بعد رفض المحامين الدفاع عنه.. تأجيل محاكمة "ولد الشينوية"    انتخاب عمدة طنجة، منير ليموري، رئيسا لمجلس مجموعة الجماعات الترابية "طنجة تطوان الحسيمة للتوزيع"    "الكونفدرالية" تقرر تسطير برنامج احتجاجي تصعيدي ضد التراجعات التشريعية للحكومة وإخلافها لالتزاماتها    استئنافية فاس تؤجل محاكمة حامي الدين إلى يناير المقبل    نظام الجزائر يرفع منسوب العداء ضد المغرب بعد الفشل في ملف الصحراء    نقابة تنبه إلى تفشي العنف الاقتصادي ضد النساء العاملات وتطالب بسياسات عمومية تضمن الحماية لهن    البنك الدولي: المغرب يتصدر مغاربيا في مؤشرات الحكامة مع استمرار تحديات الاستقرار السياسي    الاتحاد الإفريقي يعتمد الوساطة المغربية مرجعًا لحل الأزمة الليبية    وسط صمت رسمي.. أحزاب مغربية تواصل الترحيب بقرار المحكمة الجنائية وتجدد المطالبة بإسقاط التطبيع    برنامج الجولة الخامسة من دوري أبطال أوروبا    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    الشرطة توقف مسؤولة مزورة بوزارة العدل نصبت على ضحايا بالناظور            الخطوط الملكية المغربية تستلم طائرتها العاشرة من طراز 'بوينغ 787-9 دريملاينر'    صنصال يمثل أمام النيابة العامة بالجزائر    العالم يخلد اليوم الأممي لمناهضة العنف ضد النساء 25 نونبر    جماعة أكادير تكرم موظفيها المحالين على التقاعد    بورصة البيضاء تفتتح تداولات بالأخضر    أرملة محمد رحيم: وفاة زوجي طبيعية والبعض استغل الخبر من أجل "التريند"    منظمة الصحة: التعرض للضوضاء يصيب الإنسان بأمراض مزمنة    تدابير للتخلص من الرطوبة في السيارة خلال فصل الشتاء    أسعار الذهب تقترب من أعلى مستوى في ثلاثة أسابيع    "الكاف" يقرر معاقبة مولودية الجزائر باللعب بدون جمهور لأربع مباريات على خلفية أحداث مباراتها ضد الاتحاد المنستيري التونسي    تقرير: جرائم العنف الأسري تحصد امرأة كل عشر دقائق في العالم    تيزنيت: شبان يتحدون قساوة الطبيعة وسط جبال « تالوست» و الطريق غير المعبدة تخلق المعاناة للمشروع ( فيديو )        لماذا تحرموننا من متعة الديربي؟!    إيرادات فيلمي "ويكد" و"غلادييتور 2″ تفوق 270 مليون دولار في دور العرض العالمية    النفط يستقر عند أعلى مستوى في أسبوعين بدعم من توترات جيوسياسية    ياسمين بيضي.. باحثة مغربية على طريق التميز في العلوم الطبية الحيوية    مدرب مانشيستر يونايتد يشيد بأداء نصير مزراوي بعد التعادل أمام إيبسويتش تاون    أونسا يوضح إجراءات استيراد الأبقار والأغنام        استيراد الأبقار والأغنام في المغرب يتجاوز 1.5 مليون رأس خلال عامين    مهرجان الزربية الواوزكيتية يختتم دورته السابعة بتوافد قياسي بلغ 60 ألف زائر    تقرير : على دول إفريقيا أن تعزز أمنها السيبراني لصد التحكم الخارجي    6 قتلى في هجوم مسلح على حانة في المكسيك    رياض مزور يترأس المجلس الإقليمي لحزب الاستقلال بالعرائش    تحالف دول الساحل يقرر توحيد جواز السفر والهوية..    تصريحات حول حكيم زياش تضع محللة هولندية في مرمى الانتقادات والتهديدات    الإمارات تلقي القبض على 3 مشتبه بهم في مقتل "حاخام" إسرائيلي        انطلاق حظر في المالديف يمنع دخول السجائر الإلكترونية مع السياح    بسبب ضوضاء الأطفال .. مسنة بيضاء تقتل جارتها السوداء في فلوريدا    جدعون ليفي: نتنياهو وغالانت يمثلان أمام محاكمة الشعوب لأن العالم رأى مافعلوه في غزة ولم يكن بإمكانه الصمت    تنوع الألوان الموسيقية يزين ختام مهرجان "فيزا فور ميوزيك" بالرباط    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة    الدكتور محمد نوفل عامر يحصل على الدكتوراه في القانون بميزة مشرف جدا        ⁠الفنان المغربي عادل شهير يطرح فيديو كليب "ياللوبانة"    أفاية ينتقد "تسطيح النقاش العمومي" وضعف "النقد الجدّي" بالمغرب    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التدموري: السلطان مولاي يوسف العلوي متورط في حرب الغازات السامة بالريف
نشر في أريفينو يوم 26 - 07 - 2012

قال عبد الوهاب التدموري، المنسق العام لمنتدى حقوق الانسان لشمال المغرب، إن بعض الأوساط الإسبانية الرسمية تعتبر أن المسؤولية مشتركة بينها وبين سلطان المغرب في عشرينيات القرن الماضي، حول استعمال الغازات السامة في حرب الريف التي أدت إلى إبادة جماعية لسكان المنطقة. وكشف التدموري أن سلطان المغرب آنذاك مولاي يوسف، والد محمد الخامس جد محمد السادس، وافق شخصيا على استعمال تلك الأسلحة من أجل القضاء على “الفتنة” و”الخارجين عن الطاعة”.لذلك يضيف التدموري فإن أي حديث بالنسبة للإسبان عن الإعتذار ينبغي أن يكون مقرونا باعتذار الدولة المغربية في شخص رئيسها.
وقال التدموري في حوار خص به موقع “لكم. كوم”، إن الارادة السياسية غير متوفرة لدى الجانب المغربي لطي هذا الملف، لذلك فهو يسعى جاهدا إلى إقبار الذاكرة الجماعية لأهالي المنطقة الشمالية ومصادرة كل رموزها التي تذكر بتلك المرحلة أو بمراحل لاحقة كانتفاضة الريف الأوسط 58-59- . وأشار التدموري إلى أن ما يتم التخطيط له حاليا من أجل تشتيت أوصال جهة الريف الكبير كجهة حاضنة للذاكرة الجماعية المشتركة من خلال مشروع التقطيع الترابي الذي قدمته لجنة عمر اعزيمان حول الجهوية، إضافة إلى”الحملات التأديبية ” التي تقترفها الدولة مؤخرا في حق ساكنة كل من بني بو عياش وبوكيدارن وامزورن، وحي الكوشة بتازة، يفضح سياسة الدولة في المنطقة. وفيما يلي نص الحوار:
حاوره في هولندا لموقع “لكم. كوم” فريد آيث لحسن
بصدد احتفال المغاربة بذكرى معركة أنوال و ما شهدته هذه الحرب من استعمال مكثف للغازات السامة من طرف القوى الاستعمارية ،كانت جمعية الدفاع عن ضحايا حرب الغازات السامة أول جمعية مغربية تثير الموضوع علنا. أين وصلت أشغال هذه الجمعية اليوم؟
هذا صحيح، فجمعية الدفاع عن ضحايا حرب الغازات السامة بالريف جمعية هادفة حسب ما عكسته أرضيتها التأسيسية، أسست بهدف واضح هو إماطة اللثام عن مرحلة تاريخية حساسة من تاريخ الشعب المغربي بالريف الكبير خلال العشرينات من القرن الماضي.كما يمكن اعتبارها من التنظيمات الأولى التي اهتمت بقضايا الذاكرة والتاريخ و رد الاعتبار لأهالي الريف ضمن مقاربة موضوعية وغير متحيزة الشيء الذي دفع بالدولة إلى منع الكثير من أنشطتها خاصة في ظل كل من حكومة عبد اللطيف الفيلالي وحكومة عبد الرحمان اليوسفي. غير أنه ولاعتبارات متعددة لم يكتب لها الاستمرار نظرا للا ختلافات التي ظهرت لاحقا بين أعضاء مكتبها ،فيما يخص طبيعة المرحلة و كيفية التعامل معها خاصة وأن الجمعية صادفت مرحلة سياسية جد دقيقة أحدثت فرزا إضافيا بين من أمن بمرحلة العهد الجديد خاصة مع انطلاق مسلسل ما سمي بالإنصاف والمصالحة وبين من اعتبر المرحلة لا تعدو أن تكون تجديدا للعهد القديم وانتقد بالمقابل وجهة النظر الرسمية لمفهوم المصالحة مع الريف الذي روجت له الكثير من النخب الشمالية أو الريفية آن داك بما فيها تلك المحسوبة على اليسار الراديكالي، وهو المفهوم الذي أخلت من خلاله الدولة بالمبادئ الأساسية المؤسسة لها كمبدئي المسائلة و عدم الإفلات من العقاب وحفظ الذاكرة الخ… وهو ما أثر بشكل سلبي على عمل الجمعية وثم تجميد أنشطتها إضافة إلى عدم تجديد هياكلها مند تأسيسها سنة 98 إلى الآن بشكل يمكن معه القول أن لا وجود اليوم لجمعية بهذا الاسم قانونيا.
باعتباركم أحد مؤسسي هذه الجمعية ومنسق عام لمنتدى حقوق الإنسان لشمال المغرب حاليا كيف تنظرون إلى تطورات هدا الملف؟
إن النهاية العملية لجمعية الدفاع عن ضحايا الغازات السامة، الذي كان لها الفضل الأكبر في إبراز هدا الملف، بالإضافة إلى ما عرفته منطقة الريف من اصطفافات لنخبها علاقة بمستجدات الوضع السياسي الوطني الذي ارتبط بمرحلة ما اصطلح عليه بالعهد الجديد وما أفرزه من انقسامات داخل المشهد السياسي بما فيها تلك المحسوبة على الصف اليساري، كان له وقع متباين في ما يخص تدبير الكثير من الملفات والقضايا ذات الصلة بالشأن العام الوطني، أو بمنطقة الريف ومن ضمنها ملف الغازات السامة، حيث تأسست إطارات جديدة مهتمة بذات الموضوع إما ضمن مقاربة الدولة لمفهوم الذاكرة والتاريخ، القائمة أساسا على منطق التحريف والاحتواء لقضايا أبت إلا أن تبقى حية في الذاكرة الجماعية لأهالي الريف الكبير رغم السياسات الممنهجة للدولة الرامية إلى إقبارها أو محاولة اختزالها في رقعة جغرافية ضيقة وعرقية. أو العمل على توظيفها عندما تتأزم العلاقة الدبلوماسية بين الدولة المغربية والاسبانية، وهو ما شهدناه في محطات كثيرة كان أخرها رد الفعل الذي أثارته زيارة وزير الداخلية لموقعة أنوال. كما تأسست كذلك جمعيات أخرى مهتمة بدات الموضوع و بكل قضايا الذاكرة، مستقلة ومنفلتة، عن إرادة الدولة والمركز تسعى إلى إعمال مقاربة شمولية في معالجة ملفات الذاكرة و التاريخ مستندة في دلك على مبدأ الحق في معرفة الحقيقة كاملة، وتنأى بنفسها عن أي استعمال سياسوي ضيق لها، وفي هدا المجال يمكن استحضار منتدى حقوق الإنسان لشمال المغرب كإطار مدني مستقل يعمل على كشف القضايا والملفات الحقوقية الخاصة بالمنطقة الشمالية، و التي لم تكن يوما من أولويات الإطارات الحقوقية المركزية، و الذي يعتبر أن ملف استعمال الغازات السامة و التجنيد القصري لعشرات الآلاف من للأطفال والبالغين من سكان المنطقة الشمالية من أجل الزج بهم في أتون الحرب الأهلية الاسبانية إضافة إلى ملفات أخرى ذات الصلة بالدولة المغربية تعتبر كلها قضايا تهم عموم أهالي جهة الريف الكبير من لنجرة إلى الناضور، الجهة التي شكلت الوعاء الجغرافي الحاضن لذاكرتنا الجماعية.و التي لا يمكن اختزالها في حدود كل من الناضور والحسيمة.
كما أن الفرز الذي حصل في النخب الشمالية وما نتج عنه من تعدد في التنظيمات والمقاربات لا يمكن إلا أن يكون مسألة صحية تخدم قضايانا الإستراتيجية، تعمل على كشف الحقيقة من زيفها، وتزيد في تعميق الفرز بين صفوف هذه النخب.
كيف تقيمون تصريحات وزير الخارجية المغربي سعد الدين العثماني حول موضوع الغازات السامة بعد الزيارة الأخيرة لوزير الداخلية لموقعه أنوال التي صادفت الذكرى 91 لهذه المعرك؟
كثر الحديث مؤخرا عن موضوع الغازات السامة علاقة باستعمالها من طرف القوات الاستعمارية الإسبانية في العشرينات من القرن الماضي ضد المقاومة التي كان يقودها المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي بالريف الكبير من أجل ما سمي أن ذاك بالحسم السريع للحرب. لكن ما أثار انتباهي هو اهتمام بعض المسؤولين المغاربة إما بصفتهم رجال دولة أو مسؤولين سياسيين أو جمعويين متحيزين بهذا الملف بعد أن كان تداوله مقتصرا على جمعيات لا تتعدى رؤوس الأصابع التي كانت تعاني الأمرين من أجل القيام بأنشطتها التي كانت تقابل إما بالمنع أو العرقلة أو الحصار الإعلامي رغم إمكانيتها المادية المتواضعة ، و هو ما دفعني فعلا والكثير من أبناء المنطقة الشمالية / الريف إلى التساؤل عن أسباب هذا الاهتمام غير المسبوق و لو أن هذا الملف الشائك هو إرث جماعي لكل المغاربة وحق الإهتمام به مضمون للجميع.
فهل يمكن اعتبار هذا الإهتمام صحوة بقضايا الذاكرة و التاريخ التي تم تغيبها من مقرراتنا الدراسية رغم حضورها في التركيبة الشخصية لكل ممن عانوا من آثارها بشكل مباشر أو غير مباشر من أهالي شمال المغرب / الريف، بكل ما تعني هذه الصحوة من فهم عميق لأسبابها والحقائق «المرة» التي يمكن أن تكشف عنها؟! أم هي صحوة ظرفية ومنفعلة بالسياسات الخارجية لكلى البلدين، تروم إلى قطع الطريق عن أي متابعة جدية لهذا الملف من أجل الكشف عن أغواره و حقائقه الغائبة وحسمه بسرعة بالشكل الذي حسمت به القوى الاستعمارية الحرب ضد المقاومة؟ خاصة وأن هدا الاهتمام الرسمي بالموضوع اقترن دائما بالتوثر في العلاقات الديبلوماسية بين البلدين الجارين كان اخرها الزيارة التي تطرقتم لها كما كان من قبلها الاهانة التي تعرض لها المغرب و المغاربة في جزيرة ليلى وتحليق الطيران الحربي الاسباني في عمق الأجواء المغربية أو عندما قام العاهل الاسباني بزيارة مدينة سبتة المحتلة الخ ….
إن ملفات من هذا القبيل، وهي كثيرة بالمنطقة الشمالية، تسمو فوق أي تعامل انتهازي أو ظرفي تحدده مصالح سياسيوية ضيقة لهذا الفاعل أو ذاك. وإن أي متعامل معها دون استحضار الكشف عن الحقيقة كمفهوم وهدف ملازم لها سيصاب بلعنتها لكونها لا تقبل أقل من الحقيقة كاملة وبالتالي فان ملف الغازات السامة لا يمكن للدولة المغربية ولا للحكومة أن تتعامل معه دون أن تتوفر على الجرأة والإرادة في مصالحة حقيقة مع ذاتها وتاريخها التي تستوجب منها الإقرار والاعتراف بالحقيقة المرة المتمثلة في الإقرار بمشاركتها إلى جانب القوى الاستعمارية في هذه الحرب القدرة أو بمباركتها لاحقا من طرف أحزاب الحركة الوطنية “الجناح المتنفد والوارث لأوفاق ايكس ليبان”، والتي لازالت وفروعها تأتث المشهد السياسي والدستوري الحالي وذلك في الرسالة المطالبة بالاصلاحات التي رفعتها كتلة العمل الوطني سنة 1934 للمقيم العام الفرنسي التي هنأته من خلالها على القضاء على رمز الفتنة حسب وصفها للأمير المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي.
ولهذه الأسباب فإني اعتبر أن هدا الملف أكبر من الدولة والحكومة والجمعيات التي التي تدور في فلكها أن هدا الاهتمام يندرج ضمن مزايدات ظرفية ولا ينفد إلى صلب الموضوع كون الارادة السياسية لذلك غير متوفرة خاصة من الجانب المغربي الذي يعمل جاهدا على إقبار الذاكرة الجماعية لأهالي المنطقة الشمالية ومصادرة كل رموزها التي تذكر بتلك المرحلة أو بمراحل لاحقة كانتفاضة الريف الأوسط 58-59- وما يتم التخطيط له حاليا من أجل تشتيت أوصال جهة الريف الكبير كجهة حاضنة للذاكرة الجماعية المشتركة من خلال مشروع التقطيع الترابي الدي قدمته لجنة عمر اعزيمان حول الجهوية، إضافة إلى”الحملات التأديبية ” التي تقترفها الدولة مؤخرا في حق ساكنة كل من بني بو عياش (المركز النابض لانتفاضة 58 ) وبوكيدارن وامزورن، وحي الكوشة بتازة، لما شكله هذا الهلال أو مثلت الموت من وشم في الذاكرة الجماعية لأهالي المنطقة، والتي توجتها بحملة اعتقالات واسعة ومحاكمات جائرة في حق الكثير من مناضليها التي كان فيها علم الجمهورية كرمز من رموز تلك الذاكرة إضافة إلى رموز أخرى التهمة الحاضرة الغائبة في صك الاتهامات. اذن فلا يمكن الحديث على نصف الحقيقة كما قلنا فالجميع كان مشاركا ومتواطئا في هذه الحرب القدرة ولا يمكن مطالبة القوى الاستعمارية بالإقرار والاعتذار دون أن تتوفر الجرأة اللازمة لدى الدولة المغربية والحكومة لكشف ما لديها من وثائق تاريخية والاعتراف بحقيقة ما جرى بما يقتضيه ذلك من اعتذار للشعب المغربي عامة وأهالي الريف الكبير خاصة، والذي يشكل مدخلا أساسيا للمصالحة مع الماضي ، ويقوي بالمقابل أي موقع تفاوضي للدولة المغربية حول هدا الملف. خلاصة القول لا يمكن، لمن سعوا دوما إلى محو وتحريف ذاكرة الشعب المغربي، أن يهتموا بقضاياها أو الكشف عن حقائقها و إلا لكان لزاما عليهم كأحزاب وحكومات متعاقبة أن يخضعوا للمسائلة وأن يقدموا استقالتهم من تدبير الشأن السياسي المغربي.
كغيره من المواضيع الحساسة يقابل موضوع استعمال الغازات السامة بالريف بالإنكار و بكثير من التشكيك، هل من توضيحات حول حجم الكارثة.
إن الاستعمال المكثف للغازات السامة بالمنطقة الشمالية / الريف من طرف القوى الاستعمارية في العشرينات من القرن الماضي لا يمكن وضعه موضع الشك والتساؤل كما سبق و أن وضعته بعض وسائل الإعلام المحسوبة على “الصف الوطني”، بحكم أن هذه القضية أصبحت في حكم الحقيقة التاريخية التي لا زالت تحفظها «و لحسن الحظ» الأرشيفات العسكرية لكل من اسبانيا وفرنسا وألمانيا وانجلترا التي توثق بشكل دقيق لهذه الكارثة الإنسانية الناتجة عن استعمال هذه الأسلحة المحظورة دوليا. وهوما تناولته كذلك الكثير من الكتابات التاريخية لمؤرخين وباحثين وكتاب أجانب أمثال المؤرخ سباستيان بلفور والإسبانية ماريا روزا دي مادارياغا وقبلهما الباحثين الألمانيين روديبرث كونز و رولف مولر… هذا إضافة إلى مذكرات بعض العسكريين الذين شاركوا في الحرب والتي أضحت تشكل مرجعا أساسيا للباحثين والمهتمين بهذا المجال. بل إن هذا الأرشيف وهذه الكتابات تطرقت بدقة كبيرة لأماكن إنتاجها و تخزينها وطريقة وحجم استعمالها إذ تجمع كلها على استعمالها ولأول مرة عن طريق القصف الجوي إضافة إلى القصف المدفعي. كما تحدثت بدقة عن أنواعها و كمياتها والمناطق التي استهدفتها كالتجمعات السكنية و الأسواق الأسبوعية الآهلة بالمدنيين و حجم الدمار الذي لحق بها. ففي أقل من دقيقة سقطت ما يناهز 800 ضحية في أحد الأسواق الأسبوعية ببني زروال حسب تصريحات قائد سلاح الجو الفرنسي أرمنكو في مذكراته. إنها أول حرب كيماوية في التاريخ تم وصفها بشكل دقيق. بل هناك من الوثائق ما يدون حتى لشهادات وتسجيلات لطيارين وهم يتساءلون عن شرعية استهداف التجمعات المدنية وكل ما هو حي على الأرض، إضافة إلى تصريحات لكبار المسؤولين العسكريين يأمرون من خلالها ضباطهم وجنودهم على ضرورة قتل أكبر عدد من المدنيين وإفناء المواشي والممتلكات وتسميم المياه من أجل حسم المعركة و القضاء على معنويات المقاومة.
كما أن تصريحات الملك الاسباني الفونسوا الثالث عشر بعد هزيمة أنوال، أو خلال جلسة استقبال القيادة العسكرية المشتركة الاسبانية والفرنسية سنة 1925، والتي إعتبر فيها سكان الريف «بالحشرات الضارة» التي يجب القضاء عليها بأي شكل من الأشكال، تعتبر شهادة وأمرا بالجريمة التي ارتكبتها القوات الإستعمارية الإسبانية و الفرنسية بمساعدة ألمانيا في حق أهالي الريف الكبير.
إن استعمال الغازات السامة بالمنطقة الشمالية بالمغرب التي بدأت مع سنة 1921 إلى حدود 1927 وبما هو مدون في الأرشيفات العسكرية للقوى الإستعمارية وشهادات الذين شاركوا أو عايشوها وحجم الدمار والمآسي الإنسانية والبيئية التي ترتبت عنها، يدفع بأخصائيي القانون الدولي الإنساني والقانون الجنائي الدولي إلى الإجماع على اعتبار الدولة الإسبانية قد ارتكبت جريمة متعددة الأبعاد في حق أهالي الريف الكبير تتوفر فيها كل مواصفات الجريمة ضد الإنسانية والإبادة الجماعية إلخ…
هل من مسؤولية يمكن الحديث عنها علاقة بالموضوع رغم مرور ما يناهز تسعون سنة على هذا الحدث؟
إن مسؤولية الدولة الإسبانية عن هذه الجرائم رغم قدمها تبقى قائمة ولو في مستواها المدني.
في رأيكم لماذا تتهرب إسبانيا من الإعتراف بجرائمها بالريف المغربي وتأبى تقديم اعتذار للدولة المغربية رغم وجود سوابق حول الموضوع مثل اعتذار إيطاليا لأثيوبيا؟
الأوساط الإسبانية الرسمية تعتبر أن المسؤولية مشتركة بينها وبين سلطان المغرب آنذاك الذي وافق على استعمال تلك الأسلحة من أجل القضاء على “الفتنة” و”الخارجين عن الطاعة”.لذلك فإن أي حديث بالنسبة لهم عن الإعتذار ينبغي أن يكون مقرونا باعتذار الدولة المغربية في شخص رئيسها، ولهذا قلنا منذ البداية إن المدخل الحقيقي للمطالبة باعتذار الدولة الاسبانية و باقي الدول الاستعمارية المشاركة في الحرب القذرة على الريف هو مصالحة الدولة المغربية مع تاريخها الحقيقي الذي يتطلب منها اعتذارا صريحا عن ماضي الانتهاكات الجسيمة سواء التي شاركت فيها القوى الاستعمارية أو تلك التي ارتكبت بعد أو عشية مرحلة الاستقلال، وذلك من أجل تحسين شروط الترافع عن هدا الملف سواء كان المترافع عنها الدولة المغربية أو جمعيات من المجتمع المدني.
هل هناك ما يفيد هذا المعطى؟
هناك الكثير من المعطيات والوثائق التاريخية المكتوبة والمصورة منها التي تؤرخ لهده المرحلة ، و خاصة الجانب المتعلق بدور الدولة المخزنية آنذاك في المشاركة إلى جانب القوى الاستعمارية للقضاء على المقاومة التي كان يقودها المجاهد الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي بالريف الكبير. ويمكن اختصار هذه الحقائق التاريخية في تبات محطات أساسية :
- مشاركة السلطان المغربي مولاي يوسف شخصيا في احتفالات الانتصار على المقاومة وذلك بقصر فرساي بباريس سنة 1927 بحضور الجنرال ميغيل بريمو دي ريفيرا أحد مهندسي حرب الغازات السامة بالريف.
- الاستقبال الرسمي الذي خص به السلطان الطيارين الأمريكيين المرتزقة بساحة المشوار سنة 1925 وإشراكهم في الحرب الجوية باسم الفيلق الشريفي وهم نفسهم الذين شاركوا كطيارين مرتزقة في الحرب العالمية الأولى إلى جانب فرنسا تحت اسم ايسكدرون لافاييت.
- تجنيد السلطان لأكثر من 400 ألف مجند مخزني حسب الباحث سبستيان بيلفور ووضعهم تحت إشراف القيادة العسكرية الفرنسية من أجل الزج بهم في الحرب ضد المقاومة.
ألا يعتبر الاستعمال المكثف لهذه الأسلحة القدرة مبالغ فيه للقضاء على مقاومة ذات أسلحة تقليدية إن لم نقل بدائية أم أن الأمر يتجاوز المقاومة إلى مستويات أخرى؟
إن الاستعمار الإسباني لم يعمد إلى القضاء على المقاومة المسلحة فقط باستعماله لأسلحة الدمار الشامل . بل عمد إلى الإجهاز على مشروع إصلاحي نهضوي وتحديثي للمجتمع والإدارة على كل تراب المنطقة الشمالية التي كانت قد حررتها المقاومة من قبضة الإحتلال. والتي عمدت من خلاله حكومة الريف إلى شق الطرقات و توسيع شبكات الاتصالات السلكية والبريد وبناء المدارس والمستوصفات وتدريب طيارين وفنيين إلخ…هذا رغم قصر المدة التي عمرتها هذه الحكومة التي كان يتزعمها المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي واستمرار القتال على الجبهات والثغور.
إن ملف الغازات السامة لا يمكن اعتباره منفصلا عن ملف آخر لا يقل أهمية وهو الإجهاز على الحق في التنمية لأهالي شمال المغرب من طرف الاستعمار الإسباني الذي أقر مؤرخوه وبعض الباحثين المغاربة بأهمية هذا المشروع الإصلاحي و التحديثي الذي كان قد بدأه المجاهد بن عبد الكريم الخطابي. وإن أي محاولة لفصل هذه الملفات وتجزئتها أو حصرها في المطالبة ببعض التعويضات سوف لن يوفي المنطقة الشمالية / الريف حقوقها التاريخية والاقتصادية والاجتماعية
وسيكون جاحدا في حق أهالي الريف الكبير الذين ناضلوا دوما من أجل الحق في تقرير مصيرهم وتسيير شؤونهم بأنفسهم.
إن حجم الكارثة الإنسانية والبيئية بالمنطقة الشمالية التي سببته الغازات السامة يعني بلغة التنمية استهداف الموارد البشرية والإقتصادية الضرورية لأي إقلاع تنموي حقيقي بالجهة الشمالية . كما أن تداعياتها الصحية لازالت مستمرة في الزمن إلى حد الآن علاقة بالإنتشار الكبير لأمراض السرطان بهذه المنطقة وما تستلزمه من تكلفة اقتصادية لعلاجها التي غالبا ما تكون على حساب المدخرات الشخصية للمواطنين والمواطنات.
على ذكر مرض السرطان وباعتباركم طبيب هل من علاقة واضحة بين حرب الغازات السامة والمعدل المرتفع لنسبة الإصابة بهذا المرض بالريف الكبير؟
إن ارتفاع نسبة الإصابات بمرض السرطان لدى أهالي شمال المغرب الذي يقارب 60%بالمقارنة مع باقي جهات الوطن وعلاقته بالغازات السامة أصبح يشكل جدلا بين المشككين والمؤيدين لهذه العلاقة السببية في الوقت الذي لم تقم به الدولة المغربية في شخص وزارة الصحة بأي مجهود أو بحث علمي في أسباب الإنتشار الكبير لهذا المرض لدى أهالي المنطقة الشمالية، بل إن السلطات المغربية تمنع أي بحث علمي ميداني من أجل البحث في هذا المجال كما فعلت مع طلب البحث الذي كانت قد تقدمت به جمعية الدفاع عن ضحايا الغازات السامة سنة 2001 والذي كان سيشمل أكثر من 40000 نسمة موزعة على مجموع تراب الريف الكبير، وكان لنا كامل اليقين عندها أن نسبة الإصابات سيكون أكبر بكثير مما هو مصرح به، ويتم تداوله لحد الآن.
لكن في غياب هذا البحث الميداني، والمخبري على المستوى الوطني لابد من الإستئناس واستحضار ما راكمته العلوم الطبية والبيولوجية في هذا المجال من أجل الكشف عن هذه العلاقات السببية.
ماريا روزا دي مادارياغا شككت في إمكانية وجود علاقة سببية بين هذا المرض و الغازات المستعملة إبان الحرب؟
ماريا روزا باحثة ومؤرخة وهي تشكك لأنها لا تستطيع إثبات ذلك وأعتقد أن الأمر أكبر وأعقد مما قد يعتقده البعض.
إن البحث في العلاقة السببية بين الإستعمال المكثف والمستمر للغازات السامة وارتفاع نسبة الإصابات بالسرطان بالريف يدفعنا إلى تناول هذه العلاقة السببية في محورين مفصليين:
- المعطيات الوبائية:
إن منطقة جهة الريف تقع شمال المغرب وتطل في واجهتها الشمالية على البحر الأبيض المتوسط. كما أن العلوم الطبية تعتبر حوض البحر الأبيض المتوسط مجالا جغرافيا يتسم بخصوصيات مرضية خاصة به تصيب الشعوب التي تقطنه، وذلك بحكم الإنصهار الحضاري و التاريخي لشعوب هذه المنطقة تاريخيا.إضافة الى ما يعرفه هدا المجال من تشا به بيئي و تشابه في التقاليد والعادات الغذائية و الطقس إلى حد كبير .
لكن عندما نتحدث عن مرض كالسرطان تظهر الإحصائيات الوبائية أن النسبة يمكن أن تصل إلى حد 60% من مجموع الإحصائيات المتوفرة على المستوى الوطني أو بالمقارنة مع باقي جهات الوطن. كما أن نفس الإحصائيا ت إذا ما قارناها بإحصائيات وبائية خاصة بهذا المرض في بعض الدول الأخرى المطلة على حوض البحر المتوسط كإسبانيا وفرنسا وإيطاليا، فإن هذه النسبة تبقى في حدود ما هو متعارف عليه عالميا، كما أن هده الاحصائيات تكون منخفضة في جهاتها المطلة والمشرفة على حوض البحر الأبيض المتوسط مقارنة مع جهاتها الشمالية التي تعرف بعض الارتفاع و الدي تعوزه الدراسات العلمية الى التقاليد الغذائية للشعوب المطلة على البحر الأبيض المتوسط التي تتشكل أساسا من السمك والخضر. مما يجعل من شمال المغرب الريف استثناءا حيث تحتضن أكبر نسبة لأمراض السرطان ويدفعنا بالتالي إلى التساؤل على ماهية العامل الخارجي الذي يجب استنتاجه علميا كمسبب رئيسي لإرتفاع هذه النسبة الوبائية بالمنطقة الشمالية للمغرب. إنها الغازات السامة «خاصة الإبريت» التي تم إستعمالها بكثافة ولمدة سبع سنوات من طرف الإحتلال الإسباني.
- المعطيات المخبرية:
إذا اعتبرنا الإحصائيات الوبائية لمرض السرطان بالمنطقة الشمالية للمغرب هي الأعلى بالمقارنة مع باقي جهات الدول المطلة على حوض البحر المتوسط علاقة بالاستعمال المكثف للغازات السامة، كعامل خارجي وحيد إبان الحقبة الإستعمارية بالريف الكبير. فإن الدراسات العلمية المخبيرية على الرغم من قلتها بحكم أن الدول المتقدمة علميا والقادرة على انجاز هذه الأبحاث لا تجد جدوى إجرائها بحكم أن استعمال هذه الغازات قد تم حضره في مرحلة متقدمة من التاريخ من خلال اتفاقية فرشاي 1919 وبرثوكول جنيف1925 ، تؤكد على الرغم من قلتها أن غاز الخردل مادة سرطانية وهو البحث الذي أجرته الوكالة الدولية للأبحاث السرطانية بليون وإن التعرض المتكرر والمستمر لهذا الغاز، الذي يتضمن مجموعة من الإشعاعات، يؤدي إلى سيرورة انتقالية للمرض عبر الأجيال(بحث الدكتور رولف مولر) . وأن هذا الإنتقال إما أن يكون آنيا أو وراثيا أو الإثنين معا أو انتقالا صبغيا حسب البحث الذي أجراه كل من: في سنة 1961. Raymond Turpin,Jerame Le Jeune
إن ربط مسألة الإصابات المتكررة والمستمرة بهذه الغازات بالتأثيرات السرطانية الآنية و المنقولة وراثية أو جينيا عبر الأجيال، لا يمكن أن تدفعنا إلى التشكيك في هذه العلاقة السببية بالنسبة لحالة جهة الريف الكبير التي، على عكس ما اعتبرته الأستادة ماريا روسا مادرياكا شرطا غير متوفر في حالة حرب الريف،التي شهدت قصفا مدفعيا و جويا مكثفا بهذه الغازات لمدة سبعة سنوات متتالية استهدفت فيها مصادر المياه والأشجار والحيوانات والإنسان وكل ماهو حي على تراب الريف الكبيرمما يوفر جميع الشروط للإصابات المتكررة والمستمرة في الزمان والمكان ويجعل من العلاقة السببية بين استعمال الغازات السامة وارتفاع إحصائيات أمراض السرطان بالمنطقة الشمالية بالمقارنة مع باقي جهات الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط ذات الخصوصيات الجيومناخية المشتركة حقيقة علمية ثابتة.

تعليق الصورة: مشاركة السلطان المغربي مولاي يوسف شخصيا في احتفالات الانتصار على المقاومة وذلك بقصر فرساي بباريس سنة 1927 بحضور الجنرال ميغيل بريمو دي ريفيرا أحد مهندسي حرب الغازات السامة بالريف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.