1. الرئيسية 2. المغرب تقرير رسمي: سوء تدبير المنازعات يُثقل كاهل جماعات جهة الرباط-سلا-القنيطرة بأحكام مالية ضخمة الصحيفة - خولة اجعيفري الأثنين 16 دجنبر 2024 - 18:03 كشف التقرير السنوي الصادر عن المجلس الأعلى للحسابات، عن مجموعة من أوجه القصور التي تعتري تدبير المنازعات القضائية بجماعات جهة الرباط-سلا-القنيطرة، والمتمثلة في اتسام التدبير بضعف هيكلي في تنفيذ الأحكام والقرارات القضائية النهائية وغياب رؤية استباقية وقائية لحماية مصالح الجماعات، فضلا عن محدودية الموارد البشرية المخصصة لهذا المجال وضعف اللجوء إلى الحلول البديلة. وكشف التقرير الرسمي بناء على مهمة موضوعاتية أنجزها المجلس الجهوي للحسابات لجهة الرباط- سلا- القنيطرة، همت الفترة 2022-2017، أن إدارة المنازعات على مستوى جماعات الجهة تعاني من ضعف واضح، وهو ما يستدعي تعزيز البعد الوقائي والاستباقي لحماية مصالح الجماعات، مع ضمان تتبع دقيق لتنفيذ الأحكام النهائية، مشيرا إلى صدور 437 حكمًا وقرارًا قضائيًا نهائيًا ضد هذه الجماعات خلال الفترة الممتدة المذكورة، بلغت قيمتها الإجمالية 63.5 مليار سنتيم، حيث هيمنت المنازعات الإدارية على نصيب الأسد بنسبة 87.4% من حيث العدد و99.1% من حيث المبالغ المستحقة. ووفق التقرير ذاته، فإن المنازعات المتعلقة بالاعتداء المادي والنفقات العمومية تمثل الجزء الأكبر من الأحكام، إذ بلغت نسبتها 24% و22% من حيث العدد، و48% و35% من حيث المبالغ المستحقة على التوالي. في المقابل، بلغت الأحكام الصادرة لصالح الجماعات 208 أحكام، بقيمة تجاوزت 2.17 مليار سنتيم، واستحوذت الأحكام المتعلقة بالمداخيل على النصيب الأكبر بنسبة 65% من حيث العدد و96% من حيث القيمة، وتجاوزت المبالغ المستحقة خلال نفس الفترة مليارين و170 مليون سنتيم (21.7 مليون درهم). ورصد التقرير ذاته، جملة من التحديات الكبيرة التي تعترض تنفيذ الأحكام النهائية، مما أدى إلى تراكم القضايا غير المنفذة، سواء التي صدرت قبل عام 2017 أو خلال الفترة المدروسة، وذلك بسبب محدودية الاعتمادات المالية المخصصة لهذا الغرض، حيث لم تتجاوز نسبة الاعتمادات المبرمجة 25% من مجموع المبالغ المستحقة. كما لاحظ المجلس الأعلى للحسابات أيضا، غياب اعتماد الحلول البديلة للتسوية الحبية رغم أهميتها، إذ اقتصرت التجارب الناجحة خلال الفترة الزمنية المذكورة على ثلاث جماعات فقط لجأت لهذا الخيار، وتسع جماعات نفذت الأحكام عبر دفعات. وأدى تراكم الأحكام غير المنفذة إلى لجوء المحكوم لهم إلى مساطر التنفيذ الجبري، مما تسبب في حجز مبالغ مالية تجاوزت 35.9 مليار سنتيم لدى المحاسب العمومي ل14 جماعة، فضلًا عن إصدار أحكام بغرامات تهديدية بحق رؤساء أربع جماعات. كما نبه التقرير إلى محدودية التنسيق بين الجماعات والوكيل القضائي للجماعات الترابية الذي تم تعيينه بقرار من وزير الداخلية عدد 1555.20 بتاريخ 13 يوليوز 2020، لم يتجاوز 12 جماعة، ما "يعكس محدودية التنسيق مع هذه المؤسسة رغم أهمية المساعدة القانونية والقضائية التي يمكن أن توفرها". وحسب قضاة المجلس الأعلى للحسابات، تعاني أغلب الجماعات من نقص حاد في الموارد البشرية المكلفة بإدارة المنازعات، حيث يتوفر 72% من الجماعات على موظف واحد فقط مكلف بهذا الملف، في حين أفادت تسع جماعات فقط بتلقي موظفيها تكوينًا مستمرًا في هذا المجال، ونتيجة لذلك، سجل التقرير غياب وثائق أساسية في الملفات القضائية وضعف التنسيق الداخلي بين مصالح الجماعات، ما أثر سلبًا على قدرتها على الدفاع عن مصالحها. وللتصدي للإشكالات المرتبطة بتدبير المنازعات القضائية التي تواجهها جماعات جهة الرباط-سلا-القنيطرة، أوصى المجلس الأعلى للحسابات بإعادة صياغة هذا التدبير ضمن استراتيجية وطنية شاملة ترتكز على ثلاثة محاور رئيسية، أولا الوقاية من المنازعات، من خلال تحسين التخطيط الإداري وتجنب الأخطاء القانونية، حيث دعا إلى تعزيز نهج استباقي في معالجة النزاعات المحتملة قبل وصولها إلى مرحلة التقاضي، من خلال تحسين التخطيط الإداري والحرص على مطابقة الإجراءات والقرارات الإدارية للقوانين والتشريعات المعمول بها لتفادي الوقوع في أخطاء قانونية تُعرض الجماعات للمنازعات القضائية، فضلا عن تعزيز الالتزام بمبادئ الحكامة الجيدة واحترام الإجراءات التنظيمية، توفير الوثائق اللازمة في الوقت المناسب، وتفعيل قنوات الرقابة الداخلية، وبناء ثقافة قانونية داخل الجماعات، من خلال الاستثمار في تدريب الموظفين والمنتخبين على القوانين ذات الصلة لتجنب النزاعات الناتجة عن سوء الفهم أو التأويل الخاطئ للتشريعات، وتعزيز الحلول البديلة، لتقليص الأعباء المالية والقضائية. وأوصى المجلس بالاعتماد على الاتفاقيات الحبية، والحلول تفاوضية مع الأطراف المعنية (الأفراد، الشركات، أو الإدارات) لتسوية النزاعات بطرق مرنة وسريعة، مع إحداث لجان وساطة على مستوى الجماعات، تختص بدراسة النزاعات القائمة والعمل على التوفيق بين الأطراف قبل إحالتها على القضاء، مما يساهم في تقليل الكلفة المالية الناتجة عن النزاعات، وتعزيز التواصل مع المجتمع المحلي والمقاولين، عبر بناء جسور من الثقة بين الجماعات وأطراف النزاع من خلال الحوار المباشر والاستماع للمطالب قبل تفاقم المشكلات، مع إدارة فعالة للمنازعات القائمة، والتركيز على التنفيذ وتتبع القضايا. واقترح المجلس اتخاذ إجراءات عملية لإدارة النزاعات الحالية بكفاءة من خلال تخصيص اعتمادات مالية كافية، لضمان تنفيذ الأحكام النهائية الصادرة ضد الجماعات، مع اعتماد برمجة سنوية تُراعي حجم الالتزامات المالية المتعلقة بالأحكام القضائية، وتفعيل تتبع مراحل التقاضي بما يشمل مراقبة كل مرحلة من مراحل النزاع بدءًا من رفع الدعوى وحتى تنفيذ الأحكام، بما يضمن تقليل المخاطر وتعزيز فعالية الأداء، مع تعزيز التنسيق بين الأقسام داخل الجماعات: لتسهيل جمع الوثائق اللازمة، إعداد المذكرات القانونية المطلوبة، وتقديم الدفوعات القانونية في الآجال المحددة. وركز المجلس على عدد من الإجراءات الداعمة لتحسين تدبير المنازعات القضائية، أبرزها الاستعانة بالوكيل القضائي للجماعات الترابية من خلال تفعيل هذا التعاون الذي يُمكنه تقديم دفاع قوي ومنظم نيابة عن الجماعات أمام المحاكم، ما يعزز من فرص نجاحها في النزاعات، وتعزيز التكوين المستمر للموظفين، حيث أوصى المجلس بتصميم برامج تكوين دورية للموظفين العاملين في قسم المنازعات القضائية، لتطوير كفاءاتهم في مجال إعداد المستندات القانونية، والتعامل مع مختلف السيناريوهات المرتبطة بالدعاوى القضائية، واعتماد أنظمة معلوماتية متطورة، تهم تطوير نظم رقمية لتتبع وإدارة القضايا القانونية، وإحداث قاعدة بيانات تُوثق المنازعات السابقة والدروس المستخلصة منها لتفادي تكرار الأخطاء، فضلا عن ضمان متابعة صارمة لتنفيذ الأحكام.