أيوب صدور “رمضان قرّبْ”، “الربْعينْ دخْلَت”، “شحال مَزَال لرمضان؟” .. عبارات تصل المسامع دون أن تلتمس معناها الحقيقي، أو هكذا هو النقاش بين فئات المجتمع الناظور و الريفي و المغربي والإسلامي مع دنو شهر الصيام. اجتناب المشروبات الكحولية لمدة أربعين يوما قبل الشهر الكريم صار عرفا مجهول السند متداولا بين عامة الناس. ويقول المدافعون عن هذا الطرح إن المقبل على الصيام مدعو إلى الابتعاد عن شرب الخمر قبل حلول شهر الفضيل، بمبرر أن الكحول تظل في جسم ودم الإنسان 40 يوما، وبالتالي فإمساك الشخص غير صحيح وغير مقبول. بروز النقاش في هذا الموضوع يتكرر بصفة سنوية، وذهب بالبعض إلى الاعتقاد أن هذه التمثلات حقائق غير قابلة للنقاش وإعادة البناء والتفكيك، وفي الوقت نفسه يظل المرء عاجزا عن تقديم صورة متوازنة أو إعطاء براهين وأدلة علمية مقنعة، بل يكفر حتى المشكك في صحتها. محسن اليرماني، باحث في سلك الدكتوراه تخصص العقيدة والفكر الإسلامي، قال إن “شرب الكحول أو الخمر، وكل ما يطلق عليه المشروبات الروحية مما يسكر وتحت أي مسمى، حرام شرعا، وحرمته من المعلوم بالدين ضرورة”، وأضاف أن “الخمر حرام بالكتاب والسنة وإجماع العلماء، وتحريمه غير مقترن بزمان محدد؛ فالخمر حرام طوال أيام وشهور السنة”. “أما في ما يتعلق بما هو سائد في عرف الناس من كون شارب الخمر يمسك عنه قبل رمضان بأربعين يوما، فلا أعلم له مستندا في الشرع سوى أن الله لا يقبل صلاة من شرب الخمر أربعين صبحا، أي أربعين صلاة”، يوضح الباحث في سلك الدكتوراه تخصص العقيدة والفكر الإسلامي. وقال المتحدث ذاته: “ورد عن رسول الله ﷺ أن من شرب الخمر وسكر لم تقبل له صلاة أربعين صباحا”، وزاد: “لا يفهم من هذا الحديث أن صلاة شارب الخمر ليست صحيحة وأن عليه تركها وباقي فرائض الإسلام، بل إن الصلاة واجبة في حق شارب الخمر ولا تسقط عنه، ومعنى الحديث أن شارب الخمر لا يأخذ ثواب الصلاة، وصلاته هي إبراء ذمته وأداء لما فرض الله عليه من حق عبادته”. وبخصوص “عرف الرْبْعين”، يرى أستاذ التربية الإسلامية بالثانوي التأهيلي، في تصريح أنه “ليس من قبيل النفاق في شيء، بل إن شارب الخمر رغم اقترافه للمحظور، إلا أنه يوقر شهر رمضان ويعظمه في نفسه، فيجتنب شرب الكحول قبل رمضان من باب تعظيم شهر مبارك تعظيما لشعيرة من شعائر الله أي، الصوم”. ويدعو اليرماني الدعاة والوعاظ إلى تشجيع هذا العرف “لأنه أولا لا يتعارض مع الشرع ويحفز مدمني الخمر على التوبة وترك الحرام كما يحقق مقصد تعظيم شعائر الله، ويسهم في تزكية نفس المسلم العاصي حتى يتسنى له استقبال شهر رمضان شهر الرحمة والغفران وهو مقبل على الله تعالى الجواد الكريم الغفور الرحيم”. وتؤكد مختلف الأبحاث والدراسات الطبية أن الطرح القائل بأن الكحول تظل في جسم الإنسان أربعين يوما غير صحيح. وهو الأمر الذي أكده عدد من الأطباء والصيادلة البيولوجيين . ووفق الأخصائيين المستجوبين فإن الكحول تظل بجسم الإنسان مدة محدودة لا تتجاوز 8 ساعات قبل أن تتم عملية تصفيتها من الدم عبر الكلي، ولا يمكن أن تظل مدة 40 يوما بأي حال من الأحوال.