قدمت الشرطة المصرية استعراضا ضخما للقوة في وسط القاهرة وأغلقت المداخل لميدان التحرير يوم الجمعة بعد دعوات للاحتجاج ضد الرئيس عبد الفتاح السيسي في أعقاب اتهامات من المعارضة له بالفساد، وهو ما ينفيه. واندلعت احتجاجات في 20 سبتمبر في القاهرة ومدن أخرى عقب انتشار دعوات على الإنترنت للتظاهر بعد مزاعم بالفساد ترددت حول السيسي والجيش. وعاد السيسي إلى القاهرة صباح يوم الجمعة بعد أن قضى الأسبوع الأخير في نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة واستقبله لدى نزوله من الطائرة كبار الوزراء ثم توقف فيما بعد للحديث إلى حشد من المؤيدين على جانب طريق. وقال لهم السيسي "صباح الخير الأول. وبعدين إيه اللي مصحيكم بدري كده، النهاردة الجمعة، الموضوع مش مستاهل، لازم تعرفوا أن الشعب المصري بقى واعي أوي... متقلقوش من حاجة". وكرر السيسي على ما يبدو رفضه لمزاعم بالفساد وردت في مقاطع فيديو على الإنترنت نشرها المقاول والممثل السابق محمد علي قبل الاحتجاجات. وسجلت هذه المقاطع مشاهدات على نطاق واسع. وقال السيسي في مقطع فيديو نشرته صفحته الرسمية على فيسبوك "دي صورة بتترسم زي ما اتعمل قبل كده، عبارة عن كذب وافتراء وشوية إعلام يشتغل علشان يقدم صورة مش حقيقية، احنا جامدين أوي إن شاء الله، البلد جامدة أوي بيكم". ومنذ الاحتجاجات التي خرجت يوم الجمعة الماضي شنت السلطات حملة اعتقالات قالت منظمات معنية بحقوق الإنسان إنها أسفرت عن اعتقال ما يقرب من ألفي شخص. وقال النائب العام المصري يوم الخميس إن النيابة العامة "استجوبت عددا لا يتجاوز ألف متهم من المشاركين في تلك التظاهرات". ودعا علي لاحتجاجات جديدة يوم الجمعة لكن مؤيدي الحكومة يعتزمون تنظيم تجمعات لإظهار دعمهم للسيسي و"الاستقرار". وأمكن رؤية حافلات تنقل أنصار السيسي على الطريق المؤدي من مدينة الإسكندرية بشمال مصر إلى القاهرة كما تجمعت حشود تلوح بالأعلام المصرية ورفعت صورا للسيسي في شرق القاهرة بعد صلاة الجمعة. وجود مكثف للشرطة أثارت الاحتجاجات قلق المستثمرين وأدت إلى ظهور حملة لتأييد السيسي في وسائل الإعلام المصرية التي تخضع لرقابة صارمة والتي حاولت تشويه سمعة محمد علي والمعارضة الهشة. وخلال خطبة الجمعة التي بثها التلفزيون الرسمي اتهم وزير الأوقاف "عملاء مأجورين" بتقويض البلاد. وزادت قوات الأمن من وجودها في الميادين الرئيسية بالمدن الكبرى ويفحص رجال شرطة في ملابس مدنية الهواتف المحمولة لركاب السيارات والمارة بحثا عن محتوى سياسي واستمرت عمليات التفتيش من هذا النوع صباح يوم الجمعة. وأغلقت الطرق المؤدية لميدان التحرير بوسط القاهرة صباح يوم الجمعة أمام حركة المرور وهو مركز الاحتجاجات التي قادت للإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك عام 2011. وتواجدت الشرطة بكثافة حول الميدان وفي بعض التقاطعات بوسط المدينة ونشرت مركبات مزودة بمدافع مياه. وأغلقت الكثير من المتاجر وعدد من محطات المترو الرئيسية. وعند جامع الفتح بالقاهرة، الذي انطلقت منه مظاهرات في 2011، وقف عشرات من أفراد الشرطة الملثمين الذين حملوا بنادق، بعضهم بالزي الرسمي والبعض الآخر بملابس مدنية، قرب بوابة الخروج من الجامع مع انتهاء الصلاة. وهناك ما لا يقل عن 20 مركبة تابعة لقوات الأمن متوقفة حول المسجد أو تقوم بدوريات على مقربة. وتولى السيسي السلطة بعد أن قاد عملية عزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين عام 2013 إثر احتجاجات حاشدة على حكمه. حملة معارضة شهد حكم السيسي حملة واسعة على المعارضة امتدت لتشمل الليبراليين فضلا عن الجماعات الإسلامية وتقول جماعات حقوق الإنسان إنها أشد حملة في العصر الحديث. وسجنت قيادات جماعة الإخوان أو فرت إلى خارج البلاد. ويقول أنصار السيسي إن الحملة ضرورية لتحقيق الاستقرار بعد الاضطرابات التي أعقبت انتفاضة 2011. ويقول محامون إن عدة مئات ممن اعتقلوا في الأسبوع الأخير يخضعون للتحقيق في اتهامات باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي لبث أخبار كاذبة وتقويض الأمن القومي والانضمام لجماعة إرهابية محظورة والتظاهر بدون ترخيص. ودعت لجنة الحقوقيين الدولية، وهي مجموعة مقرها جنيف تعمل لدعم سيادة القانون في جميع أنحاء العالم، إلى إطلاق سراح "من احتجزوا لممارسة حرياتهم الأساسية". وفي عهد السيسي، أجرت مصر سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية التي يدعمها صندوق النقد الدولي ونالت إشادة من الخبراء الاقتصاديين لكنها زادت من الضغوط على الكثير من المواطنين المصريين، مما قلل من شعبية الرئيس.