية في أسرع وقت ممكن.