بعد الفضيحة الكارثية التي فجرتها النائبة الاتحادية ابتسام مراس، والمتعلقة بتلاعبات خطيرة بصحة المغاربة، أقدم رئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني، على إحالة ملف مسؤولين بوزارة الصحة على القضاء من أجل البث في هذه القضية التي استأثرت باهتمام الرأي العام الوطني. قرار رئيس الحكومة يأتي مباشرة بعد قرارات تقضي بعزل بعض المسؤولين بالوزارة المذكورة، إثر التحقيق الذي باشرته المفتشية العامة لوزارة أنس الدكالي وكشف عن تورط هؤلاء المسؤولين في أعمال منافية للقانون. وكانت مراس قد فجرت بتاريخ 25 أبريل من السنة الجارية، خلال اجتماع اللجنة المخصصة لدراسة موضوع السياسة الدوائية ومآل توصيات تقرير اللجنة الاستطلاعية البرلمانية حول أسعار الأدوية، فضائح مدوية داخل مديرية الأدوية والصيدلة بوزارة الصحة، وكشفت تلاعبات خطيرة تهدد صحة المغاربة، ووضعت وزير الصحة اناس الدكالي في حالة شرود، إذ لم يفلح في تقديم إجابات واضحة وملموسة حول ما تتخبط في ذات المديرية من فساد، ومن اختلالات كبيرة تطال السياسة الدوائية بالمغرب. وكشفت ابتسام مراس، كيف قام وزير الصحة أناس الدكالي في 11 أبريل 2018 بإلغاء المذكرة الصادرة عن مديرية الأدوية رقم 14 DNP/00 بتاريخ 12 فبراير 2015 لدراسة التكافؤ الحيوي و التي كانت تلغي المرسوم رقم 198-212-2الصادر عن رئيس الحكومة بتاريخ 12 يونيو 2012، معتبرة أن العمل بالمذكرة لمدة 3 سنوات و إلغاء مرسوم رئيس الحكومة، يشكل انتهاكا صارخا للفصل السادس من الدستور الذي ينبني على مبدأ التراتبية في النصوص التشريعية و التنظيمية ، و هو ما يجعل من الدوريات والمذكرات الوزارية أدنى مرتبة من المراسيم، و بالتالي لا يجوز دستوريا أن تلغى المراسيم بواسطة المذكرات، مشيرة إلى أنه تم إغفال هذا المبدأ كان يجب على الأقل احترام قاعدة توازي الشكليات التي تفرض عدم جواز إلغاء مرسوم بواسطة مذكرة، و تفرض بالمقابل أن يلغى مرسوم بواسطة مرسوم. وفيما يخص تدبير رخص العرض في السوق، أفادت ابتسام مراس، أن المرسوم الذي صدر سنة 2014 و شرع في تطبيقه سنة 2005، والقاضي بتحديد الفترة الزمنية لدراسة طلب رخص العرض في السوق ، ساهم في تجميد دراسة أكثر من 200 ملف التي كانت موضوعة قبل سنة 2015، حيث أفادت أن الادارة لم تكن ملزمة بفترة زمنية محددة، مشيرة إلى أنه بالنسبة للملفات المودعة ما بعد 2015 أعطيت فيها الأولوية للأدوية المستوردة على حساب الأدوية الجنيسة و الأدوية المصنعة محليا ، حيث نجد أن الرخص الادوية المستوردة أكثر و هذا يفسر انخفاض نسبة الادوية المصنعة محليا من 80 إلى 53 في المئة. كل هذه الخروقات وغيرها من الخروقات والاختلالات الخطيرة التي أشارت إليها ابتسام مراس عجلت بعزل مجموعة من المسؤولين بوزارة الصحة، فيما يرتقب أن تسفر الأبحاث القضائية عن سقوط رؤوس أخرى، والكشف عن خيوط القضية بالتفصيل.