كان يوم 18 فبراير 2009 ، يوم اعتقال شكيب الخياري رئيس جمعية الريف لحقوق الإنسان بالناظور بتهمة تقاضيه عمولات من جهات أجنبية مقابل قيامه بحملة إعلامية ترمي إلى تسفيه الجهود التي تقوم بها السلطات المغربية في مجال محاربة ترويج المخدرات والتقليل من جديتها و تركيز حملته الإعلامية ضد تجار المخدرات على شبكات ترويجها بمدينة الناظور وحدها وعدم تناول شبكات زراعة المخدرات والاتجار بها بمنطقة كتامة ، بداية ساخنة لظهور خبايا حرب كانت خفية للأجهزة المخابراتية الإسبانية و المغربية ، من خلال شروع مصالح هذه الأخيرة في عملية البحث والتحقيق حول تأشيرات الدخول إلى الديار الإسبانية التي تسلمها القنصلية الإسبانية بالناظور، بعد أن أصبحت تحوم حولها العديد من الشبهات ، و كذا احتمال ارتباطها ببعض العناصر سواء المتهمة في شبكة الاتجار الدولي في المخدرات أو المعتقلة بقضية العلاقات المشبوهة مع جهات أجنبية لأغراض مخابراتية ، الشيء الذي جعل المصالح المختصة تتتبع خطوات بعض المشتبه في تعاملهم مع جهات أجنبية سواء كانت مخابراتية أو مدنية لديها أهداف تخريبية أو معادية للمغرب مقابل عمولات مالية ، وينشط أفرادها في جهة الشمال. وتأتي هذه المستجدات بعد أن اعتقلت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية رئيس جمعية الريف لحقوق الإنسان بالناظور و المعتقل حاليا بسجن عكاشة بالدار البيضاء و كذا رئيس جمعية كتامة للتنمية و البيئة والثقافة وثلاثة أعضاء آخرين ينتسبون لهذه الأخيرة ، للتحقيق معهم في موضوع تعاملهم مع جهات أجنبية ضدا على مصالح بلدهم المغرب ، ثم تطورت الأحداث لتتداول وسائل الإعلام المكتوبة و الإلكترونية خبر إعفاء مدير المديرية الجهوية للدراسات والمستندات (لادجيد) بمنطقة الريف من مهامه، وإلحاقه بمقرها العام بالرباط في انتظار البت في ملفه ، وعين بدله ضابط برتبة ليوتنان كولونيل ، مديرا جهويا للجهاز بمنطقة الريف و الذي سبق له أن اشتغل في تمثيلية (لادجيد) بإسبانيا ، ويأتي تعيين ياسين المنصوري المدير العام ل لادجيد لهذا الأخير على رأس المخابرات المغربية بالريف عقب تفكيك شبكة التهريب و الاتجار الدولي في المخدرات بالناظور والكشف عن تزايد النشاط المخابراتي الأجنبي بالمنطقة ، خاصة منهم الإسبان ، إضافة إلى احتمال وجود تقصير من طرف ممثل (لادجيد) في مكافحة التجسس و شكوك حول نجاح جهات أجنبية في تجنيد عملاء من أبناء المنطقة، هذا بعد أن حل فريق من جهاز ياسين المنصوري بالناظور للتحقيق في سرية تامة مع مجموعة من الأفراد و الشخصيات في الموضوع. وفي هذا الإطار ، تساءلت جهات جمعوية وحقوقية عن أسباب إيقاف التحقيقات في ملف شبكة العملاء لجهة أجنبية ، و في المقابل استنكرت بعض الجمعيات والمنظمات الحقوقية الاتهامات الموجهة إلى شكيب الخياري . و ينفي مقربون من هذا الأخير الاتهامات الموجهة إليه، ويطالبون بالكشف عن الأدلة التي تثبت تلقيه عمولات من جهة أجنبية مقابل تسفيه المجهودات المغربية لمكافحة تهريب المخدرات و زراعة القنب الهندي. وحسب مصادر إعلامية ، فإن قرار تعيين المسؤول الجديد عن المخابرات المغربية بالمنطقة ، قد اتخذ قبل تفكيك شبكة المخدرات، عقب التغييرات التي قامت بها الجارة الإسبانية في قنصليتها بالناظور، من خلال تكليف ملحق عسكري يسمى إيغناسيو، خلفا للكولونيل خوسي لويس ، الذي كانت تحركاته بالمنطقة تثير الكثير من الغموض و الشبهات. و في هذا الصدد ذكرت يومية (الباييس) في عددها ليوم الأحد 8 مارس الجاري ، أن الإدارة العامة للمخابرات الإسبانية بمدريد طلبت الأربعاء الماضي 4 مارس 2009 من مدير مخابراتها بالناظور و العامل بالقنصلية الإسبانية بالمدينة بوقف كل أنشطته وأعماله الظاهرة والخفية . وحسب صحيفة الباييس فإن إقالة العميل الاسباني جاءت بناء على طلب من المغرب لاتهام هذا الأخير بتمويل عناصر و جمعيات من أبناء المنطقة قصد تشويه سمعة المغرب خصوصا في حملته الشرسة ضد مافيا التهريب والاتجار الدولي في المخدرات . وتعتبر مدريد المغرب قاعدة خلفية كبيرة للتهديدات خاصة في ما يتعلق بالارهاب والمخدرات والهجرة السرية ، والواقع أن اسبانيا تريد أن ترسخ هذه الادعاءات لاستعمالها كورقة ضغط ضد المغرب الذي يتعاون بشكل وثيق مع اسبانيا في مجالي الهجرة ومكافحة الارهاب كما يدل على ذلك الانخفاض الكبير لعدد من ينطلقون الى اسبانيا من المغرب وكذلك التعاون الأمني والاعتقالات والتحقيقات المتبادلة بين البلدين للمتورطين في قضايا الارهاب سواء في المغرب أو في اسبانيا.