1. الرئيسية 2. تقارير هل المغرب مُستعد تقنيا وماليا للتنقيب على الموارد الطبيعية في المحيط الأطلسي بالصحراء ؟ الصحيفة - خولة اجعيفري الخميس 9 نونبر 2023 - 17:15 دعا الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة ذكرى ال 48 "للمسيرة الخضراء" إلى ضرورة التنقيب عن الموارد الطبيعية بعرض المحيط الأطلسي المقابل للصحراء المغربية، بغرض تحويلها إلى "وجهة سياحية حقيقية"، وبناء أسطول بحري تنافسي من شأنه تحريك عجلة التنمية لتشمل ليس فقط الأقاليم الجنوبية لكن أيضا الدول الأفريقية، بما فيها التي تُعاني ويلات الحروب والانقسامات. خطة لاكتشاف الموارد الطبيعية للصحراء الجديد في خطاب الملك، هو بسطه لخطة شاملة، تؤكد أن هذا الاقتصاد المتكامل يجب أن يرتكز على تطوير التنقيب عن الموارد الطبيعية في عرض البحر، حيث دعا الى مواصلة الاستثمار في مجالات الصيد البحري، وتحلية مياه البحر، لتشجيع الأنشطة الزراعية، والنهوض بالاقتصاد الأزرق، ودعم الطاقات المتجددة. وفي هذا الاتجاه، أكد عاهل البلاد على ضرورة، استكمال المشاريع الكبرى، في المناطق الجنوبية للمغرب، و"توفير الخدمات والبنيات التحتية، المرتبطة بالتنمية البشرية والاقتصادية"، مع ضرورة تطوير التنقيب عن الموارد الطبيعية في عرض البحر، ومواصلة الاستثمار في مجالات الصيد البحري، وتحلية مياه البحر، لتشجيع الأنشطة الزراعية، والنهوض بالاقتصاد الأزرق، ودعم الطاقات المتجددة، وفق ما جاء في الخطاب. ولا تُعد تجربة المغرب في التنقيب على الموارد الطبيعية والطاقات المتجددة في البر أو البحر متواضعة، بيد أن الدعوة الجديدة التي وجّهها الملك، تفرض طرح تساؤلات حول مدى قدرة المملكة لوجيستيا وماديا على تنزيل هذه الخطة ذات البُعد الاستراتيجي المهم ليس فقط للمملكة وأقاليمها الجنوبية، لكن أيضا بالنسبة للقارة الأفريقية عموما، وإلى أي حد توجد ثقة في بلوغ هدف موارد طبيعية في عمق البحر الأطلسي، وجلب الاستثمارات في هذا القطاع الذي بات يسيل لعاب الدول العظمى كافة. وتمركزت قوة الخطاب الملكي الأخير، في التوجيهات الجديدة المرتبطة بالتنقيب عن الموارد الطبيعية في عرض المحيط، بحسب محمد ملال، رئيس لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة بمجلس النواب، الذي اعتبر أن تزامن هذه التوجيهات مع تمديد بعثة المينورسو، يعني أن المغرب وتحت القيادة الملكية مستمر في التنمية الشاملة في الأقاليم الجنوبية والمغرب بصفة عامة، فضلا عن استمرار التعاون مع حكومات الدول الأفريقية في هذا الشأن. تحقيق المنفعة العامة رئيس لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة بمجلس النواب، وفي حديثه ل "الصحيفة"، أشار إلى أن حديث الملك محمد السادس عن التنقيب في الأراضي المغربية والمياه الإقليمية للمملكة في عرض المحيط، يدخل في سياق المنفعة العامة، التي ستُرخي بظلالها الإيجابية، على مجموعة من الدول وليس فقط المغرب سيما وأنها تأتي متزامنة مع مشروع أنبوب الغاز الذي سيمر إلى أوروبا عبر مدريد ونيجريا، وهذا يدخل في إطار مشروع اقتصادي اجتماعي و جيوسياسي كبير، مستقبلا. وشدّد المتحدث، على أن التنقيب عن الموارد في عرض المحيط، يدخل في إطار استغلال الموارد الطبيعية واستثمارها من أجل تنمية هذه الأقاليم و تأهيل البنية التحتية في هذه المناطق كلها، وهو ما يتطلب ميزانيات ليست بالسهلة، ليبقى هذا هو التحدي الأول الذي يفترض أن يتجاوزه المغرب. واعتبر المتحدث، أن التنقيب من بين الحلول الرامية إلى تحقيق التنمية لكنها في حاجة إلى تمويل مهم لهذا المشروع الكبير، الذي سينجح في حالة تم تشكيل هذه الجبهة الافريقية التي دعا إليها الملك، لمواجهة كل التحديات سواء الاقتصادية والاجتماعية وكذلك الأمنية، مشيرا إلى أن "المغرب استطاع أولا أن يتمركز ويتموقع بشكل قوي في علاقاته المتينة مع مجموعة من الدول الأفريقية وفي مقدمتها السينغال، نيجيرياموريتانيا، وبالتالي الملك يقود مسيرة أخرى تنموية، تقوم على تمتين العلاقات مع الدول الأفريقية، وكذلك تقديم المساعدة للدول الإفريقية من أجل تحقيق التنمية الشاملة في هذه المناطق، ومجابهة كل التحديات الحالية، بما فيها المرتبطة بالجانب التنموي وجانب البنيات التحتية والتحديات الأمنية والجيوسياسية التي تواجهها افريقيا ومن ضمنها المملكة المغربية". ويبدو أن المغرب، يُراهن بالدرجة الأولى على تجربته في تنويع مصادر الطاقة التي انخرط فيها منذ 2009، وهو ما فرض بحسب البروفسور عبد الصمد ملاوي، الخبير الدولي في مجال الطاقة، ضرورة استغلال جميع الموارد الوطنية بما فيها البحرية التي جاء بها الخطاب الملكي، كون المغرب يستشرف بلوغ نسبة 52 في المائة من المزيج الطاقي الوطني بحلول 2030، وبما أنه على مشارف هذا الأجل، بدأ يعمل على "تعجيل وتيرة عمله وإيجاد جميع المصادر التي من الممكن أن تؤهله إلى الوصول لهذا الهدف". وتعهد المغرب، مع شركائه الدوليين في ما يخص المناخ، على أساس أن يحد من انبعاثات الغازات الدافئة في أفق 2030 بحوالي 45,5 في المائة ليصل إلى الحياد الكربوني بحوالي حدود 2050، يُفسر توجيهات الملك، بعزم المغرب على استبدال جميع المصادر الأكثر تلوثا بالمصادر الأقل تلوثا والمصادر الخضراء. الخبير الدولي في الطاقة، وفي تصريح خص به "الصحيفة"، قال إن عزم المغرب للتوجه نحو مصادر جديدة على غرار الموارد البحرية، نابع من كون المملكة تتمتع بتجربة رائدة في استغلال مصادر الطاقة الخضراء، منذ تقريبا 2009 أي منذ وضع الملك هذه الخريطة الأولى للاستراتيجية الوطنية للطاقات المتجددة إلى اليوم، وهو ما يفسر لجوء عدد من الشركات إلى التنقيب في المغرب وتبشر بأن المغرب يتوفر على احتياطي سيجعله يصل إلى بلوغ الخطط الاستراتيجية التي وضعها. ثقة المؤسسات الدولية والمالية تؤهل المغرب من أجل استغلال الموارد البحرية، في إطار سياسة رابح - رابح يؤكد ملاوي المملكة سيكون لها السبق في تنزيل الاتفاقيات التي وقعتها مع الدول الإفريقية سيما دول الغرب الإفريقي بالنظر لوجود مشروع عملاق هو مشروع الخط الربط الغازي المغربي النيجيري إلى أوروبا والذي من الضروري استغلاله لصالح الدول الإفريقية على وجه الخصوص لتصل مستويات التنمية أكثر مما هو عليه الآن على اعتبار أن نسبة التزود بالكهرباء عند عدد من الدول الأفريقية مازالت غير كافية مقارنة مع المستوى العالمي. وبالنسبة للخبير الدولي، فإن المغرب رائد في هذا المجال، إذ أنه وصل تقريبا إلى 100 في المائة من تزويد ساكنته بالكهرباء، وبالتالي أهمية الكهرباء يمكن أن تُخول للمغرب مساعدة الدول الافريقية في هذا الباب من خلال إنتاج الكهرباء من المصادر الأقل تلوثا والخضراء. وفي تقييمه لإمكانيات المملكة لتنزيل هذا الورش، قال البروفيسور ملاوي إن البرنامج الوطني للطاقات المتجددة مَكّن المملكة من كسب ثقة كبيرة لدى المؤسسات المالية والتكنولوجية والمؤسسات الكبرى العالمية التي باتت مستعدة للاستثمار في المغرب الذي يتوفر على مؤهلات عالية تمكنه إلى جانب موقعه الاستراتيجي الذي يضعه على واجهة أوروبا وأمريكا وأفريقيا ليدخل على الخط مجموعة من الشركاء الجدد. رفع مستوى الصناعات تكمن أهمية التنقيب عن الموارد الطبيعية في البحر، بالنسبة لمصطفى العيساوي الخبير الدولي في مجال الطاقة، في قدرتها على رفع مستوى الصناعات التي عملت المملكة المغربية على تطويرها، وهو ما جاء في مضامين رسالة الملك محمد السادس المباشرة للحكومة المغربية والقطاع الخاص لتطوير الوسائل القمينة بإيجاد وسائل والموارد الطاقية خارجة عن المألوف، والتي يمكن اختصارها في الطاقات المولدة من المياه، والهيدروجين الأخضر، ومجموعة من التكنولوجيات التي من شأنها أن تخرج المغرب من هذه الضائقة. وحول توفر المملكة على الوسائل اللوجيستيكية والتقنية والمادية لرفع هذا التحدي وتطوير هذا المشروع الجيو استراتيجي، قال العيساوي في حديثه ل"الصحيفة" إن المهم والكبير في هذا القرن هو الخروج من منطق من له الأموال يستطيع القيام بالأشياء، سيما وأن هذه السنوات فتحت لنا أبواب كبيرة بالنسبة لهذه الاستثمارات، مضيفا: "إذا نظرنا إلى تجهيزات المغرب على المستوى الأسطول البحري، فقد كانت له سمعة كبيرة في مجال التنقيب في المياه والتجوال في المناطق البحرية، وأعتقد أن العودة إلى هذه التقاليد ليس مستحيلا". وتابع المتحدث بالقول: "أعتقد كذلك، أنه ليس بالضرورة أن تكون الأموال التي تتطلبها هذه الاستثمارات بتمويل داخلي من المغرب، فهناك استثمارات أجنبية يمكن أن تحملها مؤسسات عمومية وأخرى تابعة للدولة تمكن من القيام بهذه الاستثمارات.. مثلا إذا تحدثنا عن تطوير إفريقيا، أولا هناك سياسة خارجية مغربية مخصصة للتعامل مع إفريقيا، وداخل هذه السياسة نجد فاعلين أساسيين في مجال الهاتف النقال والأبناك وشركات التأمين وغيرها (الاعتماد على القطاع الخاص في التمويل حسب ما جاء في رسالة الملك لمنتدى الاستثمارات بمراكش)، والشركات المغربية تحتل منذ مدة طويلة أماكن متقدمة في الترتيب على المستوى الإفريقي والعالمي". وشدّد الخبير الدولي، في السياق ذاته على أنه لا ينقص المغرب شيئ، مادامت الرغبة موجودة والقرار موجود، مشيرا إلى أن الحصول على "هذه المواد الجيو-استراتيجية لهذه المشروع لن يكون مستحيلا للدولة المغربية".