أصبح المغرب أكثر من أي وقت مضى قريبا من امتلاك أول غواصة لفائدة القوات البحرية الملكية، والتي يُنتظر أن ترى النور داخل أحد أشهر مصانع الغواصات الروسية، ويتعلق الأمر ب"أمور 1650" التي ستكلف المملكة 300 مليون يورو، لكنها ستمثل أيضا القطعة الأخيرة في منظومة الدفاع البحري المغربية لتحقيق التوازن مع قدرات الجيشين الإسباني والجزائري في هذا المجال. وأضحت مجموعة من التقارير الإسبانية والروسية تتحدث عن دخول هذه الصفقة للمرحلة العملية بعد سنوات من المفاوضات والنقاشات، وذلك بعدما أصبح الحصول على غواصة قتالية أمرا ملحا للجيش المغربي بسبب تعزيز الجزائر لقدراتها البحرية عن طريق غواصات جديدة وأخرى مستعملة، بالإضافة إلى ارتباط الأمر بالتفوق الإسباني في هذا المجال وفق تقرير لصحيفة "الإسبانيول"، التي قالت إن المملكة اختارت بالفعل مكان رسو الغواصة، ويتعلق الأمر بالميناء العسكري بالقصر الصغير، غير بعيد عن مدينة سبتة والأراضي الإسبانية. ويعود الاهتمام المغربي بالغواصة الروسية "أمور 1650" إلى سنة 2013 مباشرة عقب إعلان روسيا عن تصميمها باعتبارها أحدث طراز من غواصات "لادا"، وحينها أعلن فيكتور كوماردين، نائب مدير "روسوبورون إكسبورت" المُصنعة للأسلحة البحرية عن "وجود نية لدى المغرب لتطوير تعاونه العسكري مع الشركة"، لكن الحديث عن الشروع في مفاوضات الفعلية لم ينطلق إلا بعد زيارة الملك محمد السادس إلى روسيا في 2016 ولقائه الرئيس فلاديمير بوتين. لكن المغرب ظل منذ ذلك التاريخ متكتما عن أي معلومات رسمية بخصوص هذه الصفقة، وبعيدا عن التقارير الإسبانية والروسية فإن المعطيات التي حصلت عليها "الصحيفة" من مصادرها الخاصة تؤكد وجود نوايا قوية لدى المغرب للحصول على غواصات هجومية متطورة باعتبار أن غيابها يمثل "نقطة ضعف" للبحرية الملكية ويتركها متخلفة بخطوات عن التطور النوعي الحاصل لدى القوات البرية والجوية. وتؤكد المصادر ذاتها أن المغرب سبق أن تفاوض مع ألمانيا من أجل الحصول على غواصتين مستخدمتين من طراز "يو 206" قيمة كل منهما 50 مليون يورو، غير أن الصفقة توقفت بسبب الكلفة المرتفعة لتطويرهما، وابتداء من 2019 بدأ النقاش مع الجيش اليوناني من أجل الحصول على غواصات مستعملة أيضا، لكن الصفقة لم تكتمل إلى غاية اليوم لأسباب "تقنية ولوجستية"، مضيفة أن اقتناء الغواصة الروسية "خيار مطروح من بين عدة خيارات". وما يؤكد النوايا المغربية في الحصول على غواصات مستقبلا، تقول مصادر "الصحيفة"، هو دمج تكوينات جديدة في مقررات طلبة البحرية الملكية من خلال نظام لمحاكاة العمل داخل الغواصات، إلى جانب القيام بمجموعة من التداريب الميدانية داخل الأكاديميات البحرية الإيطالية والبرتغالية، في أفق نقل التجربة إلى المدرسة البحرية الملكية في الدارالبيضاء مستقبلا. وفي حال ما تأكد حصول المغرب على غواصة "أمور 1650" الروسية فإن البحرية الملكية ستتوفر على واحدة من أكثر الغواصات الهجومية غير النووية تطورا عالميا، حيث تصنف ضمن خانة الجيل الرابع وتتميز بقدرة على التحكم الذاتي لمدة 60 يوما في عمق يصل إلى 400 متر تحت سطح البحر، مع نظام حديث يسمى "نظام الدفع الهوائي المستقل" الذي يسمح لها بإعادة شحن بطارياتها دون الحاجة إلى أن تطفو ودون استخدام أنابيب التنفس لتوفير الأوكسيجين اللازم للمحركات. وبالإضافة إلى ذلك فإن هذه الغواصة التي يتجاوز طولها 83 مترا وقطرها 7,4 أمتار، والقادرة على حمل طاقم يبلغ تعداده 38 فردا، توفر كفاءة قتالية عالية من خلال 6 قاذفات وسعة تخزين تصل إلى 16 صاروخا إلى جانب التوربيدات والألغام، مع القدرة على التحرك بسرعة 19 عقدة. لكن في المقابل يبقى إتمام الأمر رهينا بمدى ثقة البحرية الملكية في هذه الغواصة، كونها لا تزال عمليا مجرد تصاميم ولم تقم الشركة الروسية المُصنعة بإنجاز أي منها على أرض الواقع، إلى جانب أن الهند كانت قد ألغت فكرة اقتنائها سابقا، ويضاف إلى ذلك أن مصدرها الروسي يظل بدوره نقطة ضعف في ظل اعتماد منظومة التسلح في الجيش المغربي على الولاياتالمتحدةالأمريكية ثم فرنسا، بل وحتى إسبانيا التي اقتنت منها الرباط سفنا عسكرية.