حمزة سعود عدد من الأحياء الشعبية بالدارالبيضاء سجلت تزايدا مستمرا، خلال هذه السنة، في عدد الشباب الذين هاجروا بطريقة غير شرعية إلى الأراضي الأوربية.. من مدينة «إزمير» التركية تبدأ الرحلة، بعد مفاوضات مع مهربين، قصد العبور بحرا إلى جزيرة كوس اليونانية. مئات المهاجرين المغاربة علقوا مؤخرا في المدن اليونانية، بعد تشديد إجراءات مراقبة الحدود واعتماد سياسة جديدة تقضي بفرز اللاجئين الفارين من الصراع في سوريا والعراق وأفغانستان، فيما نشطت مجموعة من الشبكات في مجال تهجير المغاربة، مستفيدة من قاعدة من العملاء في كل من تركيا واليونان ودول أوربية أخرى. «الأخبار» وقفت على حجم المخاطر التي رافقت المهاجرين المغاربة إلى الأراضي الأوربية، وما صادفهم من حوادث مرتبطة باعتداءات وسرقة. في ما يلي مزيد من التفاصيل. من مطار محمد الخامس إلى تركيا ثم جزيرة كوس اليونانية، قبل استكمال الرحلة إلى دول أوربية أخرى.. مسار سلكه آلاف المغاربة في الآونة الأخيرة، للوصول إلى السويدوألمانيا حيث «النعيم» المفترض أو المتوقع لدى غالبية المهاجرين. سعيد، اسم مستعار لشاب قرر الهجرة إلى ألمانيا، في وقت سابق من هذه السنة. سعيد الذي أوشكت ثلاثينياته على الانتهاء، رأى في الهجرة إلى أوروبا حلا لمساعدة أسرته الصغيرة المكونة من أم وأب وثلاثة إخوة، بعدما ضاقت به السبل في المغرب، على حد تعبيره. قبل أن يستقل الطائرة التي ستقوده إلى تركيا، اقترض سعيد نصيبا من المال قيمته 30 ألف درهم.. الجزء الأكبر من هذا النصيب المالي سيؤدي به ثمن العبور بحرا من تركيا إلى جزيرة كوس اليونانية. الرحلة إلى تركيا عبر الطائرة، حسب سعيد، مرت في أحسن الظروف. نزل بمطار أتاتورك الدولي وتوجه رفقة مغاربة ومجموعة من اللاجئين السوريين إلى مدينة «إزمير» حيث الانطلاقة نحو جزيرة كوس اليونانية.. هناك يحكي سعيد عن حالات إنسانية من سوريا والعراق تعايش معها لبضع ساعات. في الطريق نحو مدينة «إزمير»، نقطة تلاقي المهاجرين غير الشرعيين، يسجل سعيد العديد من التنقلات بين الأحياء والمدن التركية. الأورو هو العملة المتداولة بين المهربين والمهاجرين غير الشرعيين. ثمن العبور من الأراضي التركية إلى جزيرة كوس اليونانية يتراوح بين 11 ألفا و8 آلاف درهم. بضعة أيام قضاها سعيد، بالأراضي التركية مع مهاجرين من جنسيات مختلفة، همهم الوحيد كان العبور نحو الأراضي الأوربية. منهم من قرر الهجرة اعتمادا على مراكب صغيرة دون الحاجة إلى خدمات المهربين، والخوض في مغامرة تحفها المخاطر. يقول سعيد إن ثمة مقهى شهيرا بمدينة «إزمير» التركية، يلتقي فيه المهربون والمهاجرون غير الشرعيين، ويتم التفاوض هناك حول التفاصيل الدقيقة للرحلات التي تنظم يوميا إلى جزيرة كوس اليونانية التي تبعد بضعة كيلومترات عن السواحل التركية. من أجل الوصول بحرا إلى السواحل اليونانية تفاوض سعيد مع مهرب مقابل 900 أورو، بحيث يصف سعيد حالة الاكتظاظ في الزورق المطاطي، الذي امتلأ بشباب ونساء ورجال وحتى الأطفال قائلا: « أبحرنا عند الغروب بدقائق معدودة. في الزورق «تكدس» أزيد من 35 مهاجرا من مختلف الجنسيات والأعمار.. بعض الأغطية والأفرشة أخذت حيزا داخل المركب. الأجواء كانت تزداد برودة مع الاقتراب من السواحل اليونانية. كان من بين المهاجرين 4 سوريين لا يجيدون السباحة. ورغم ارتدائهم لبدلات خاصة بالسباحة، كانت ملامح وجوههم تعبر عن حالة من الخوف والترقب». مع الوصول إلى السواحل اليونانية، تعالت أصوات الفرحة والاحتفال ببلوغ الأراضي الأوربية، كما يحكي سعيد عن دموع أذرفها مهندس سوري ترك أملاكه ومهامه بسوريا، وجاء إلى أوربا مع عائلته الصغيرة. بعدما تخلص من ملابس السباحة، بدأ سعيد رحلته بالأراضي الأوربية نحو ألمانيا من جزيرة كوس اليونانية. استقر لأسبوع في فندق مهجور بالجزيرة بمعية مهاجرين من جنسيات مختلفة، إلى حين حصوله على «تأشيرة» تمكنه من دخول الأراضي اليونانية. بعد حصوله على التأشيرة، سافر بحرا من جزيرة كوس اليونانية إلى العاصمة أثينا، قبل أن يستكمل الرحلة إلى ألمانيا بمعية بعض السوريين والمغاربة. حسب سعيد فالرحلة إلى ألمانيا كللت بالنجاح بمساعدة بعض المغاربة المقيمين بالدول الأوربية التي عبَر منها، فيما كلفه الوصول إلى ألمانيا حوالي 27 ألف درهم. سرقة بمدينة «إزمير» قبل خمسة أسابيع، تعرض 4 مهاجرين مغاربة لسرقة مبلغ مالي قدره 70 ألف درهم بمدينة «إزمير» التركية، بعد خلودهم إلى النوم ودخول عصابة إجرامية متخصصة في السطو خلسة إلى المنزل. حسب مصادر «الأخبار»، فالضحايا ينتمون إلى أحياء شعبية من مدينة الدارالبيضاء، وكان بحوزتهم مبلغ مالي يفوق 70 ألف درهم، جزء هام منه كان سيدفع ل«حراك» لقاء العبور إلى الأراضي اليونانية. البداية كانت بعد وصول المهاجرين الأربعة إلى مطار أتاتورك الدولي بإسطنبول. هنا قرر الشبان الأربعة التفاوض مباشرة مع «حراك» بعدما توجهوا إلى مدينة «إزمير» المعروفة كنقطة عبور للمهاجرين نحو الجزر اليونانية. اتفق المهاجرون الأربعة مع ال «حراك» حول تفاصيل العملية. أقنعهم هذا الأخير بضرورة المكوث لأسبوع في نزل إلى جانب مهاجرين آخرين، ودفع مبلغ مالي مقابل المبيت والأكل وخدمات أخرى تقدم للمهاجرين. بعد مرور ثلاثة أيام على إقامة المهاجرين المغاربة في هذا النزل، وبالضبط في ساعات متأخرة من الليل، تسلل أفراد عصابة متخصصة في السطو إلى المنزل وسرقوا مختلف الأمتعة والمبالغ المالية التي كانت بحوزة المهاجرين غير الشرعيين. صباح اليوم الموالي استيقظ المهاجرون المغاربة على وقع الصدمة، بعدما علموا بسرقة المبالغ المالية التي كانت بحوزتهم، والتي بواسطتها يمكنهم إتمام الطريق نحو الأراضي الأوربية. هنا جرى تبادل الاتهامات بين المهاجرين المغاربة وباقي المهاجرين حول ما حدث. فور حادث السرقة، اضطر المهاجرون الأربعة إلى بيع ما تبقى لديهم من أمتعة كالهواتف النقالة، وبعض الملابس، إلا أن ذلك لم يمكنهم من تأمين تكاليف الرحلة بحرا إلى جزيرة كوس اليونانية. حسب مصادر «الأخبار» فاستكمال المهاجرين المغاربة رحلتهم نحو الأراضي الأوربية بعد حادثة السرقة، كلف عائلاتهم أموالا إضافية جرى إرسالها إليهم عبر وسطاء، بحيث أرسلت هذه العائلات لأبنائها مبالغ تفوق 7 الاف درهم قصد العبور من «إزمير» التركية نحو الأراضي اليونانية. هجرة فاشلة» إلى أوربا عاد مجموعة من المهاجرين غير الشرعيين المغاربة ابتداء من الأسبوع الماضي، إلى أرض الوطن بعدما تم تشديد مراقبة عبور اللاجئين على الحدود بين عدد من الدول الأوربية خاصة بين اليونان ومقدونيا. وما زال عدد من المهاجرين المغاربة إلى جانب آخرين من جنسيات مختلفة، يقيمون ببعض الفنادق والغابات اليونانية على مقربة من الحدود المقدونية، في انتظار استكمال رحلتهم إلى باقي الدول الأوربية. وحسب مصادر "الأخبار"، فإن عددا من المهاجرين عَلِقُوا في الأراضي اليونانية دون توفرهم على المال الكافي لسد حاجياتهم اليومية، بحيث عجزوا عن تأمين مأوى ومأكل وعجزوا كذلك عن إيجاد فرصة عمل في بلد يعاني من تداعيات أزمة اقتصادية. وبدأ عدد من المهاجرين غير الشرعيين المغاربة العالقين في اليونان بطلب مبالغ مالية من عائلاتهم وأقاربهم قصد العودة إلى المغرب، بعدما استنفذوا جميع المبالغ المالية التي كانت بحوزتهم. وتخيم أجواء من التذمر والخيبة على مجموعة من المهاجرين غير الشرعيين المغاربة، بعدما فقدوا الأمل في استكمال الرحلة إلى باقي الأراضي الأوربية، إثر إغلاق مقدونيا لحدودها مع اليونان. مجموعة من الشبكات المتخصصة في تهجير المغاربة إلى الدول الأوربية، نشطت في عدد من المدن المغربية لهذا الغرض، بحيث نظمت هذه الشبكات رحلات نحو البلدان الأوربية، بمبالغ مالية تصل إلى 25 ألف درهم. وكانت أحياء شعبية بالدارالبيضاء وآسفي على وجه الخصوص بالإضافة إلى مدن مغربية أخرى، قد عرفت هجرة مجموعة من الشباب نحو الأراضي الأوربية مرورا بتركيا. وحسب مصادر مطلعة، فعدد من المهاجرين غير الشرعيين المغاربة عادوا إلى أرض الوطن بعدما استنفذوا مبالغ مالية تتجاوز 50 ألف درهم للفرد الواحد. أرقام لا بد منها وفقا لأرقام رسمية صادرة عن المكتب الاتحادي للاجئين والهجرة، فإن السوريين شكلوا النسبة الأكبر لعدد طالبي اللجوء في ألمانيا بنسبة تجاوزت 22 في المائة، ضمنهم مغاربة "تحولوا" إلى سوريين قصد الاستفادة من الإقامة بالبلد الأوربي المذكور. وتشير الأرقام الصادرة عن المكتب الاتحادي الألماني إلى أن طالبي اللجوء بألمانيا تتوزع جنسياتهم بين القادمين من صربيا وإريتيريا وباكستان والعراق وأفغانستان بالإضافة إلى دول أخرى منها المغرب. وأعلنت المنظمة الدولية للهجرة أن عدد المهاجرين واللاجئين الذين يصلون إلى اليونان بات في تراجع مستمر بعدما تم تشديد إجراءات العبور بين حدود الدول الأوربية. وحاول مئات المهاجرين غير الشرعيين المغاربة، خلال الأسبوعين الماضيين، العبور نحو الأراضي المقدونية بعد أن عمدوا إلى قطع جزء من الأسلاك الشائكة عند المعبر الحدودي بين مقدونيا واليونان. وكان المئات من المغاربة ضمن 1500 مهاجر آخرين من جنسيات مختلفة، قد علقوا في الأراضي اليونانية على الحدود مع مقدونيا، بعدما تم اعتماد سياسة جديدة من طرف مجموعة من الدول الأوربية تقضي بفرز اللاجئين الفارين فقط من الصراع في سوريا والعراق وأفغانستان. رحلات المهاجرين المغاربة وثقت أشرطة فيديو وبعض الصور على صفحات «الفيسبوك» وعلى «اليوتيوب»، تفاصيل رحلات الهجرة غير الشرعية من المغرب إلى ألمانيا، ويظهر فيها شباب مغاربة على متن قوارب مطاطية تعبر بهم من السواحل التركية إلى جزيرة كوس اليونانية. وتظهر مجموعة من الفيديوهات التي تم التقاطها من طرف مهاجرين غير شرعيين تفاصيل عن الرحلات التي تنطلق من سواحل مدينة «إزمير» التركية وتصل الجزر اليونانية. وتنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي أشرطة مصورة، يقدم من خلالها بعض المهاجرين غير الشرعيين شرحا تفسيريا يتضمن مختلف الطرق والأساليب التي تمكن من الوصول إلى الأراضي الألمانية، انطلاقا من تركيا مرورا باليونان ومقدونيا وصربيا وهنغاريا والنمسا، ودول أوربية أخرى. ويوجه مجموعة من المهاجرين غير الشرعيين من خلال بعض الفيديوهات، رسائل ودعوات إلى المقبلين على الهجرة غير الشرعية إلى ألمانيا لثنيهم عن محاولة الهجرة إلى الأراضي الأوربية بسبب الصعوبات والمخاطر التي تختزنها الطريق إلى هناك. وينشر عدد من المهاجرين غير الشرعيين فيديوهات وصورا، بمواقع التواصل الاجتماعي، توثق رحلتهم من المغرب إلى الأراضي الألمانية، مع توضيح تفاصيل دقيقة عن أهم الصعوبات التي تعترض المهاجرين بين حدود الدول الأوربية. وتشير بعض الفيديوهات إلى ظروف «غير إنسانية» يعيشها المهاجرون غير الشرعيين المغاربة باليونان، في انتظار استكمال رحلتهم نحو باقي الأراضي الأوربية، فيما توثق أشرطة أخرى لاعتداءات على المهاجرين من طرف أمن الحدود. قبل الوصول إلى الأراضي الأوربية، يعمد غالبية المهاجرين غير الشرعيين المغاربة، إلى تمزيق جوازات سفرهم أو التخلص منها ليصبحوا بمثابة لاجئين سوريين قصد الإقامة في إحدى البلدان الأوربية، ما قد يخلق عددا من الصعوبات في حالة اختيارهم العودة إلى المغرب. وتشير تقارير صحافية إلى ارتفاع معدلات الاعتداءات التي تطول المهاجرين غير الشرعيين في مقدونيا بشكل خاص، بحيث جرى مؤخرا احتجاز مهاجرين والمطالبة بفدية مقابل الإفراج عنهم. وبحسب عدد من المصادر، فإن مجموعة من المهاجرين غير الشرعيين المغاربة العالقين في اليونان بدؤوا بالعودة إلى المغرب بعدما تعذرت عليهم مواصلة الرحلة إلى باقي الدول الأوربية أو إيجاد عمل هناك.