لم تتوقع بركان، وهي المدينة المعروفة بهدوئها، وتشبث سكانها بالقيم الدينية، أن تستقطب اهتمام المغاربة، بسبب فضيحة جنسية تورط فيها مهاجر ببلجيكا احترف العلاج بالرقية الشرعية، إذ حول نساء زرنه في شقته من أجل العلاج، إلى "جوار". وتسببت هذه الفضيحة في رجة، إلى درجة أدخلت الشكوك في نفوس البعض بأن تكون قريباتهم من بين ضحاياه، خصوصا بعد أن كشفت التحريات الأمنية أن عدد ضحاياه وصل إلى 15، رفضن تقديم شكاية ضده خوفا من الفضيحة. كان الوضع هادئا ببركان، قبل أن يكسره صوت سيارة إسعاف تنقل مصابا إلى المستشفى الإقليمي. خلال المعاينة تبين أن الضحية يبلغ من العمر 50 سنة، تعرض لإصابات خطيرة. تعرف عليه البعض بالمستشفى، فالأمر يتعلق براق معروف ببركان، لكن السؤال الذي شغل بال الجميع، من عرضه لهذا الاعتداء الجسدي، ولماذا؟ خصوصا أنه كان يتظاهر كرجل دين. تلقى الراقي الإسعافات الأولية، قبل أن يربط مسؤولو المستشفى الاتصال بالشرطة، لتتسرب أول خيوط الفضيحة، فالراقي تعرض لاعتداء جسدي من قبل شخصين، انتقاما لاستغلال شقيقتهما جنسيا. بداية القصة عاشت فتاة من وجدة، معاناة مع مرض الاكتئاب، فرغم زيارة الأطباء بكل تخصصاتهم، فشلوا في علاجها. ظلت الضحية لسنوات تكابد هذا المرض الخطير، والذي يهدد المصاب بالانتحار. أخبرت الضحية عن راق شرعي ببركان، قيل عنه الكثير، وصلت إلى حد وصف نجاحه في علاج الأمراض المستعصية بالمعجزة. وأملا في العلاج، انتقلت الضحية إلى بركان، وحلت بشقة الراقي الشرعي، جذبها حسن الاستقبال وصوت آيات قرآنية متعالية من جهاز التسجيل. وبعد انتظار لم يدم طويلا، طلب منها مرافقته إلى غرفة خاصة بالعلاج. شرع المتهم في تلاوة آيات قرآنية، ارتبكت الفتاة، سيما أنه قام بحركات أقرب إلى التحرش. لم تكترث للأمر في البداية، وحاولت التعامل مع الوضع بحسن نية، وفجأة غفت في نوم عميق. عندما استيقظت، شعرت بأن أمرا غير عاد حدث لها، لتدرك مع استعادة وعيها، أنه مارس عليها الجنس، احتجت عليه وحاولت فضحه، فواجهها بمقطع فيديو يوثق ممارسته الجنس عليها، قبل أن يخيرها بين زيارته لممارسة الجنس معه، أو نشر هذا المقطع بين أفراد عائلتها. عادت الفتاة إلى وجدة، وبعد أن كانت تأمل في العلاج، زادها الراقي سقما أكبر. في مناسبة اتصل بها وطالبها بالحضور إلى بركان، حاولت الاعتذار له، فخاطبها بلغة الوعيد، رضخت للأمر، وأخبرت عائلتها أنها في زيارة للراقي لمواصلة العلاج. حلت الضحية بشقة المتهم، وداخل الغرفة مارس رفقتها الجنس بطرق شاذة. اعتقدت الفتاة أن هذه العلاقة ستكون الأخيرة، لكنه هددها مرة أخرى إن امتنعت عن زيارته. وقتها أدركت الفتاة أنها وقعت في شباك الابتزاز، ظلت مترددة في فضح الأمر لعائلتها المحافظة، إلى أن فوجئت به يتصل بها عبر الهاتف ويطالبها مجددا بالقدوم إلى بركان، استجمعت شجاعتها، وأخبرت عائلتها بالأمر. الوكيل العام على الخط تناسلت خيوط الفضيحة، ودخل الوكيل العام للملك بوجدة على خط القضية، وأسندت مهمة التحقيق في النازلة إلى الفرقة الولائية بوجدة، خوفا من تسرب مقاطع المشاهد الفاضحة، ما يهدد بحدوث أحداث غير متوقعة بالمدينة المحافظة يدفع ثمنها الضحايا، وأيضا احتمال تورط المتهم في جناية الاتجار في البشر، سيما بعد أن حجزت الشرطة القضائية ببركان على مقاطع فيديو لنساء أخريات بهاتفه المحمول. أشرفت الفرقة الولائية بوجدة على التحقيق في النازلة بتنسيق مع شرطة بركان، إذ تم الاستماع إلى المتهم، الذي فجر فضائح أخرى، واعترف أنه استغل المهنة لابتزاز المريضات جنسيا. انتقل المحققون إلى شقته التي حولها إلى عيادة للرقية الشرعية، وحجزوا بحاسوبه الشخصي على مقاطع فيديو وصور جنسية ل15 امرأة، اعترف المتهم أنهن يتحدرن من بركان ومدن مجاورة، ليتم نقل المتهم إلى مقر الفرقة الولائية بوجدة من أجل تعميق البحث معه. انتقام لم يتقبل شقيقا الفتاة ما حدث لها، واعتبرا ما وقع لشقيقتهما مسا بشرف العائلة، وقررا على الفور القصاص من الراقي بطريقتهما الخاصة. انتقلا من وجدة إلى بركان، وحلا بشقته، ودون مقدمات شرعا في تعنيفه. عرضاه للضرب والجرج، وجرداه من ملابسه والتقطا صورا له نكاية به، وفي النهاية، بعد أن خارت قوى الراقي، وثقا يديه وقدميه، وبعد أن أشفيا غليلهما عادا إلى وجدة تاركينه في وضع حرج. تدخل جيران الراقي، الذين أثارهم صراخه وهو يتعرض لاعتداء، فاستدعوا سيارات إسعاف نقلته إلى المستشفى من أجل العلاج. فضائح بالجملة كشف التحقيق مع المتهم، أنه كان يعمل ببلجيكا، فقرر لأسباب خاصة العودة إلى المغرب منذ سنة، واختار بركان للاستقرار بها، فاقتنى شقة ، ولضمان مدخول مالي يحقق به ثروة كبيرة في ظرف وجيز، قرر احتراف الرقية الشرعية. وخلص البحث إلى أنه قام بهذه المغامرة، رغم أنه غير حافظ لكتاب الله بل مجرد آيات محدودة فقط، يرتلها بإحكام أمام ضحاياه لإيهامهن بأنه رجل دين ورع، كما تبين خلال نقاشه مع المحققين، جهله الكبير للقواعد الشرعية، إذ لا يفقه فيها شيئا. وخلص البحث إلى أن المتهم نجح في استقطاب نساء بمساعدة وسطاء، فكان ينتقي ضحاياه بمهارة، إذ بمجرد أن تزوره امرأة أو فتاة لها قدر من الجمال، يتعمد منع مرافقيها من دخول غرفة العلاج، للاستفراد بضحيته، مقدما تبريرات واهية من قبيل ضمان العلاج الفعال. وداخل الغرفة، يتحول إلى وحش كاسر، في البداية يشرع في ترتيل ما حفظه من بعض آيات قرآنية، بعد أن يضع منديلا على رأس ضحيته، بحجة أنها من طقوس العلاج، وبعدها يشرع في التحرش بها، عبر مس أعضائها الحساسة والالتصاق، وفي حال نهرته إحداهن، يقوم بتخديرها، ويجردها من ملابسها ويمارس عليها الجنس، ويصور المشهد بكاميرا وضعها في الغرفة بطريقة احترافية. عندما تستعيد الضحية وعيها، تجد نفسها أمام ورطة كبيرة، إذ يعرض عليها بعض مشاهدها الجنسية، ويخيرها بين زيارته كلما طلب منها ممارسة الجنس، أو نشر الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي. بلغ عدد ضحاياه 15 امرأة وفتاة، يتحدرن من بركان وأحفير ووجدة، إذ عشن الأمرين معه، سيما أنه لم تكن لديهن الجرأة على البوح بما تعرضن له من استغلال جنسي من قبل المتهم، خوفا على حياتهن، وحفاظا على شرف عائلاتهن، الذي سيتلطخ في حال افتضح أمرهن. وبعد انتهاء التحقيق، أحيل المتهم على الوكيل العام للملك بوجدة، وخلال استنطاقه واعترافه بالمنسوب إليه، تبين أن الأفعال التي تورط فيها لا تدخل خانة جناية الاتجار في البشر، ليقرر إحالته على المحكمة الابتدائية ببركان من أجل الاختصاص. عرض المتهم على وكيل الملك ببركان، فأمر بإيداعه السجن بعد متابعته بالنصب والاحتيال والاغتصاب والعلاقة الجنسية غير الشرعية وحيازة صور مخلة بالحياء، وإحالته على قاضي التحقيق من أجل تعميق البحث في هذه النازلة المثيرة.